الوقت- قامت السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس "أبو مازن" مؤخرا بنصب تمثال تذكاري للدكتاتور السابق صدام حسين في مدينة "قلقيلية" التي تُعد الأكثر سكانا في الضفة الغربية وأطلقت على هذا الديكتاتور العراقي اسم "سيد شهداء هذا الزمن". إن هذا الأمر الذي قامت به السلطة الفلسطينية والذي وصفت فيه المعدوم "صدام حسين" دكتاتور العراق السابق باسم "سيد الشهداء" يُعد من السياسات الداخلية الخاصة لهذه السلطة الشبه منظمة.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو، ماذا قدم صدام حسين، ديكتاتور العراق السابق من خدمات للشعب الفلسطيني خلال فترة حكمه؟
ألم يقم صدام حسين بغزو جمهورية إيران الإسلامية عام 1980 وباحتلال الكويت عام 1990 وبتحويل العالم الإسلامي والعالم العربي إلى أقطاب سياسية وعمل على تهميش قضية فلسطين على مدى العقود الأربعة الماضية، بدلا من مساعدة الشعب الفلسطيني؟
فعلى سبيل المثال، لقد كانت الكويت تقدم ما يقارب من 400 مليون دولار كمساعدات للشعب الفلسطيني قبل إن يغزوها جيش صدام وكان هنالك أيضا ألالاف من الفلسطينيين يعملون في مستويات الإدارة العليا في دولة الكويت. ولكن الغريب هنا هو إن زعيم حركة فتح الراحل "ياسر عرفات"، دعم موقف نظام البعث العراقي من غزوه للكويت الذي جاء بأمر من الولايات المتحدة.
ولقد اسفر هذا الموقف الداعم الذي قام به الراحل "ياسر عرفات"، إلى قيام الحكومة الكويتية بعد تحررها من الاحتلال العراقي في عام 1991، بطرد جميع الفلسطينيين من الكويت وقطع كل المساعدات التي كانت تقدمها للشعب وللحكومة الفلسطينية. كمان إن الكثير من الرجال الكويتيين الذين كانوا متزوجين بفلسطينيات، قاموا بالانفصال عنهن كردة فعل على هذا الموقف الفلسطيني الذي دعم الغزو والذي خلق نوعا من الكراهية تجاه الجالية الفلسطينية.

ونظرا لهذا، فلقد اُجبر الرئيس الراحل "ياسر عرفات" عندما فقد جميع المساعدات المالية التي كانت تقدمها له الدول العربية الغنية بالنفط، على الدخول في مفاوضات والتوقيع على معاهدة "أوسلو" المروعة، التي لم تقدم أي مساعدات للشعب الفلسطيني والتي تسببت بمقتله.
للأسف هنالك مشكلتين عانى منها الشعب الفلسطيني على مدى العقود السبعة الماضية، فالمشكلة الأولى هي أن السلطة الفلسطینیة لم تسبق لها أن أجرت تحليلاً شاملاً ودقيقاً للأحداث في المنطقة والعالم، والمشكلة الثانية هي أن قادة السلطة يعتقدون أن جميع الطرق ستنتهي إلى واشنطن.
وفي سياق متصل يعتقد كثيراً من المراقبين السياسيين العرب أن البوصلة السياسية للسلطة الفلسطينية، سواء في المسائل الوطنية أو الإسلامية، لا توضح بشكل صحيح مسارها السياسي، وهذه هي إحدى المشاكل الكبيرة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني.

بطبيعة الحال، إن الکیان الصهيوني يدعم بقوة المبادرة التي قامت بها السلطة الفلسطينية بعمل نصب تذكاري " لصدام حسين" في منطقة الضفة الغربية، وذلك لان هذا الکیان يدرك جيدا بأن هذا ألأمر سوف يولد حساسية لدى المجتمع الإيراني بسبب المجرم صدام حسين.
تجدر الإشارة هنا بأن جمهورية إيران الإسلامية قامت بعد شهرين من انتصار الثورة الإسلامية، بإعطاء مبنى السفارة الاسرائيلية السابقة، لحركة فتح وتعتبر طهران أول عاصمة إسلامية التي سمحت للسلطة الفلسطينية برفع علمها على مبنى سفارتها.
كما إن "صلاح زافوي" كان سفيراً للشعب الفلسطيني في طهران لـ 33 سنة ولقد تم تكريمه من قِبل القيادة والشعب والحكومة في إيران وكان يحمل لقب "مقدم السفراء" لسنوات عديدة.
من المنتظر أن تقوم حركة "حماس" بردع المنظمات الفلسطينية المناهضة لإيران وبأن تقوم بنصب تمثال تذكاري للإمام الخميني (ره) في قطاع غزة.