الوقت - في الوقت الذي فضّلت فيه طهران عدم الرد على ادعاءات ولي العهد السعودي التي صرّح بها إلى صحيفةٍ أمريكية؛ أتاه الرّد من ناشطين ألمان أضاؤوا جدران السفارة السعودية ببرلين عبر تقنية "الإسقاط الضوئي" بصورة محمد بن سلمان على شكل هتلر، وكتب عليه بالضوء "محمد بن سلمان ديكتاتور".
الحديث هنا لا يدور عن ترهات بن سلمان، أو حتى ادعاءات رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي، لكن الأهم وبحسب مراقبين هو تلاقي تصريحات ولي عهد مملكة آل سعود محمد بن سلمان، مع تصريحات رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فيما يخصّ مختلف قضايا الشرق الأوسط، ولا سيما دول حلف الممانعة.
تفاهم الأصداقاء
ما إن تُصدر تل أبيب تصريح مسيء وخاصةً للجمهورية الإسلامية في إيران؛ حتى يتردد صداه في الرياض، والعكس بالعكس، آخر تلك التصريحات كان ما تفوّه به ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي قال إنّ الأمر يتطلب مواجهة نزعة التوسع الإيرانية"، تصريح الأمير السعودي تردد صداه بدايةً على لسان وزير الاتصالات الإسرائيلي "أيوب قرا" الذي طالب العالم بالاتحاد بسرعة لوقف ما وصفه "بالهولوكوست الجديد" الذي بدأ في سوريا، غامزاً إلى إيران، حيث قال: "لن نعرف أبداً أين سيتوقف إذا لم نتصرف على الفور وبعزم" بحسب زعمه.
وبعد "أيوب قرا" ارتفعت مستويات تأييد بن سلمان بين مسؤولي الكيان، ليخرج بالأمس (الأحد 3 ديسمبر) رئيس وزراء الكيان وفي خطابٍ مسجل أُذيع بمنتدى "سابان" بالولايات المتحدة مهاجماً إيران مقارناٌ إيّاها بـ "ألمانيا النازية"، مضيفاً " لدى إيران تعهد وحشي لقتل اليهود" حسب زعمه.
مراقبون وخبراء أكدوا أنّ العلاقات السعودية الإسرائيلية، أخذت ومنذ تولي بن سلمان ولاية العهد منحناً جديداً، لتبدأ العلاقات السعودية الإسرائيلية تظهر إلى العلن شيئاً فشياً، ولعلّ من أبرز تحوّلات تلك العلاقة كانت مع الزيارات المتكررة للضابط السعودي "أنور عشقي" إلى الكيان الإسرائيلي، ومن ثم التحيّة الحارة من الأمير السعودي ورئيس الاستخبارات السعودية السابق تركي الفيصل لمدير جهاز "الموساد" الإسرائيلي السابق إفرايم هليفي، إضافة إلى إسرائيليين آخرين، وذلك خلال مشاركته في مؤتمر نظمه منتدى سياسة إسرائيل ومركز الأمن الأمريكي الجديد ومركز قادة من أجل أمن إسرائيل، في ولاية نيويورك.
رجوج الحرب
بعد تقلد ولي العهد الصغير مقاليد الحكم، وتحكمه بأغلب مفاتيح المملكة السعودية؛ ظهر إلى العلن تحالف ثلاثي جمع "محمد بن سلمان، بنيامين نتنياهو وجاريد كوشنر"، هدفه وكما يقول الصحفي الأمريكي "توماس فريدمان" في مقالةٍ له بنيويورك تايمز: "تحريض أمريكي إسرائيلي دفع بن سلمان نحو الدخول في آتون حرب في المنطقة، سواء كان ذلك داخلياً من خلال صراع العروش على الكرسي عبر المذابح المتتالية لأعضاء الأسرة المالكة، أو خارجياً عن طريق التصعيد مع طهران عبر بوابة لبنان واليمن".
الرأي الذي ذهب له فريدمان أيّده المسؤول السابق في الإدارة الأمريكية "دوف زاخيم" الذي أكد في مقابلة مع الـ "فورين بولسي" على أنّ "الثلاثي" يخططون لأمر ما، وأضافت الصحيفة نقلاً عن زاخيم أنّ بن سلمان حتى وإنّ لم يضع قدمه في حتى الآن في مجمع "هاكيرا" ومقر وزارة الدفاع الإسرائيلية، فلا مجال للشك أنه فتح علاقات واسعة مع الإسرائيليين الذين ينظرون إلى تهديد إيران بالطريقة التي يراها ذاتها.
تلك التصريحات رافقها الكثير من التقارير التي أكدت بمجملها زيارة بن سلمان للكيان الإسرائيلي بالفعل، الأمر الذي ردّه مراقبون إلى أنّ الإسرائيليون يتعجلون التطبيع مع المملكة السعودية، والحجّة هي إيران، لتبدأ دولة الكيان بالعمل على "الإيرانوفوبيا"، حيث أنّ الفرصة هذه الأيام باتت مواتيةً، بالإضافة لاشتعال المنطقة بالحروب بحسب مراقبين؛ وهي فرصة لن تتكرر بالنسبة لإسرائيل، وذلك بهدف تبرير التحالف مع الإسرائيليين بشكل علني بعد أن كان سريّاً.
خلاصة القول؛ سيواصل كلٌّ من الكيان الإسرائيلي والمملكة العربية السعودية سعيهما إلى التطبيع، وسيرافقه وبنفس الزخم كمٌّ كبير من التصريحات الخلبيّة، بالإضافة إلى الضخٍّ المذهبي الذي يهدف بمجمله إلى التخويف من إيران، وذلك بهدف خلق حالة من التعاطف بين من قبل الجمهور المتلقي لتلك التصريحات، ليكون الهدف النهائي لتلك التصريحات هو الخروج بالعلاقات السعودية الإسرائيلية من مرحلة السريّة إلى العلن، وطبعاً سيكون مبررها الوقوف بوجه المشروع الإيراني.