الوقت- لا يمكن لأي إنسان طبيعي أن يتخيل ما فعلته الولايات المتحدة بالبشر على مدى ما يقارب القرن من الزمن، وهنا لا نتكلم عن جرائهما خلال الحروب التي شنتها على شعوب العالم والتي ذهب ضحيتها ملايين البشر، بل عن جرائهما في المجال الطبي والعلمي، حيث قامت بتجارب علمية خطيرة على أعداد كبيرة من البشر دون إعطاء أي أهمية لنتائج هذه التجارب ومخاطرها.
الولايات المتحدة الأمريكية تعاملت مع مواطنيها الفقراء خلال قرن كامل وكأنهم "فئران تجارب" مستخدمة وسائل غير أخلاقية لإجراء تجاربها العلمية والطبية عليهم.
كيف قامت أمريكا بهذه التجارب ومن استخدمت لإنجازها ؟!
بدأت أمريكا بتجاربها العلمية والطبية على البشر بحسب التاريخ الموثق منذ العام 1932 حيث خدعت أكثر من 300 مواطن أمريكي من السود بأنها ستقدم لهم علاجا مجانيا من قبل الحكومة الأمريكية لمشاكل الدم لديهم، لكنهم في الحقيقة كانوا مشاركين في برنامج سري تحت رعاية هيئة الصحة العامة الأمريكية.
استمرت هذه التجارب حتى العام 1972 عن طريق "معهد توسكيجي"، وكانت الهدف من التجارب في حينها، دراسة أثر عدم علاج مرض "الزهري" على المزارعين الأمريكيين من أصل أفريقي. لم يُخبرهم أحدٌ أنهم مصابون بمرض "الزهري"؛ ولم يتلقَ الرجال العلاج طوال فترة الدراسة، حتى بعد اكتشاف البنسلين علاجا للمرض في عام 1940.
وأخذت هذه التجارب ضجة كبيرة في الولايات المتحدة، واتهمت حينها الإدارة الأمريكية بأنها تتعامل مع مواطنيها بأسلوب عرقي وغير أخلاقي، وفي عهد الرئيس الأمريكي الأسبق "بيل كلينتون" قدم الرئيس نفسه اعتذارا لضحايا التجربة نيابةً عن الحكومة الأمريكية في عام 1997.
تجربة الأمراض على المواطنين
عانت القوات الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية من انتشار مجموعة من الأمراض الاستوائية ولاسيما الملاريا بين جنودها أثناء خوضها معارك في المحيط الهادئ، وكانت تبحث عن حلول لهذه المعضلة، فكان الحل أن تقوم بإصابة بعض المساجين بالملاريا، ودراسة أثر العلاج عليهم.
تم إجراء هذه الأبحاث بإشراف قسم الطب في جامعة "شيكاغو"، بالتعاون مع الجيش الأمريكي، ووزارة الخارجية الأمريكية، على 400 سجين في مؤسسة "Stateville Penitentiary"العقابية. كانوا يُسجِّلون الملاحظات على بعضهم، منعزلين عن بقية نُزلاء السجن، ومُعرَّضين لما وصفه "المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية"بـ "مخاطر قاتلة".
تجارب المخدرات
وبعد هذه التجربة بعشرة أعوام أو أقل أي خلال الفترة بين 1950-1960، أقدمت الولايات المتحدة على إنجاز مشروع سري حمل اسم " أم كي الترا"، وكانَ يُدار من قبل وكالة الاستخبارات المركزية بهدف تنفيذ تجارب بشرية على البغايا و المرضى عقلياً بطريقة غير مشروعة، وتشمل هذه التجارب التنويم المغناطيسي والعلاج بالصدمة والمخدرات.
وخلال نفس الفترة تقريبا أقدمت الولايات المتحدة على مشروع أطلقته وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "CIA" لدراسة آثار «عقارات الهلوسة» أو ما يُعرف بالإنجليزية باسم LSD على مئات من المدنيين والعسكريين بين عامي 1953 و1964.
وجاءت الفكرة من خلال تساؤل أثير خلال إحدى المناقشات داخل "CIA" يقول "هل باستطاعتنا السيطرة على البشر لنرغمهم على أن يفعلوا أمورا لا يريدونها، أو حتى أمورا مُخالفة لطبيعتهم البشرية وقواعد الطبيعة، مثل حِفظ النفس؟".
أطلق على المشروع اسم "PROJECT MKULTRA"، وكان يهدف لدراسة أثر استخدام المواد الكيميائية في الاستجواب والتعذيب، وفي الأعمال الاستخباراتية بهدف التأثير على إدراك الإنسان، أو ذاكرته، أو سلوكه.
بدء المشروع بالفعل وتم حقن المئات من المرضى العقليين، والسجناء، والعاملات في الدعارة وزبائنهن بعقار الهلوسة بغير علمهم، كما استخدمه الكثير من الضباط وموظفي الاستخبارات المشاركين في المشروع على بعضهم البعض، إلا أن المشروع تم إيقافه في عام 1964 بعد أن أعلن المسؤولون عنه أن البحث فيه لا يؤدي الغرض منه.
تجارب بيولوجية وكيميائية
أجرت الولايات المتحدة تجارب سرية أخرى بين عام 1960 و1970 سميت بمشاريع "112 وشاد"، وكانت تُدار من قبل وزارة الدفاع خلال الحرب الباردة وقد نفذت الوزارة تجارب بيولوجية وكيميائية على 6.440 ألف موظف من دون درايتهم بجميع المخاطر التي تسببها هذه الاختبارات.
تجارب الطبيب كليمجان
مارس الطبيب الأمريكي " ألبيرت كليجمان" أفظع أنواع التجارب خلال فترة عمله في سجن
" هولمسبرج" في ولاية "فيلاديلفيا" الأمريكية، أجرى فيها مئات من التجارب على المساجين لكبرى شركات الأدوية والمستحضرات في العالم، وكذلك لوزارة الدفاع الأمريكية.
وقام كليجمان بتعريض أكثر من 75 سجينًا لكميات كبيرة من مادة "العامل البرتقالي" السامة، التي استُخدمت في الحرب ضد فيتنام، وشمل مجموع التجارب أكثر من 350 سجينا، رفع بعضهم دعاوى قضائية ضد الدكتور "كليجمان" قبل وفاته في عام 2010 عن 93 عاما.