الوقت- طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان الرئيس الأمريكي باراك أوباما بإثارة قضايا حقوق الإنسان مع مسؤولي دول مجلس التعاون الذين سيجتمع معهم خلال قمة كامب ديفيد المزمع عقدها اليوم.
ووفقاً لمقال نشرته اليومية الأمريكية بوليتيكو قامت هيومن رايتس ووتش في يوم الخامس من الشهر الحالي بإرسال رسالة إلى الرئيس الأمريكي شرحت فيها ضرورة "إثارة تلك القضايا أثناء اجتماع القمة الذي سيستمر لمدة يومين". وأضافت المنظمة الأمريكية المعنية بحقوق الإنسان أن دول مجلس التعاون "تتبنى تشريعات قمعية منذ ما يسمى بانتفاضات الربيع العربي في 2011، كما صدّقت خمسة من البلدان الستة (مع استثناء الكويت) على اتفاقية أمنية مشتركة يمكن استغلالها لتجريم انتقاد دول مجلس التعاون أو حكامها".
وقالت مديرة قسم واشنطن في هيومن رايتس ووتش، سارة مارغون: "إن الإتفاقية الأمنية الجماعية لدول مجلس التعاون، إضافة إلى القوانين القمعية التي تبنتها كل دولة من الدول الأعضاء، تعمل على إسكات أصوات هامة وعلى ملء سجون المنطقة. وبوسع الرئيس أوباما، كما ينبغي له، أن يستخدم نفوذه لتقديم دعم لا لبس فيه إلى الرجال والسيدات الذين يجهرون بانتقاد القمع والانتهاكات”.
وأشارت المنظمة في رسالتها للرئيس الأمريكي إلى الانتهاكات الواسعة والاعتقال التعسفي الذي تمارسه سلطات دول مجلس التعاون في حق النشطاء السياسيين والحقوقيين على خلفية انتقاداتهم لسياسات هذه البلدان، مثل رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان الناشط الحقوقي نبيل رجب، وعضو لجنة البدون في الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان الناشط عبد الله فيروز، والشاعر القطري محمد بن الذيب العجمي الذي حكم عليه بالسجن لمدة 15 عاماً بسبب كتابته قصيدة انتقدت النظام القطري، والمحامي السعودي وليد أبو الخير رئيس مرصد حقوق الإنسان في السعودية.
قمة الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع مسؤولين خليجيين رفيعي المستوى في منتجع كامب ديفيد في أمريكا، تشهد غياباً ملفتاً لقادة كل من السعودية وعمان والإمارات والبحرين، الأمر الذي سينعكس سلباً على نتائج هذه القمة ونوعية القرارات التي ستخرج بها.
وتعزو مصادر غياب زعماء الدول الخليجية إلى عدم الرضا الخليجي على مسير المفاوضات النووية مع إيران، والتوجه الأمريكي نحو توقيع اتفاق نووي مع إيران يضع حداً لهذا الملف الشائك، والحساسية الأمريكية تجاه التوجه السعودي الجديد - القديم لإستعمال القوة العسكرية في سوريا أسوة بما يجري في اليمن، وكذلك ضيق ذرع الدول الخليجية من انتقاد الرئيس الأمريكي لوضع حقوق الإنسان في هذه الدول.
وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد أشار في مقابلة له مع صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الشهر الماضي أن أكبر خطر يتهدد دول مجلس التعاون ليس التعرّض لهجوم من إيران، وإنما السخط داخل بلادهم، بما في ذلك سخط الشبان الغاضبين والعاطلين عن العمل والإحساس بعدم وجود مخرج سياسي لمظالمهم.
إلى ذلك أشارت تقارير نشرت سابقاً في وسائل الإعلام الأمريكية إلى سعي دول مجلس التعاون لإمتلاك المزيد من الأسلحة النوعية، بمقابل قبولها للإتفاق النووي مع إيران والمزمع توقيعه أواخر حزيران القادم. وقالت صحيفة وول ستريت الأمريكية في تقرير نشرته الأسبوع الفائت نقلاً عن مسؤولين أمريكيين وعرب رفيعي المستوى أن حكومات السعودية والإمارات وقطر تسعى جاهدة لإمتلاك مقاتلات وصورايخ وأسلحة نوعية أمريكية.
وأضافت المصادر ذاتها للصحيفة الأمريكية أن قادة دول مجلس التعاون يسعون لتوقيع اتفاقيات أمنية مع واشنطن يضمنون من خلالها تدخل أمريكا لصالحهم في حال نشوب نزاع مسلح بين دولهم وإيران.
كل هذا وتبقى الأمم المتحدة عاجزة عن إصدار تقرير أو بيان يسلط الضوء على الوضع المتردي لحقوق الإنسان في دول مجلس التعاون، وكل ما نسمع به اليوم إنما هو عبارة عن نداءات جمعيات حقوقية خاصة دفع بها ضميرها إلى قول ما تقول، في وقت تنأى معظم دول العالم بنفسها عن انتقاد السياسات الحقوقية لهذه الأنظمة، خشية تعرض مصالحها المشتركة لخطر.
ألا ينبغي اليوم لدول العالم ومنظمات الحقوق الدولية والأمم المتحدة أن تساند المضطهدين والناشطين المغيبين في غياهب سجون هذه الأنظمة؟ ألم يعد من المعيب أن تبقى هذه الأنظمة القمعية على قيد الحياة ونحن نعيش في الألفية الثالثة؟ هذه الأنظمة التي تحكم شعوبها بقوانين جاهلية عفى عليها الزمن، جُل ما يُهمُّ قادتها بقاءهم على عروشهم غير آبهين بكرامة مواطنيهم وآلامهم ومعاناتهم اليومية.