الوقت- تواردت الأنباء من البحرين عن حدوث تدهور خطير في صحة المرجع الديني الكبير سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم، الخاضع للإقامة الجبرية بمنزله في الدراز منذ 18 شهرا، في الوقت الذي مازالت السلطات البحرينية ترفض توصيات الاطباء بنقل سماحته الى المستشفى لتلقي العلاج اللازم. في مشهد رآه البعض حكما بالموت البطيء لأبرز خصوم آل خليفة السياسيين، وأهم المرجعيات الدينية في البلاد. للإطمئنان على أوضاع الشيخ قاسم، والوقوف عند تفاصيل ما يحصل وما يمكن أن يخلّفه من تداعيات على مستقبل البحرين، في ظلّ استمرار التظاهرات، كان لموقع الوقت الإخباري اتصال هاتفي مع القيادي في جمعية العمل الاسلامي الدكتور راشد الراشد، جاء في تفاصيله:
الوقت: سمعنا أن آية الله عيسى قاسم يعاني من تدهور صحيّ خطير، هل بإمكانكم إطلاعنا على آخر تطورات أوضاعه الصحيّة؟
الراشد: "من الطبيعي أنه يحتاج سماحة الشيخ إلى رعاية طبيّة باعتبار أنه رجل دخل العقد الثامن من عمره، عمره 75 سنة، فما بالك أيضا أن سماحته قبل فترة دخل المستشفى وأجريت له عمليات جراحية في القلب. الآن حسب ما نقل أهله في الداخل، يعاني، بالإضافة إلى الأمراض الطبيعية للتقدّم في السن، من نزيف معوي داخلي بالإضافة إلى توسّع دائرة الفتق. تم التواصل مع أطباء في داخل البحرين، وهم مستعدّون لتقديم الخدمات والكشف على الوضع الصحي لسماحته ومعالجته، لكننا نصطدم بإصرار السلطة على رفضها تلقي سماحة الشيخ العلاج المطلوب. فهم لا يسمحون للأطباء بأن يدخلوا بيته، ولا يسمحون أيضا بنقله إلى المستشفى، الأطباء ممن يعلمون بحالة الشيخ الصحية، وحتى الطبيب الذي سمحت له السلطة بالكشف على سماحته، قال بأن أوضاعه بحاجة إلى الرعاية الطبية في المستشفى. وقد أطلقت كل قوى المعارضة وأهل سماحته نداءات بأن يتم السماح لطواقم طبية بمعالجته، وهناك مجموعة من الأطباء داخل البحرين أعلنوا عن استعدادهم للقيام بما يلزم لمتابعة وضعه الصحي، لكننا اليوم أمام إصرار غير مبرّر من قبل السلطة، في مواجهة رجل متقدم في السن، ويفيد أهله أنه خسر أكثر من نصف وزنه، وهو في حالة خطر حقيقية إذا لم يتلقّى العلاج بأسرع وقت ممكن."
وتابع الدكتور الراشد: "أهل سماحة الشيخ وجهوا نداء إلى المجتمع الدولي، ومنظمات كأطباء بلا حدود والصليب الأحمر، بأن يبذلوا جهودا لإرسال فريق طبّي للوقوف على حالة الشيخ. والواضح عدم وجود مشكلة من حيث استعداد أطباء من شباب وبنات في البحرين، أن يقدموا ما يلزم لسماحته، وهو الرمز الأكبر لشعب البحرين، من خدمات طبيّة وعلاجية لازمة، ولكن السلطة تمنع وصول الأطباء للمنزل. وخلال اليومين الماضيين هناك مواجهات دامية في المنطقة، السلطة بدل السماح لفريق من الأطباء بالذهاب لمعاينة أوضاع الشيخ الصحية ومراقبته، أرسلت قوّات من المرتزقة أغرقوا منطقة الدراز بمسيّلات الدموع وتحوّلت كل المنطقة إلى ثكنة من المطاردات ومسيلات الدموع والغازات. في الحقيقة إن النظام يقامر عبر هذا الإستهتار بالرمز البحريني ويقود وضع البلاد إلى المجهول."
