الوقت- بينما تغصّ مؤسسات الحكومة الأمريكية بفضائح التحرش الجنسي، لطخت عدواها هذه المرّة شرف الكونغرس الأمريكي حيث يواجه المرشح الجمهوري لعضوية الكونغرس عن ولاية ألاباما القاضي المحافظ المتشدد "روي مور" اتهاما بالتحرش الجنسي بمراهقة في الـ14 من العمر عام 1979.
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن "لي كورفمان" التي باتت اليوم في الثالثة والخمسين من العمر بالتفاصيل كيف التقى بها "روي مور" في المحكمة عندما كان مدعيا عاما بالإنابة في الثانية والثلاثين من العمر، ثم اتّفق معها على التلاقي واصطحبها إلى منزله، مع العلم بأنها لم تخف إعجابها به في تلك الفترة.
المرشح الجمهوري "مور" الذي يصل سنّه للـ 70 عاما والمتزوج والأب لأربعة أولاد، نفى صحّة هذه الاتهامات التي وصفها بأنها "كاذبة بالكامل وعبارة عن هجوم سياسي ميؤوس منه".
يشار الى أن "مور" الرئيس السابق للمحكمة العليا في ألاباما يعدّ من أبرز قادة اليمين المتدين والمعارض الشرس لحقوق المثليين.
ولم تقف واشنطن بوست عند شهادة "كورفمان" بل حصلت أيضا على شهادات ثلاث نسوة أخريات، كانت أعمارهن في تلك الفترة ما بين الـ14 والـ18 من العمر. وروين للصحيفة أن روي مور عندما كان في الثلاثينات غازلهن وقبّل اثنتين منهن، كما قام بدعوتهن لشرب الكحول معه.
وفي امريكا بحسب آخر دراسة أجريت نهاية عام 2011 ونشرتها صحيفة نيويورك تايمز، تتعرض سيدة من كل ثلاث سيدات إلى تحرش جنسي، بينما تتعرض واحدة من كل خمس سيدات للإغتصاب الفعلي أو محاولة الاغتصاب.
والمثير للقلق ما نشرته منظمة "كريسيس انترفنشن" الأمريكية حول إحصائية عن جرائم التحرش الجنسي والاغتصاب في أمريكا، وقالت إنه كل 5ر2 دقيقة تتعرض سيدة أمريكية إلى تحرش جنسي.
وأما المرشح الجمهوري المتشدد المتّهم بالتحرش فبحسب قوانين تلك الفترة "عمر البلوغ الجنسي كما هو اليوم 16 عاما"، وهذا يعني أن روي مور خرق القوانين بإقامته علاقة مع لي كورفمان التي كانت في الـ14 من العمر في حال ثبتت عليه التهمة.
ومن المرجّح أن يضيع حقّ هذه الفتاة التي تعرّضت للتحرش من قبل "مور"، إذ يحدّد القانون مهلة ثلاث سنوات كحد أقصى للتقدم بشكوى بعد أي واقعة مشكو منها، وقد انقضت هذه المهلة منذ زمن طويل.
وضجّ اتهام المرشح الجمهوري بالتحرش الطبقة السياسية في الولايات المتحدة قبل شهر من انتخاب سناتور هذه الولاية في 12 ديسمبر.
ومن المحتمل أن يفقد الجمهوريين مقعدا في مجلس الشيوخ بعد هذه الفضيحة، الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض الأكثرية التي يتمتع بها الجمهوريون في هذا المجلس من 52 إلى 51 سناتورا من أصل مئة.
وإثر هذه الفضيحة سارع زعيم الغالبية الجمهورية في الكونغرس "ميتش ماكونيل" برفض تقديم دعمه لـ"روي مور" الذي كان أصلا اعترض على ترشحه خلال الانتخابات التمهيدية.
وفي بيان له بعد ساعات قليلة على صدور الصحيفة صباح الخميس، قال ماكونيل لمور" في حال كانت هذه الاعتداءات حقيقية لا بد له من الانسحاب.
واستمرت تداعيات هذه الفضيحة التي لطّخت سمعة الحزب الجمهوري المتزعزعة جرّاء الرئيس الحالي دونالد ترامب، حيث قالت زعيمة الديموقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي السبت: إن سياسات مواجهة التحرش الجنسي في مبنى الكونغرس يجب تغييرها.
وعن تخاذل القوانين الامريكية بشأن قضايا التحرش الجنسي، أشارت "بيلوسي" في مقابلة مع وكالة أسوشييتد برس، الى أن "الرقابة الذاتية التي يفرضها الكونغرس والمعايير غير المتكافئة بين هيئاته" في ما يتعلق بالتعامل مع التصرفات غير اللائقة يجب أن تنتهي.
وتابعت المسؤولة الامريكية نقدها: منذ وقت طويل يضع كل مكتب في الكونغرس قوانينه الخاصة. هذا النظام يجب أن يتم تغييره.
وأما عضوة مجلس الشيوخ "كرستين جيليبراند" فقد طرحت هذا الأسبوع مشروع قانون يهدف إلى تسريع عملية التحقيقات بشأن التحرش الجنسي، إضافة إلى إعطاء المتدربات بالكونغرس الصلاحيات ذاتها التي تخوّل العاملات هناك بالإبلاغ عن ادعاءات من هذا النوع، دون الخوف من أن يؤثر ذلك على مستقبلهن الوظيفي.
من جهته دعا رئيس مجلس النواب "بول راين" أمس الجمعة أعضاء المجلس الى التسجيل بتدريب التوعية بالتحرش الجنسي، وسط مطالب من مشرعين بجعله إجباريا.
ومن أكبر فضائح التحرش الجنسي في التاريخ الأمريكي بعد فضيحة "بيل كلينتون" تلك التي طالت الرئيس الأسبق جورج بوش الأب، والذي اتهمته الممثلة الأمريكية "هيذر ليند" بالتحرش بها بينما كان يستقل كرسيه المتحرك.
وحينها اتهمت "ليند" بوش الأب بالتحرش وأرجعت تلك الواقعة إلى أربع سنوات سابقة، وذلك عندما تحرش بها في جلسة تصوير لبرنامج "انقلاب: جواسيس واشنطن"، وفقًا لما نقلته صحيفة "ديلي نيوز" الأمريكية. وقالت: إنه لم يمسك بيدي، عندما كان جالسا على كرسيه المتحرك، لمس مؤخرتي، في الوقت الذي كانت فيه زوجته باربرا واقفة بجانبه، ليقول لي بعدها نكتة قذرة، وعندما بدأت جلسة التصوير لمسني مرة أخرى، باربرا بنظرة حادة رمقتنا.