الوقت - بعد اكتشاف الغاز في دول شرق المتوسط في كل من لبنان وسوريا وقبرص وفلسطين المحتلة ومصر ظهرت نزاعات جديدة قد تشعل حربا في المستقبل مع الكيان الصهيوني وقودها خزّانات الغاز في الأحواض المائية المشتركة.
كشفت الدراسات الاخيرة عن اكبر حقول الغاز الذي يقع في مصر (حقل ظهر) ويبلغ مخزونه30 تريليون قدم مكعب من الغاز. كما أعاد اكتشاف النفط في المياه اللبنانية مشكلة الحدود البحرية إلى الواجهة، وأعاد النزاع بين لبنان والكيان الإسرائيلي إلى نقطة الصفر. فالکيان رسّم حدوده البحرية وفق مبدأ القوة، وبما يناسب مصالحه متجاهلًا كعادته الأعراف والقوانين الدولية، ما يعرّض حقوق لبنان النفطية إلى السرقة، خصوصًا في الحقول القريبة من الحدود البحرية اللبنانية، ما لم يتم تسوية النزاع وترسيم الحدود البحرية بشكل نهائي.
وابرزالحقول المكتشفة حقلا ليفيثان وتمار. يقع حقل «ليفيثان» على مسافة تقدر بحوالى 75 ميلًا بريًا غرب رأس الناقورة جنوب لبنان(تم اكتشافه في حزيران 2010) وتقدّر كمية الغاز داخله بنحو 17 تريليون قدم مكعبة.
أما حقل «تمار» فيقع على مساحة حوالى 55 ميلًا بحريًا غرب رأس الناقورة، وتم استكشافه في العام 2009، وتقدر كمية الغاز داخله بنحو 9.7 تريليون قدم مكعبة.
وكذلك يقع حقل كاريش جنوب خط الحدود البرية المعلن من قبل الدولة اللبنانية بنحو 4 كلم، ويحوي حوالى 3 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي وتم استكشافه في آذار 2013.
النزاع الحدودي مع الكيان الصهيوني
يمتلك لبنان 10 بلوكات نفطية، ثمانية منها محددة جغرافياً، أما البلوكين 8 و9 الواقعين في مرمى الأطماع الإسرائيلية لتواجدهما في المنطقة البحرية المتنازع عليها، فيتوقف حلّ مشكلتهما على إنجاز عملية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.
أما المشكلة الأخرى التي تواجه البلد فهي الخطأ في ترسيم الحدود الاقتصادية البحرية الخالصة بينه وبين قبرص. وقد استغلت إسرائيل هذا الخطأ ووقعت اتفاقية مع قبرص قضمت فيها حوالى 5 كيلومترات من الحقوق اللبنانية. لكن للأسف فإن الاتفاق تمّ ولم يعد بإمكان لبنان الطعن سوى بالعودة للأمم المتحدة والمحكمة الدولية.
السائد في المقاربة اللبنانية لهذا الملفّ هو التركيز دوما على مخاطر العوامل الخارجية وأبرزها على الإطلاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل والتي عقدتها أكثر الإتفاقية المذكورة بين لبنان وقبرص (عام 2007) والتي استخدم فيها لبنان النقطة رقم (1) لحدوده البحرية قبل استكمال ترسيم منطقته الإقتصادية الخالصة، وقد اعتمدت الإتفاقية الإسرائيلية- القبرصية عام 2010 النقطة رقم (1) التي حددها لبنان، الذي ما لبث وأن بدّلها بالنقطة (23) بعد استكمال الترسيم، وأرسل الإحداثيات الى الأمم المتحدة، ما خلق منطقة نزاع مع الكيان الصهيوني مساحتها 870 كيلومتر مربّع هي المنطقة المتنازع عليها.
في هذا الإطار تقول مستشارة المخاطر السياسية والخبيرة في ملف الغاز والنفط في مركز الدراسات MESP- Political risk consultant at Middle East Strategic Perspectives) منى سكّرية لـ”نيوزويك”: إن النزاع الذي نشأ مع إسرائيل حول النقطة الثلاثية اللبنانية- القبرصية- الإسرائيلية جنوبا، والتي نتج عنها مثلث بحوالي 870 كيلومتر مربّع يضاعف المخاطر الأمنية في المنطقة. فلبنان بمقاومته ودولته ملتزم بحقه في ردع اسرائيل في حال الانتقاص من حقوقه النفطية كما هو ملتزم الرد على اي اعتداء على المناطق التي يعتبرها واقعة ضمن منطقته الاقتصادية الخالصة، وهذا ما اكده مرارا امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله”. تضيف سكّرية: “بسبب حال الصراع اللبناني- الإسرائيلي وعدم وجود علاقات مباشرة بين البلدين، فقد تدخّل الأميركيون على خط الوساطة عبر فريديريك هوف أولا ثم آموس هوكستين الذي تابع الملف في السنوات الماضية خلال عهد الرئيس باراك أوباما”.
صفقة شراكة مع اليونان
ولتعزيز اوراقه عقد الكيان الإسرائيلي صفقة شراكة مع اليونان في حقول الغاز الواقعة بالقرب من المنطقة الاقتصادية الخاصة للبنان، ضمن خطة رامية إلى كسبه القدر الاكبر من المصالح الدولية التي تصب في مصلحته متجاهلًا اشكالية ترسيم حدوده البحرية من الجهة الشمالية.
كما صرحت القناة الثانية العبرية أن وزارة الطاقة الإسرائيلية اذنت لشركة يونانية بتطوير حقل غازي قريب من المنطقة الاقتصادية الخاصة بلبنان، تطلق عليه اسم «تنين»، رغم الخلافات مع سلاح البحرية الإسرائيلي الخائف من تحوّل المنشأة، في حال إقامتها وبدء العمل بها، إلى هدف لهجمات من الجانب اللبناني (المقاومة) نظرا لقربها من المياه الاقتصادية للبنان الواقعة غرب رأس الناقورة.
وخلافاً لرأي سلاح البحرية الإسرائيلي، الذي يؤكد صعوبة حماية حقل «تنين» والمنشأة فوقه، تؤكد وزارة الطاقة أن لا مقارنة بين «تنين» و«لفيتان»، لأن الأخير كبير جداً ويسهل استهدافه، ويُعدّ الإضرار به إضراراً كبيراً واستراتيجياً بالاقتصاد الإسرائيلي، الأمر الذي دفع إلى مراعاة طلب البحرية الإسرائيلية ونقل الغاز منه عبر أنابيب إلى منشأة قريبة من الساحل، بدل إقامة منشآت فوقه.
و بحسب الخبيرة "سكرية" خلصت النتائج الاخيرة ان الكيان الصهيوني سيبدأ استخراج النفط بحلول عام 2020 ولكن عواقب عدة تحول دون عملية الاستخراج في القريب العاجل بسبب عدم حيازة الشركة اليونانية “إنرجيان” الخبرة الكافية بحفر آبار عميقة الى هذا الحدّ، وبالتالي ستكون أول تجربة لها، كما أن وضعها المالي ليس جيدا جدّا. وبالتالي ثمّة شكوك بأن تتمكّن لوحدها من القيام بعملية الحفر، لذا ثمة توقعات بأن تجري البحث عن شركاء لها. وهذا قد يتطلب وقتا ويؤخر عملية الاستخراج.