الوقت: كما تفضّلتم، يعمل النظام البحريني على الحيلولة دون علاج الشيخ، ما هو هدفه من ذلك؟ وهل يمكن القول أنه يعمل على اغتيال سماحته بشكل بطيء؟
الراشد: "النظام لديه عقدة من الشعبية الكاسحة لسماحة الشيخ في الداخل والخارج، في وقت لا يحظى الملك حمد ديكتاتور هذا النظام بهذه الشعبية. وهي حالة انتقام شخصية للديكتاتور حمد من شخص الشيخ باعتباره طلب منه أن يعتذر ويطلب من الناس العودة إلى المنازل، وهذا ما لم ولن يفعله سماحة الشيخ، ومن المستحيل أن يقف أمام حركة الناس ومطالباتهم بحقوقهم. وإن النظام يريد أن يقول للداخل والخارج أنه يمسك بزمام الأمور، وأن الأوضاع تحت السيطرة، ويريد من خلال ذلك أيضا أن يفرض هيبته، ليُظهر وكأنه نظام لا تجري الأمور في البحرين إلا وفق مشيأته وقراره، وحتى لو كان ذلك يطال قامة كبيرة كسماحة الشيخ عيسى قاسم."
الوقت: إذا سلّمنا أن النظام البحريني يعمل على برنامج كهذا، ما الخطوات التي سيتّبعها البحرينيّون للحيلولة دون ذلك، والحفاظ على صحّة الشيخ وعلاجه؟
الراشد: "من جهة الشعب البحريني في الداخل والخارج، هناك محاولات جادّة، الناس لا يمتلكون جيوشا وليسوا في وارد أن يكونوا بدل مؤسسات الدولة. يريدون القيام بدورهم الإنساني، بحق عالم كبير من علماء الدين، ورمز كبير من الرموز، يريدون تقديم ما يحتاجه كإنسان في سنّ كهذا، كالرّعاية الطبية والصحيّة، وأن لا تصبح صحّته ورقة سياسية، كما يفعل النظام للضغط على المعارضة لتقديم تنازلات والتخلي عن حقوقها وحريّاتها. سيستمرّ ضغط الناس، كما شهدنا في اليومين الماضيين، من تظاهرات وحضور شبابي ونسائي، تحت مطلب واحد وهو رفع الحجز والحصار عن سماحة الشيخ."
وأضاف: "المعارضة لا تطالب الحكومة، والديكتاتور الحاكم في البحرين، بتقديم أي رعاية للشيخ، هناك من المتطوّعين ما يكفي من داخل البحرين وخارجه، مستعدّين أن يوفّروا لسماحته الرعاية الطبية المطلوبة. ولكن تعنّت السلطة لأغراض سياسية وإقحام مسألة إنسانية، في موضوع الصراع السياسي في البحرين أوصلنا إلى ما نحن فيه اليوم."
وأردف قائلا: "هناك العشرات من الأطباء مستعدّون، لكن النظام كما يمنع مفوّضي مجلس حقوق الإنسان، ويمنع المراقب الدولي من زيارة البحرين، يمنع الأطباء أيضا. يحذر النظام الإقتراب من منزل الشيخ، كأن هذا الرجل الطاعن في السنّ يملك جيوشا ودبابات ومعدات ثقيلة وآليات ومدرّعات وليس شيخا كبيرا يعاني من ضعف جسدي كبير. بينما يستنفر النظام حول منزل سماحته ويمنع، حتى أولاده وبناته المتزوّجين الذي لا يسكنون معه، من الدخول إلى منزل والدهم لتفقّد أحواله، إلا مع الإبتزاز والإهانة والتفتيش المذلّ. فكيف يمكن أن يسمح لفريق من الأطبّاء أن يأتي ليقوم بإجراء الكشوفات وأخذ التحاليل المتعلّقة بالملف الصحّي لسماحته."
الوقت: لا قدّر الله، إذا أصاب فضيلة الشيخ مكروها، كيف سيكون ردّ الشارع البحريني؟
الراشد: "ربّما من خلال أحداث الليلتين الماضيتين، عندما هبّ الناس بالخروج لكسر هذا الحصار، وسقط عدد من الجرحى البارحة في المنطقة المحيطة التي تحوّلت إلى ثكنة بوليسية، لتمنع وصول أي إنسان حتى لتفقّد أحوال الشيخ البسيطة، إذا لا سمح الله جرى لسماحته أي مكروه، كل قوات المعارضة السياسية تحمّل رأس النظام الطاغية حمد بن سلمان آل خليفة كامل المسؤولية عن ما يجري لسماحة الشيخ. ومن المتوقّع أن يكون ذلك منعطفا خطيرا يقود البحرين إلى المجهول. في ظلّ تعنّت السلطة مع قامة كبيرة في البلاد لا أحد يستطيع أن يتنبأ بما يمكن أن يحصل أو يحدث فيما لو لا سمح الله حدث مكروه لسماحته."