الوقت- تشهد الساحة الإسرائيلية تصاعدًا في الانتقادات والتوترات الداخلية تجاه إدارة الحرب على قطاع غزة، وسط تحذيرات من أن استمرار الوضع الحالي قد ينتهي بكارثة سياسية وعسكرية، ولقد حذر البروفيسور الإسرائيلي "إيال زيسر"، نائب رئيس جامعة تل أبيب والخبير في شؤون الشرق الأوسط، من أن "إسرائيل" تخوض حربا طويلة الأمد في قطاع غزة دون استراتيجية واضحة ودون رغبة سياسية في حسمها.
وأضاف الخبير الإسرائيلي: إن "حرب الأشهر الـ 15" ضد حركة حماس باتت تتجه نحو الفشل، ليس بسبب قدرة حماس فقط بل نتيجة التخبط في إدارة المعركة من قبل القيادة السياسية الإسرائيلية.
وقال زيسر: إن جيش الاحتلال لا يزال بعيدا عن تحقيق النصر في غزة رغم مرور أكثر من عام على بدء الحرب، معتبرا أن غياب الأهداف الواضحة والتخطيط العملياتي أديا إلى إطالة أمد المعركة دون نتائج حاسمة.
وأشار إلى أن الإخفاقات في بداية الحرب عقب هجوم الـ 7 من أكتوبر، كانت متوقعة بسبب صدمة الحدث وانهيار المنظومات العسكرية والسياسية، إلا أن استمرار تلك الإخفاقات بعد شهور من القتال يظهر فشلا في استخلاص الدروس وتحديد أهداف واضحة يمكن ترجمتها إلى إنجازات ميدانية.
وأوضح أن العمليات العسكرية المتقطعة من غزة إلى خانيونس ثم رفح ثم العودة مجددا، عكست غياب خطة منهجية وتحولت إلى سلسلة من التحركات غير المرتبطة، ما أدى إلى ما وصفه بـ"حرب مستمرة بلا حسم"، حيث يحتل الجيش مناطق ويخليها ليعود إليها لاحقا.
وانتقد زيسر اعتماد المستوى السياسي على شعارات فضفاضة مثل "القضاء على القدرات العسكرية لحماس" دون تحديد خطوات عملية لتحقيق هذا الهدف، لافتا إلى أن حماس تواصل تجنيد عناصر جدد بسهولة وأن الصواريخ ما زالت تطلق تجاه مستوطنات غلاف غزة، في وقت تكتفي فيه "إسرائيل" بإصدار بيانات إعلامية عن إخلاء مناطق ثم إعادة سكانها بعد أيام.
وحذر من أن هذه السياسة تعكس غياب إرادة سياسية لحسم المعركة، مشيرا إلى أن "إسرائيل تمتلك الآن ظروفا أفضل من السابق دعم أمريكي غير محدود، ورضا عربي ضمني عن هزيمة حماس، وقيادة عسكرية جديدة لا تفتقر إلى روح القتال"، حسب قوله.
ورأى زيسر أن استمرار هذا التردد سيؤدي إلى فقدان "إسرائيل" لزمام المبادرة، ما سيدفع الولايات المتحدة لاحقا لفرض تسوية سياسية وفق مصالحها، مشددا على أن "إسرائيل لا تستطيع بعدها لوم أحد سوى نفسها". وذكر أن التاريخ سيحكم على هذه الحرب باعتبارها "فاشلة" ليس فقط بسبب كيف بدأت بل أيضا بسبب "إدارتها الضعيفة والمترددة"، مشددا على أن استمرار السير في هذا الطريق المسدود لن يقود إلى نصر، بل إلى تآكل الردع وفتح الباب أمام تدخل خارجي في مسارات الحرب.
وقال زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد: إن كل يوم تقضيه حكومة نتنياهو في السلطة "قد ينتهي بكارثة كبرى أخرى وقد يؤدي إلى المزيد من القتلى"، وأضاف زعيم المعارضة الإسرائيلية، في تغريدة على موقع "إكس" اليوم الأحد: إن "هروب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو من المسؤولية والخوف من قضية قطر جيت هو السبب الحقيقي وراء الإقالة المتسرعة والهستيرية لرونين بار".
