الوقت- تشهد تركيا بعد اسبوعين انتخابات برلمانية أخرى والتي تحظى بأهمية تفوق أهمية انتخابات عادية حيث من المتوقع ان يستفيد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان من انتصار حزب العدالة والتنمية في هذه الانتخابات للاستئثار بالسلطة واحياء امبراطوريته العثمانية الجديدة.
تجري الانتخابات البرلمانية الخامسة والعشرون في تركيا في السابع من يونيو وسيتوجه نحو 53 مليون ناخب الى صناديق الاقتراع لانتخاب 550 نائبا للبرلمان لمدة 4 سنوات مقبلة وهو برلمان يقع على عاتقه مسؤولية كبيرة وربما يغير النظام السياسي التركي، ويسعى حزب العدالة والتنمية الى الحصول على اكثرية مقاعد البرلمان وذلك بعد انتصار هذا الحزب في الانتخابات البلدية وكذلك فوز اردوغان في الانتخابات الرئاسية ليكمل هذا الحزب بذلك الضلع الثالث لمثلث القوة.
وقد اصبحت قوة اردوغان الآن في اعلى مستوياتها بعد هذه الانتصارات بشكل بات حتى الاصدقاء القريبون من اردوغان مثل عبدالله غول يتذمرون من ذلك، وقد قمع اردوغان خلال السنة الماضية معارضيه وعزز ركائز حكمه ولا يفصله عن بناء الحكم العثماني الجديد سوي الحصول فقط على الاكثرية في البرلمان.
وتؤثر نتيجة الانتخابات البرلمانية المقبلة على قضية تبديل الحكم من نظام برلماني الى النظام الرئاسي حيث يعتقد اردوغان بضرورة تغيير النظام الحكومي في تركيا فاردوغان يريد الاستئثار بالسلطة بشكل كامل لان السلطة التنفيذية الآن في يد رئيس الوزراء احمد داود اوغلو ومن اجل ذلك يحتاج اردوغان الى برلمان طيع يرضخ لما يريده.
ويعتقد الكثير من الخبراء ان اردوغان مصاب الآن بجنون العظمة ويسعى لنيل مقام اعلى من مقام الحكام العثمانيين وكمال أتاتورك ولذلك يسعى ايضا الى تغيير الدستور التركي.
وتعارض احزاب المعارضة في تركيا بشدة تغيير النظام السياسي في تركيا وقد اعلنت هذه الاحزاب انها لن تساند صياغة الدستور حسب نظام رئاسي للبلاد ولهذا السبب لم تنجح محاولات الحزب الحاكم في تركيا حتى الآن لصياغة دستور جديد.
وبذل اردوغان كل جهده من أجل كسب اصوات الناخبين ويقوم بجولات دعائية لحزب العدالة والتنمية في داخل تركيا وحتى في خارجها ويقوم أيضاً بتهديد من يخالف هذه الجولات في وقت تعتبر هذه الجولات مخالفة للدستور الذي ينص على ضرورة عدم قيام رئيس الجمهورية بابداء دعم علني لحزب من الاحزاب، وقد رفع قادة بعض الاحزاب المعارضة الصوت عاليا احتجاجا على اردوغان الذي يسعى الى حذف التيارات المعارضة له مثل تيار فتح الله غولن.
من جهة أخرى تشير الاستطلاعات التي جرت في تركيا ان اصوات الناخبين ستتشتت في هذه الانتخابات وستنقسم بين احزاب مختلفة وان نسبة الاصوات التي سيحصل عليها حزب العدالة والتنمية ستكون قريبة من 44 بالمئة بعدما كان هذا الحزب قد حاز على اكثر من 50 بالمئة من الاصوات في الانتخابات الماضية ولذلك هناك تخوف من عمليات تزوير محتملة لصالح الحزب الحاكم.
وهكذا يبدو ان الانتخابات البرلمانية في تركيا والتي تجري في الشهر القادم ستكون مفصلية وتاريخية وتترك تأثيراتها على داخل تركيا وخارجها حيث يمكن الامساك بزمام السلطة في تركيا اردوغان من متابعة سياساته التوسعية في المنطقة بل زيادة وتيرتها.
ويعتقد الخبراء ان استمرار سياسة ايجاد الأزمات في دول المنطقة مثل سوريا والعراق واليمن ومصر يعتبر احد الاهداف الاصلية من قيام اردوغان بالاستئثار بالسلطة في تركيا حيث يسعى الرئيس التركي الى تغيير الوجه السياسي للمنطقة العربية بالتعاون مع الامريكيين والسعودية وحلفائها وكل ذلك من اجل طموحات عثمانية ربما لن تجد سبيلا للتنفيذ بسبب يقظة الدول والشعوب في المنطقة ازاء كل الحركات التي تقوم بها تركيا في المنطقة.
وهناك قضية أخرى ستقف عائقا ايضا امام تنفيذ اردوغان لطموحاته في المنطقة وهي القضية الداخلية الشائكة في تركيا أي القضية الكردية حيث لم يستطع اردوغان وحزبه حتى الآن حل هذه القضية بشكل نهائي وقد رأي الجميع كيف اشتعلت تركيا من الداخل حينما منعت الحكومة التركية الاكراد من تقديم الدعم لأكراد مدينة كوباني السورية.
لقد اثبت اردوغان وحزب العدالة والتنمية أن تركيا لم تعمل لصالح الاستقرار في المنطقة وهذه حقيقة باتت تدركه شعوب المنطقة بشكل جيد وفي حال فوز اردوغان وحزبه باكثرية المقاعد في البرلمان التركي فإن ذلك لن يغير ايضا من قناعة الدول العربية والاسلامية المحيطة بتركيا بضرورة التصدي لطموحات اردوغان وحزبه على صعيد المنطقة.