الوقت- استعرت خلال الأيام الماضية حربُ أعصاب بين مسؤولي حركة الجهاد الاسلامي الفلسطينية وقادة جيش الاحتلال الاسرائيلي، وبدت نار الرغبة في الإنتقام جليّة في توعّدات مسؤولي "الجهاد" لمقتل 12 قيادياً وناشطاً من ذراعها العسكرية "سرايا القدس" و"كتائب القسام" الذراع العسكرية لحركة حماس.
وجاء الردّ الفلسطيني على تهديدات قادة الاحتلال وحلفائه من قبل القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، خضر حبيب، الذي انتقد التصريحات التي أدلى بها المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط "جيسون غرينبلات" والتي حذّر فيها الجهاد الإسلامي من الرد على استهداف نفق المقاومة نهاية شهر أكتوبر الماضي شرق دير البلح.
وتابع القيادي في حركة الجهاد، في تصريح لـ"فلسطين الآن"، اليوم الثلاثاء: إن حركته تحتفظ بحق الرد على أي عدوان بما في ذلك حقها في الرد على جريمة العدوان على نفق المقاومة، مضيفاً "عندما نقرر الرد لن نلتفت لمثل هذه التهديدات العنصرية".
وبشأن تورط واشنطن مع تل أبيب في الحرب الظالمة على الشعب الفلسطيني، قال حبيب، أن الإدارة الأمريكية مشاركة جنباً الى جنب مع الاحتلال الإسرائيلي، معتبراً إياها منحازة بشكل كامل مع الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني.
موقف القيادي في حركة الجهاد الاسلامي جاء بعد أن استنكر صمت السلطة الفلسطينية تجاه اعتداءات الاحتلال المتكررة ضد الشعب الفلسطيني والتزامها الحياد، في الوقت الذي يهدّد فيه الإحتلال قطاع غزة صباح مساء.
يشار الى ان المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط حذّر حركة الجهاد الإسلامي من الرد على استهداف قوات الاحتلال لنفق تابع للمقاومة الفلسطينية، قائلاً: إن الأعمال والاستفزاز ضد إسرائيل تضر بسكان غزة.
وفي تصعيد آخر من قبل "تل أبيب" اعتقل جيش الاحتلال الإسرائيلي يوم أمس الاثنين القيادي في "الجهاد الاسلامي" طارق قعدان (47 سنة)، الذي سبق أن أمضى سنوات في السجون الإسرائيلية بسبب اتهامه بأنه أحد قياديي الحركة البارزين في محافظة جنين، أحد معاقل "الجهاد الإسلامي" في الضفة الغربية، في إطار حملة مداهمات أدت إلى اعتقال 14 فلسطينياً في أنحاء الضفة الغربية.
وبعد أن روّجت تل أبيب لنفسها أنها منتصرة على حركة الجهاد الاسلامي (قوات المقاومة الفلسطينية الفاعلة على الأرض)، عبّر قادة الحركة وكوادرها عن غضبهم والغصّة تملؤ قلوبهم جرّاء هذا التعجرف الاسرائيلي، ولهذا اعتبرت الحركة أنه لا مفر من الصمت وعدم الرد انتقاماً لضحايا النفق، على الأقل في الوقت الحاضر.
توعّدات الحركة أثارت مخاوف الاحتلال ولهذا سارع قادته للّجوء إلى دول وجهات عدة للضغط على الجهاد الاسلامي كي لا تردّ، مستخدمة عصا التهديد والوعيد باغتيال أمينها العام رمضان شلح ونائبه زياد النخالة، ومعاقبة حركة "حماس" إذا اضطر الأمر.
الحرب النفسية باتت واضحة بين الطرفين، ونُذر الحرب أصبحت تلوح في الأفق، إذ تعالت الأصوات في إسرائيل لضرب الحركة الفلسطينية، ووصلت حد تهديد رئيس حكومتها بنيامين نتانياهو برد قاس جداً في حال ردت سرايا القدس على اغتيال مقاتليها.
إلا أن هذه الحرب النفسية تحوّلت الى حرب حرق أعصاب تركت أثراً أكبر في المستوطنين اليهود قاطني عشرات المستوطنات والقرى التعاونية الصغيرة (الكيبوتسات) المحيطة بالقطاع، في ما تطلق عليه إسرائيل "غلاف غزة".
وبحسب مصادر محلية فلسطينية أن مجموعات من "سرايا القدس ترصد بدقة" تحركات المستوطنين في غلاف غزة، مستخدمة مناظير مقربة، وآلات تصوّر طبيعة الحركة في الشوارع، التي يُرى بعضها بالعين المجردة خالياً من السيارات والمارة.
كما رفعت سرايا القدس درجات الاستنفار إلى الدرجة القصوى بحسب ما ذكرته مصادر من الجهاد، تزامناً مع بدء قوات الاحتلال الإسرائيلي مناورات عسكرية في محيط القطاع يوم الأحد الماضي، وتستمر حتى غد الأربعاء.
وفيما تستعد «حركة الجهاد الإسلامي» للمشاركة في جلسات الحوار الوطني الشامل في القاهرة في 21 من الشهر الجاري، يؤرقها البحث عن «التوازن بين المصالحة الوطنية العامة ومصلحة الناس» غير الراغبين في أي حروب جديدة، وبين رد يردع إسرائيل لمنعها من «استسهال» ارتكاب جرائم مماثلة.
وعلى جانب الإحتلال نقل موقع عبري عن ضابط إسرائيلي قوله: إننا نستعد لرد الجهاد الإسلامي، وفي حال قام الجهاد الإسلامي او أي تنظيم آخر بقصفنا، سوف نقوم بضرب حماس بقسوة، وبقية التنظيمات المسلحة بقطاع غزة.
ويأتي هذا التصعيد بين الجهاد وكيان الاحتلال قبل حوار الفصائل الفلسطينية المزمع إجراءه في القاهرة في الحادي والعشرين من الشهر الجاري والذي حُدد بثلاثة أيام، تتم خلالها مناقشة خمسة ملفات، هي الشراكة في منظمة التحرير، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإجراء انتخابات عامة، وبحث ملفي الأمن والمصالحة المجتمعية.
ولكن يبدو أن المقاومة الفلسطينية متمسكة بموقفها بشأن الردّ على اعتداءات الاحتلال، حيث أشارت مصادر الى أن الجهاد الاسلامي سيطلق صواريخ لكنه يجهز نفسه لرد ما، وفِي الجيش الصهيوني سيردون بشكل قوي على أي عمل، مما سيضطر الفلسطينيين للرد بإطلاق الصواريخ.