الوقت- تهم وتزوير للواقع غبّ الطلب، هذا حال بعض الإعلام العربي المدفوع الأجر مسبقا من قبل السعودية ومن يدور في فلكها، إعلام امتهن التزوير عملا وأتقن فن الكذب حتى بات نفسه مقتنعا بما ينطق به بوقه استرضاء لأصحاب المال والقرار.
هذه المرة المستهدف هو تنظيم الأخوان المسلمين، حيث يُلاحظ هجوم منظم من قبل الإعلام السعودي الإماراتي على هذا التنظيم، هجوم عنوانه الاتهام بالإرهاب وتحميله مسؤولية إيجاد المنظمات الإرهابية المختلفة في العالم من القاعدة وصولا إلى داعش مرورا بكافة الحركات التكفيرية الأخرى.
المضحك في هذه الحملة هو الادعاء بوقوف الأخوان المسلمين وراء نشر الفكر التكفيري والإرهاب وعقيدة العمليات الانتحارية، فلو قرأ أبسط القوم الكلام المكتوب بحق الأخوان لاعتقدوا بداية الأمر أن الحديث يجري عن الحركة الوهابية التي يعلم القاصي والداني أنها منشأ التكفير والإرهاب وكل بلاء يضرب هذه الأمة.
الأمريكيين أيضا وعلى خلفية الخلاف مع تركيا وتقاربهم مع آل سعود اعتبروا أيضا في تصريحات أن الأخوان المسلمين هم سبب المشاكل في هذه المنطقة، ومن المعروف أن الأمريكيين يقفون في مواجهة أي حركة لا تتفق سياساتها مع سياسة الكيان الإسرائيلي، ولذلك فإن الأخوان المسلمين وبشكل تلقائي هم ضمن دائرة الاتهام الأمريكية والإسرائيلية.
سؤال يطرح نفسه في هذا السياق، عندما تمكن الرئيس الأخواني محمد مرسي من بلوغ كرسي الرئاسة المصرية هنأته هذه الدول نفسها وسعت للتقارب معه ومع التيار الذي ينتمي إليه. فهل كان الأخوان حينها أبرياء وباتوا اليوم أصل البلاء والإرهاب؟
نعم لا ننكر وجود أخطاء لدى الأخوان المسلمين، خاصة عندما تمكنوا من استلام زمام الحكم في مصر، إلا أن هذا الكيل من التزوير يصدق بآل سعود والفكر الوهابي وليس بالأخوان المسلمين.
فالأخوان المسلمين أخطأوا في إدارة الوضع الداخلي في مصر، فتصرفوا من منطلق أنهم الأكثرية، هذا الأمر وعلى الرغم أنه حق لأي تيار يصل للسلطة ولكنه خطأ استراتيجي أدى إلى خسارتهم واقعهم الشعبي وحصل ما حصل في مصر.
نعم الأخوان المسلمين تيار سياسي كبير في كل العالم العربي والإسلامي، تيار لديه حسناته وسيئاته، ولكن الواقع والحيثية الإسلامية لهذا التيار أكبر من أن تنال منه بعض المهاترات الخليجية الفارغة من أي واقع.
وهذا التيار لديه وجود قوي وأساسي في دول عربية وإسلامية مهمة في المنطقة كتونس وتركيا، ووجودهم في تونس إيجابي وقوي ويؤكد الشعبية التي يتمتع فيها التيار.
أما عن أسباب هذا الهجوم وفي هذا التوقيت بالذات على الأخوان فيعود لأسباب كثيرة منها أن بعض مشيخات وممالك الخليج تخاف من هذا الفكر، وتخشى من الإسلام السياسي أن يتهدد أنظمتهم وعروشهم، خاصة أن بعض هذه الدول كالإمارات لديها تيار شعبي أخواني قوي في الداخل، وهو تيار معارض لنظام الحكم وهذا يؤرق الإمارات ويقض مضجع بن زايد، ولذلك لا يترك فرصة إلا ويستغلها في ضرب هذا التيار في الداخل والخارج.
السعودية أيضا تخشى من الإسلام السياسي المنفتح، وتفضل الإسلام المتعصب التكفيري كونه يتغذى من منابع فكرية سعودية داخلية مضبوطة ومعروفة التوجهات وبرعاية من آل سعود أنفسهم.
اليوم أيضا وبسبب الأزمة المستعرة بين السعودية وقطر يجد التيار السعودي الفرصة سانحة لضرب عصفورين بحجر واحد، فدولة قطر على علاقة مميزة بالتيار الأخواني وكثير من قيادات هذا التيار تتخذ من الدوحة مقرا لها، وتهمة قطر هي دعم الإرهاب أي الأخوان وغيرهم وكل ذلك حسب آل سعود وحكام الإمارات.
طبعا ليس وحدهم الأخوان المسلمون متهمون بالإرهاب، بل إن أي حركة سياسية تسعى لدخول المعترك السياسي الديمقراطي في بلادها وخاصة في الدول الخليجية ستكون موضع اتهام بالإرهاب وبشتى أنواع الافتراء السياسي والإعلامي. وهذا الأمر مشهود بشكل فاضح في البحرين التي يحاول أهلها الثورة على نظام ظالم في مطالبة محقة بأبسط الحقوق السياسية وهي حق الانتخاب.
طبعا ليست الحركات السياسية وحدها هي المتهمة، بل حتى حركات المقاومة والتحرر التي رفعت رأس الأمة في وجه الكيان الإسرائيلي هي موضع اتهام اليوم بشتى أنواع التهم والزيف، حيث وكرمى لعين العم سام والكيان الإسرائيلي يريد أعراب الخليج نسف أصل الفكر المقاوم من وجدان الشعوب الإسلامية والعربية تمهيدا للتطبيع العلني مع الكيان الإسرائيلي الغاصب.