الوقت- لقد تحسنت العلاقات الاقتصادية بين إيران ودول الاتحاد الأوروبي خلال الفترة التي تلت الاتفاق النووي وخاصة بعد رفع العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضه عليها و إلغاء جميع قرارات مجلس الأمن وهنا لا ينبغي تجاهل الدور الإيجابي الذي لعبته إيران في المنطقة بعد هذا الاتفاق النووي، فضلا عن تأثيرها على الجهات الفاعلة الأوروبية، وهو الموضوع قد أشار إليه السيد "عباس عراقجي"، نائب وزير الخارجية ووزير الشؤون القانونية قبل أيام قليلة.
الترابط الأمني في المنطقة والهدوء الأوروبي
صرح مساعد وزير الخارجية للشئون القانونية الإيراني قبل عدة أيام في ندوة حول "التوجهات التسليحية والأمنية في منطقة غرب آسيا"، حيث أشار في هذه الندوة إلى أن الأوروبيين توصلوا إلى استنتاج مفاده أن الاتفاق النووي له تأثير إيجابي على أمن تلك الدول، حيث قال :"أن بعض الناس يعتقدون أن سبب دعم الأوروبيين للاتفاق النووي هو من اجل تحقيق بعض المكاسب الاقتصادية ولكن اعتقادهم هذا خاطئ.
وأضاف "عراقجي"، قائلا: "أذا نظرتم إلى البيان الأخير الذي صدر عن مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي، فإنكم سترون بأن هذا البيان اكد على العلاقة الوطيدة بين الاتفاق النووي والأمن في أوروبا". انهم (الأوروبيون) يعلمون جيداً انه بدون الاتفاق النووي، لن تكون المنطقة آمنه كما كانت من قبل وسوف تكون هناك الكثير من الأزمات في المنطقة التي سيكون لها تأثير عليهم".
الجدير بالذكر هنا أن وزراء الاتحاد الأوروبي اصدروا في شهر نوفمبر من العام الماضي في نهاية اجتماعهم بياناً، اكدوا فيه على أهمية دور إيران الإقليمي للدول الأوروبية ولقد نصت الفقرة 9 من هذا البيان على أن "المجلس الأوروبي يعرب عن قلقه إزاء زيادة التوترات في المنطقة ويدعم كل تلك الطرق التي تساهم في إيجاد محيط إقليمي بَناء. أن إيران تلعب دوراً إقليمياً هاماً في المنطقة ومن المهم جدا أن يتخذ هذا البلد خطوات ملموسة وبناءة لتحسين الأوضاع في المنطقة وجعلها اكثر أماناً". وهنا يجب على الاتحاد الأوروبي أن يعلم بأن إيران تعتبر واحدة من أهم الدول التي عملت على مكافحة الجماعات الإرهابية في المنطقة ولا سيما تنظيم "داعش" الإرهابي واستطاعت في نهاية المطاف أن تقضي على هذه الجماعة التكفيرية في العراق وسوريا. وتجدر الإشارة هنا، انه أن لم يكن لدى إيران أي استقرار سياسي داخلي ولا قدرة عسكرية تمكنها من التعامل ومحاربة تنظيم داعش، فإن مقاتلي داعش كانوا بدون شك قادرين على شن الكثير من الهجمات الإرهابية ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط وإنما أيضا في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الدول الأوروبية. وهذا ما شهدناه خلال الفترة السابقة عندما شن هذا التنظيم الإرهابي الكثير من هجماته الإرهابية على مختلف بلدان القارة الخضراء. وذلك فإن بلدان القارة الخضراء، ولا سيما أعضاء الاتحاد الأوروبي ومجموعة "5+1"، تدرك حاليا أهمية الدور الذي تقوم به إيران وأهمية مكانتها الإقليمية في المنطقة ولهذا فإنها تبذل جهداً كبيراً لمواصلة دعم الاتفاق النووي لتشجيع "طهران" على الاستمرار في مواجهة الإرهابيين في المنطقة.
