الوقت - كتبت وكالة فرانس برس في تقرير لها بعنوان "انجيلا ميركل ودونالد ترامب، نمطان مختلفان وعالمان متفاوتان": ان شكل اللقاء الاول بين المستشارة الالمانية انجيلا ميركل والرئيس الامريكي دونالد ترامب في مكتب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بواشنطن، أظهر إمتناع دونالد ترامب من مصافحة المستشارة الالمانية ميركل. وفي الأشهر التالية، شهد الجانبان علاقات متوترة وحادة بينهما. ومن المتوقع أن تكون علاقة ميركل وترامب صعبة ومتشنجة في السنوات القادمة.
إذا فازت أنجيلا ميركل في الانتخابات البرلمانية يوم الأحد للمرة الرابعة في تاريخها، فينبغي على هؤلاء الغريمين ان يجدوا نهجا طويل الأجل لمنهاج أعمالهم. حيث ان مسار وشخصية ومنهاج المستشارة الالمانية ميركل التي تبلغ من العمر 63 عاما والتي تولت السلطة منذ 12 عاما يختلف تماما او شبه كامل عن الرئيس الامريكي ترامب البالغ من العمر 71 عاما والذي دخل الى البيت الابيض قبل ثمانية اشهر. ميركل تتمتع بالدقة والواقعية والإجراءات المدروسة، غير ان ترامب لا يمكن التنبؤ به، كما انه متسرع ومُتفاخر.
ميركل التي هي إبنة قسيس مسيحي ترعرعت في ألمانيا الشرقية، ومع اختلافات طفيفة في مظهرها لكنها جادة في عملها، إذ حدثت في وقت سابق من هذا العام، خلافات في الرأي بينها وبين الرئيس الثالث للولايات المتحدة الأمريكية (بعد جورج دبليو بوش وباراك أوباما) حيث كانا معا في ذات الدورة الرئاسية.
وفي واشنطن، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع عملاق العقارات والاراضي "دونالد ترامب" الذي تم انتخابه كرئيس جمهورية للولايات المتحدة الامريكية بشعاره "امريكا أولاً"، طالبت ميركل الى عولمة "العقلية المنفتحة".
وفي تاورمينا بصقلية "أكبر جزيرة في البحر الابيض المتوسط وتابعة لايطاليا"، وفي ختام اجتماع حاد وعصبي لرؤساء الدول السبع، عارض رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب، وحده، اتفاقية باريس للمناخ، حيث ادانت المستشارة ميركل هذه النقاشات اليائسة بكل صراحة والتي أدت في النهاية الى وقوف ست دول صناعية في العالم بوجه دولة واحدة.
وحذرت ميركل في ميونخ الدول الاوروبية من ان الفترة التي كان الاوروبيون يعتمدون فيها على الولايات المتحدة قد انتهت تقريبا دون اي شك، حيث قالت: "يجب ان نحدد مصيرنا نحن الاوروبيين بأنفسنا".
خلافات ميركل وترامب، من تطورات قمة باريس للمناخ وصولا للملف الايراني:
وقال كارلوس كابتشان استاذ الشؤون الدولية بجامعة جورج تاون والمستشار السابق للرئيس الامريكي باراك اوباما للشؤون الاوروبية: "من الناحية السياسية، من الصعب تصور شخصيتين مختلفتين جدا. دخل ترامب البيت الأبيض مع وعود بتغييرات واسعة النطاق للأمريكيين المستائين. وتواصل ميركل وعودها بالاستمرار للألمان". إن الاختلافات بين هاتين الشخصيتين حقيقية وعميقة.
وعلى الرغم من أن النقد الأمريكي للفائض التجاري الألماني ليس قضية جديدة، إلا أن ترامب، على النقيض من الرؤساء الامريكيين السابقين، اتخذ لهجة أكثر عدوانية في هذا الشأن وهدد بفرض الضرائب والرسوم الجمركية كخطة إنتقامية منه. وقد ردت برلين بقوة على انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ.
وكما قال دونالد ترامب سابقا، فإن العلاقة بين واشنطن وبرلين ستزداد سوءا قريبا بمجرد أن يتم التشكيك في الاتفاق النووي الإيراني المُنعقد بين طهران والقوى الرئيسية الستة، بما في ذلك الولايات المتحدة وألمانيا.
وفي عام 2003، عندما أعلنت حكومة غيرهارد شرودر الاجتماعية-الديمقراطية معارضتها للحرب في العراق، التي بدأتها حكومة جورج دبليو بوش، ازدادت التوترات بين برلين وواشنطن.
وقال تشارلز كابتشان ان هذه التوترات لم تصل ابداً الى هذا الحد.
واضاف ان "ترامب يشكك في إلتزام اميركا بالتجارة الحرة، ومكافحة الاحترار العالمي والعلاقات التي نشأت بين الولايات المتحدة واوروبا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية".
وينتشر هذا التوتر على نطاق واسع خارج العلاقات الثنائية، حيث تتمتع أنجيلا ميركل المستشارة الالمانية، بمكانة خاصة في المغامرات السياسية.
تصريحات انتخاباتية:
إن تحليل علاقات ميركل وترامب لا يمكن أن يتجاهل التنافس الانتخابي في أمريكا وألمانيا. ووصف دونالد ترامب، الذي شغلت قضية هجرة اللاجئين الى اوروبا باله جداً وكانت إحدى اهتماماته الرئيسية خلال الحملة الانتخابية، أنجيلا ميركل، بأنها مثال سيئ على إدارة أزمة المهاجرين وأدان قرارها بفتح الحدود أمام مئات الآلاف من طالبي اللجوء.
وقال ترامب مُستهزءاً وسط جمع من مؤيديه في ولاية كارولينا الشمالية: "تريد هيلاري كلينتون أن تكون أنجيلا ميركل أمريكا، في حين نحن نرى العديد من المشاكل التي جلبتها (ميركل) إلى الألمان انفسهم".
ومن ناحية أخرى، تشعر أنجيلا ميركل بالقلق من إحتمال إتهامها من قبل منافسها مارتن شولتس بعدم إتخاذها مواقف جريئة تجاه ترامب، حيث اتخذت ميركل خطابا ذا حدة وتصعيد.
وقال جيريمي شابيرو مدير قسم البحوث في المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث (ECFR): "ان الحملة الانتخابية دفعت انجيلا ميركل الى تبنيها خطاباً اشد حدة وتصعيد من الخطاب المفضل لها".
وإذا كان يمكن النظر في تحسن نسبي بعد الانتخابات، فإن عددا صغيرا من المراقبين سوف يفكر في بداية جديدة - أو العودة إلى النقطة الاولى - في العلاقة بين شخصين مختلفين جدا.
ما هو الهدف من النهج العملي لميركل تجاه المستأجر الجديد للبيت الابيض؟
وخلص جيريمي شابيرو إلى أن "هدف ميركل هو الدفاع عن موقفها بقوة ولكن بهدوء. بحيث لا تدخل علناً في الجدالات والتوترات، وعليها السعي الى تجنب الخلافات بينها وبين ترامب دون أن تظهر عليها علامات الضعف".