الوقت- لا ينفك كوكب المريخ المعروف بإسم الكوكب الأحمر يفاجئنا يوماً بعد آخر، فمع مرور الوقت وتطور وسائل الرصد الإلكترونية والفضائية، يتوصل العلماء إلى إكتشافات جديدة على سطح هذا الكوكب بشكل دوري، أو رصد ظواهر جديدة تدل على نتائج علمية تساعدنا في فهم هذا الكوكب أكثر فأكثر.
وفي هذا الإطار وضمن دراسة جديدة تم العثور على أنماط موسمية غير معتادة على سطح المريخ، وتوصلت الدراسة إلى أن سبب تشكل هذه الأنماط لا يعود إلى وجود الماء إنما سببه ثاني أكسيد الكاربون الذي يتجمد ومن ثم يذوب على سطح المريخ.
وبات لدى الراصدين صور عدة لأشكال تشبه آخاديد تظهر لفترات معينة ومن ثم تختفي بعد ذلك، الظاهرة التي تشبه إلى حد كبير ما تُحدثه مياه الأمطار الموسمية على كوكب الأرض، والنتائج الأولية فسّرت الظاهرة على أنها نتيجة ما يسمى بـ "تسامي ثاني أكسيد الكربون" وعملياً هي عندما يتحول ثاني أكسيد الكربون من الحالة الجامدة إلى غاز دون أن يمر بالحالة السائلة.
وتتم هذه الظاهرة عندما يشتّد البرد في فصل الشتاء على سطح المريخ فتصل درجات الحرارة إلى حدود دنيا تستطيع فيها تجميد الغاز وتحويله إلى الحالة الصلبة بشكل مباشر، ومن ثم يذوب هذا الصلب ليتحول إلى غاز مجدداً عندما يحلّ فصل الربيع هناك، لذا أوضحت الدراسة التي تمت في كلية ترينيتي دبلن وجامعة دورهام أن الظاهرة غير المعتادة التي يتم رصدها على سطح المريخ تختلف في الأسباب عن ما يحصل على الأرض عندما تحدث المياه آخاديد في التربة.
وتعليقاً على هذه الدراسة قال طالب الدكتوراه في كلية دبلن للعلوم الطبيعية "لورين ماك كيون": "لقد سمعنا جميعاً الأنباء المثيرة حول الأدلة عن وجود ماء على سطح المريخ، ومع ذلك، فإن المناخ الحالي للكوكب لا يدعم في كثير من الأحيان، وجود مياه في حالة سيلان، لذلك من المهم أن نفهم دور المواد المتطايرة الأخرى والتي من المرجح أنها قد غيرت المريخ إلى الحالة التي هو عليها اليوم".
وتابع موضحاً: "الغلاف الجوّي للمريخ يتكون من أكثر من 95% من ثاني أكسيد الكربون، ومع ذلك نحن لا نعرف سوى القليل عن تفاعله مع سطح الكوكب، فالمريخ لديه مواسم تماما مثل الأرض، مما يعني أنه في فصل الشتاء، والكثير من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي يتغير من حالة الغاز ليصبح صلباً ويصل إلى السطح على هذا الشكل، ويتم عكس هذه العملية في فصل الربيع، وهذا التفاعل الموسمي قد يكون عملية جيومورفولوجيا، وهو علم تشكل الأرض، مهمة حقا".
وأضاف: "منذ سنوات عدة اكتشفت علامات فريدة على سطح الكثبان الرملية، وكان من الضروري العثور على دليل على كيفية استجابة الرمال لعملية "تسامي ثاني أكسيد الكربون" وتحوله إلى جليد، وهذا البحث الذي تم نشره هو خطوة هامة نحو توفير هذا الدليل".
الجدير بالذكر أن تحليل التربة وظواهرها على المريخ شهد في وقت سابق إكتشافاً مهماً عندما طرح عدد من العلماء فكرة حقن تربة المريخ بالبكتيريا المعدلة وراثياً من أجل تمكين الأساس اللازم لإنشاء المباني يوماً ما على الكوكب الأحمر، وقد اتفقت مجموعة من العلماء والمهندسين المعماريين على خلق مادة جديدة تعرف باسم biocement وذلك باستخدام خلايا هندسية لتعزيز التربة على أساس التفاعل مع البيئة، وأتى هذا الإبتكار بعد عامين فقط من مناقشة أجراها عدد من الباحثين، تضمنت إدخال مواد الهندسة البيولوجية في عمليات البناء على المريخ، والتي يمكن أن توفر وسيلة للبناء من الألف إلى الياء، في حين أن نقل مواد البناء إلى المريخ سيكلف مبالغ طائلة، لذا سيكون نقل الكائنات الحية الدقيقة أسهل بكثير.