الوقت- أثبتت قيادتي "المؤتمر الشعبي العام" و "أنصار الله" في اليمن وعياً عاليا وقدرة كبيرة على ضبط الشارع وإعادة المياه إلى مجاريها بعد أحداث تفوح منها رائحة الفتنة وأصابع طابور خامس أراد شق الصف اليمني الداخلي بعد أن فشل العدوان الخارجي في تحقيق مآربه الخبيثة طيلة أكثر من عامين.
إذا فشل مشروع الفتنة بين الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح وتيار أنصار الله، وما حصل تم احتواؤه بشكل جيد والاجتماع الذي ضم مسؤولين من الفريقين أثمر اتفاقا على المصالحة الوطنية. اليوم وبعد دعوة أنصار الله لمصالحة وطنية شاملة أكُد الرئيس علي عبد الله صالح أنه جاهز لملاقاتهم في هذا المسعى، مؤكدا أن نهج وسلوك المؤتمر الشعبي العام في التعامل مع مختلف القضايا هو الحوار. مجددا الدعوة لمصالحة وطنية شاملة لا تستثني أحدا. مثمنا أي جهد يبذل من قبل أي جهة في هذا الاتجاه في إشارة واضحة لأنصار الله.
ما حصل خلال الأيام الماضية لم يكن فقط صفعة لمن حاول نشر بذور الفتنة بل ساعد القوى اليمنية الفاعلة على التقارب وإدراك حقيقة أن أطراف خارجية وعلى رأسها أطراف العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي تسعى بعد فشل أهداف عدوانها إلى الدخول عبر طوابيرها وعملائها وبث الفتنة لإجهاض الإنجازات التي تحققت على أيدي الجيش اليمني ومقاتلي أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام.
العالم بالبيئة اليمنية واليمنيين يعرف أن مكونات الشعب على مختلف أطيافها وتوجهاتها حاضرة من أجل المصالحة، فاليمنيين شعب طيب لا يحمل خبثا وكرها اتجاه بعضه البعض. وقد برز هذا الأمر بشكل جلي خلال العدوان والحصار الاقتصادي الظالم المفروض على اليمن. مشاهد التكاتف والتآخي بين اليمنيين وتقديم المساعدات فيما بينهم من أجل احتضان المهجرين ممن تهدمت بيوتهم وتقديم العون للجرحى من أبناء جلدتهم كانت كفيلة لتؤكد أن العدوان لم يحقق أهدافه ولا مطامعه كما أنه لا يملك أنصار حقيقيين في الشعب اليمني بل بعض الأتباع من المرتزقة أصحاب النفوس الضعيفة.
تأكيدا على وجود أيد خفية وراء ما حصل مؤخرا من الجيد العودة قليلا في الزمن، حيث نستذكر ما نقلته مؤخرا وسائل الإعلام التابعة للإمارات والسعودية ومنها سكاي نيوز (البوق الإماراتي) التي نقلت عن مصادر إماراتية أخبارا عن اتفاق جمع أحمد ابن علي عبد الله صالح مع أبو ظبي ومن ثم خبر يفيد عن اتفاق الأخير مع الرياض.
هذا الخبر ترافق مع حملة إعلامية ترويجية من قبل وسائل الإعلام ووكالات الأنباء التابعة للسعودية والتي تتلقى توجيهاتها من الإمارات.
هذا الأمر وما حصل جعل أنصار الله وعلي عبد الله صالح يشدون العصب اليمني مجددا، ويؤكدون على الوحدة أكثر من ذي قبل. وصالح كان قد أكد مؤخرا أنه جاهز لإرسال القوات الموالية له إلى الخطوط الأمامية دفاعا عن اليمن في وجه قوى العدوان. مما يؤكد وحدة المسار والمصير الذي يجمع الطرفين دون نفي وجود خصوصيات تميز بينهم من النواحي السياسية وأسلوب مقاربة الأمور ولكن هذا الأمر لا يفسد في الودّ قضية.
اليوم المصالحة الوطنية باتت أمرا ملحا أكثر من أي وقت مضى. وقد أدركت جميع الأطراف أن الوحدة هي سبيلهم الوحيد للخروج منتصرين في مواجهة العدوان السعودي. وإلا فإن النصر العسكري على السعودية والإمارات سيتلاشى بسبب الفتنة الداخلية في حال وقعت. الأمر المشجع هو أن الشعب اليمني جاهز بمختلف أطيافه لهذه المصالحة، ولطالما كان القرار السياسي والخلافات الحزبية هي السبب وراء الخلافات الشعبية. اليوم ومن خلال تأمين الحاضنة السياسية لهذه المصالحة فإن الحاضنة الشعبية ستزداد تماسكا ووحدة وتكاتفا وراء المصلحة الوطنية الواحدة التي تجمع كل اليمن.
ميدانيا أيضا لهذه المصالحة دورها الأساسي في التأثير على مجريات المواجهات، فميدان الحديدة مثلا هو المنفذ الأهم لتأمين متطلبات الحياة للشعب اليمني يقع تحت سيطرة حلف أنصار الله وأنصار علي عبد الله صالح. واحدة من أهداف السعودية والإمارات هو السيطرة على هذا المرفأ وطالما أنه محمي بوجود أنصار الله وأنصار صالح فيه فإن الخطر عليه ينتفي.
الحرب الإعلامية والنفسية التي خاضها إعلام الإمارات والسعودية أدى بعلي عبد الله صالح ليقول أنه جاهز لإرسال القوات الموالية له إلى الخطوط الأمامية في رسالة واضحة أنه أدرك الخطر أين يكمن وجاهز لمواجهته جنبا إلى جنب مع أنصار الله والأطراف الأخرى.
إنجاز هذا الاتفاق وتحقيق المصالحة الوطنية سيكون له الكثير من الفوائد على اليمنيين، لأن الرهان على الخارج لن يؤدي سوى إلى دمار وتبعية أكثر من ذي قبل. أما الوحدة فستشكل صفعة في وجه أعداء الشعب اليمني وستساعد قوات مقاومة العدوان على الثبات أكثر دفاعا عن اليمن وحتى التقدم وضرب مواقع في العمق السعودي أكثر من ذي قبل.