إيران وأوروبا؛ التعاون والدعم المزدوج
لقد باتت العلاقات بين إيران والدول الأوروبية واضحة وجلية خاصة بعد الفترة التي تلت الاتفاق النووي، حيث اعتمد البرلمان الأوروبي القرار المتعلق بتحسين وتطبيع العلاقات مع إيران بأغلبية 456 صوتا موافق مقابل 174 صوتا مخالف وهذا القرار وهذه الوثيقة الاستراتيجية سوف تفتح فصلاً جديداً من العلاقات بين طهران وبروكسل. ومن المؤشرات الأخرى التي تؤكد بأن الدول الأوروبية تسعى إلى تحسين وتطوير علاقاتها مع إيران هي "المحادثات الرفيعة المستوى" التي تم الاتفاق على عقدها كل ستة أشهر والتي ستساعد إلى حد كبير على إيجاد حيز للتفاوض وتوسيع العلاقات الثنائية في مختلف المجالات.
الجدير بالذكر هنا، أن الجولة الأخيرة من هذه المحادثات الرفيعة المستوى قد عقدت يوم الثلاثاء الموافق 21 نوفمبر حول "التعاون النووي: التطورات والآفاق" في مدينة "أصفهان" الإيرانية ولقد خلقت هذه المحادثات فرصة لكلى الجانبين لمناقشة القضايا النووية والغير نووية وخلال هذا الجولة من المحادثات قدم الاتحاد الأوروبي مبلغ 20 مليون يورو للسلطات الإيرانية لكي تقوم بتطوير الطاقة النووية الآمنة في إيران.
ومن ناحية أخرى، تحدثت "فيدريكا موغرينيني"، مديرة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، عن ضرورة التمسك بالاتفاق النووي وذلك من اجل مواجهة الأطماع الأمريكية. الجدير بالذكر هنا أن السياسيين الآخرين تحدثوا بنفس هذا النمط واعربوا عن تمسكهم بالاتفاق النووي فعلى سبيل المثال، صرحت "هيلجا شميدت" الأمينة العامه لدائرة الخدمات الخارجية في الاتحاد الأوروبي والتي سافرت إلى طهران على رأس وفد رفيع المستوى للمشاركة في الجولة الثالثة من المحادثات السياسية بين إيران والاتحاد الأوروبي، مرة أخرى على دعم الدول الأوروبية للاتفاق النووي.
وأكد نائب رئيس الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية في اجتماعه مع وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف"، على أن "الاتفاق النووي هو اتفاق دولي ويتعين على الجميع تنفيذه وتنفيذ التذييل الثالث منه ويجب أن يكون الجميع ملتزمين بهذا الاتفاق النووي وينبغي رفع العقوبات المفروضة على إيران وهذا الأمر لا رجعة فيه وأشار قائلا: لقد أثبتنا أن للدبلوماسية نتائج إيجابية". ومن ناحية اخرى رفضت السيدة "شميد" إعادة المفاوضات حول الاتفاق النووي وذلك لان التقارير التسعة التي قدمتها الوكالة، أكدت على التزام إيران ببنود الاتفاق النووي.
يذكر أن موضوع إعادة التفاوض فيما يخص الاتفاق النووي، أثاره الرئيس الأمريكي وحلفاءه الإقليميين في المنطقة والكونغرس الأمريكي قبل عدة اشهر ولكن الأطراف الأخرى المرتبطة بهذا الاتفاق لم تقبل إعادة المفاوضات وذلك لان إيران كانت ملتزمه بجميع بنود الاتفاق النووي وقد يؤدى هذا التوتر إلى اتخاذ الكونغرس الأمريكي قرار نهائي بالخروج من هذا الاتفاق، بيد انه من المتوقع أن تواصل إيران وسائر أعضاء هذه الاتفاقية، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، تنفيذ الاتفاقيات ووثائق التعاون الموقعة في مختلف المجالات.