الوقت- ماذا عسانا أن نسمي عصرنا (غيرعصر التكنولوجيا وثورة الاتصالات)؟ هل نسميه عصر القوميات أم عصر الحروب الدموية أم عصر التنافس على مناطق النفوذ خاصة بعد أن تلاشت أنماط الاستعمار بأشكاله القديمة؟ أم على المنطقة برمّتها أن تدفع ثمن تخلّفها التكنولوجي عن الدول المتقدمة، التي وجدت فراغات عليها ملؤها وبشتى الأساليب لتحقيق.
أهداف أولها: تحجيم الأدوار التي يمكن أن تلعبها تلك الدول للحد(من خطورتها) وبالتالي لابد من إبقاء حالة التجزئة واستمرار التخلف وبالتالي النزاع والصراع حتى تبقى (تراوح محلها) ولا تشكل خطرا حضاريا كما تزعم تلك الدول، التي تستفيد على المديين القريب والبعيد مما يحدث على مستوى الإقليم والمنطقة كلها.
وثاني الأهداف:استغلال الاختلافات الإثنية والأيديولوجية، وصب الزيت على النار لنهب الثروات وتأمين مصالح القوى المستفيدة من بؤر التوتر، وكما يرى مركز كارنيغي بتجارة الحروب المربحة وخاصة السلاح واستثمار مليارات الدولارات وتشغيل المصانع الكبرى خاصة في أمريكا والتي تعادل وحدها في تصدير السلاح بقية دول العالم بما فيها روسياوبريطانيا وفرنسا وغيرهم.
وثالث الأهداف: إبقاء حاجة الأنظمة الحاكمة والمرتبطة بالغرب وخاصة بأمريكا تابعة وتخدم المصالح الأمريكية والغربية واسرائيل فالمال والنفط مقابل الحماية.
ورابع الأهداف: كما يبدو للمتابع والمدقق هو الموقع الجغرافي والثروات والممرات والعقائد الدينية التي انبثقت من المنطقة تاريخيا وسادت معظم العالم والبعض منها لا بد من إدارته بهدف إثارة النعرات بكل أشكالها لإحداث توتر دائم يخدم مصالح أمريكا والغرب وتوابعه.
وهناك أسئلة مطروحة وتحتاج لإجابات مقنعة منها لماذا على المنطقة العربية وجوارها أن يبقى جرحها نازفا؟ وهل هي لعنة الجغرافيا أم طبيعة العقل والتفكير العربي؟ أم طبيعة التطور أم الموقع أم وجود اسرائيل أم ثروات المنطقة من غاز وبترول ؟؟
ربما طرائق التفكير والأيديولوجيات المتعددة دينية وغيرها جعلت المنطقة العربية تاريخيا مناطق صراع وأطماع لقوى متعددة طوال عشرات قرون وعقود خلت، إذن المشكلة جزء منها فينا وليست فقط في أطماع الآخرين، لذلك علينا أن نعيد النظر في مجمل طرائق تفكيرنا وتربيتنا للحاق بالنهضة بكل أشكالها وألا نختبئ خلف أصابعنا، ونتهرب من اجتراح الحلول لمجمل أزماتنا التي تعصف بنا فرادى وجماعات، وعلينا مواجهة مشكلاتنا ونقر ونعترف بها تمهيدا لتجاوزها مهما وضعت العصي في العجلات، فالعالم في حالة تنافس وصراع لا وجود فيه للضعفاء. ولا يمكن حل مشكلاتنا كدول ومجتمعات إلا في التخطيط الدقيق والصحيح والفكر العلمي المبني على تقدير أهمية العلم المنتج ومشاركة الجميع في المسؤولية.
وأخيرا يمكن القول بأن الحرائق التي اشتعلت في المنطقة هي ليست قدرا مكتوبا ، بل نتيجة مقدمات وتخطيط لقوى كبرى لنكون وقودا نحرق به أنفسنا بأنفسنا، فعلينا أن نصنع مستقبلنا بأيدينا نحن أبناء المنطقة يدا بيد لنعيد بناء إنساننا من جديد.
بقلم: الباحث في الشأن السياسي طالب زيفا