وفي الـ 31 من مارس الماضي، أعلنت وسائل إعلام عبرية أن النيابة العامة الإسرائيلية أعلنت الموافقة على استدعاء نتنياهو للشهادة في قضية الأموال القطرية المعروفة بـ"قطر غيت".
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" أنه عقب اعتقال شخصين من مكتب نتنياهو؛ "وافقت المستشارة القانونية لحكومة الاحتلال جالي بهاراف ميارا على استدعاء نتنياهو للإدلاء بشهادته في القضية"، وذكرت الصحيفة أن استدعاء نتنياهو سيتم للإدلاء بشهادته فقط، وليس للاستجواب، حيث لا يشتبه في تورطه بأي جرائم في القضية.
وأعلنت شرطة الاحتلال في التاريخ ذاته عن إلقاء القبض على شخصين مشتبه بهما للتحقيق في قضية "قطر غيت"، والمشتبه بهم هما مستشار نتنياهو، يوناتان أوريتش، والمتحدث السابق باسم مكتبه إيلي فيلدشتاين، وتتمثل الشكوك الموجهة ضد فيلدشتاين وأوريتش في الاتصال بعميل أجنبي والرشوة وخيانة الأمانة والجرائم الضريبية.
وجاءت هذه التطورات على خلفية قضية "قطر غيت"، عندما أعلن رئيس الشاباك المقال، رونين بار، الشهر الماضي، أنه يجري فحص العلاقة بين المسؤولين في ديوان نتنياهو وقطر، بسبب "مخاوف من الإضرار بأسرار الدولة"، حسب صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية.
فوضى في محكمة الاحتلال العليا.. القضاة هدف لأنصار اليمين
شهدت المحكمة العليا الإسرائيلية، قبل عدة أيام، حالة من الفوضى والتوتر خلال الجلسة الخاصة بالنظر في الالتماسات المقدمة ضد قرار الحكومة بإقالة رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، وذلك قبل أيام من الموعد النهائي الذي حددته الحكومة لتنفيذ القرار والمقرر في الـ 10 من نيسان/أبريل الجاري.
وقالت القناة 13 الإسرائيلية: إن الجلسة عُقدت أمام هيئة قضائية تضم ثلاثة من أقدم قضاة المحكمة، هم رئيس المحكمة يتسحاق عميت، ونوعام سولبرغ، ودافنا براك-إيريز، وذلك في ظل مخاوف من أزمة دستورية محتملة على خلفية مواقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وعدد من وزرائه.
وقبل انطلاق الجلسة، أطلق أنصار الحكومة هتافات داخل القاعة من قبيل "لا صلاحية لكم"، ما دفع القضاة إلى محاولة تهدئة الأجواء، وعند دخولهم، قال القاضي عميت: "دعونا نفترض وكأن أمراً مشروطاً قد صدر بالفعل"، في إشارة إلى التعامل الجاد مع الالتماسات.
وأضاف التقرير إن محامي الحكومة، المحامي تسْيون أمير، وصف الالتماسات بأنها "سياسية"، إلا أن القاضية براك-إيريز ردّت عليه قائلة: "حتى في ظل الصلاحيات الواسعة، لا يمكن تجاهل قواعد القانون الإداري"، وخلال الجلسة، اندلعت فوضى جديدة بعد أن بدأ أحد آباء الجنود القتلى، ويدعى بونتسل دوف، بالصراخ قائلاً: "أيدي بار ملطخة بالدماء، أولادنا دُفنوا بسببه في جبل هرتسل"، ما دفع القضاة إلى تعليق الجلسة مؤقتًا.
وخلال الاستراحة، تصاعد التوتر، واحتاج رئيس الشاباك الأسبق، يورام كوهين، إلى مغادرة القاعة محاطًا بالحراس بعد تلقيه تهديدات من نشطاء اليمين المتطرف، وفي أعقاب ذلك، قررت هيئة المحكمة إخلاء القاعة من الجمهور ومواصلة الجلسة خلف أبواب مغلقة، وبعد استئناف الجلسة، حاولت عضو الكنيست طالي غوتليب (الليكود) التدخل مجددًا وصرخت داخل القاعة، ما استدعى إخراجها بالقوة من قبل رجال الأمن، وتأتي هذه الجلسة في ظل توترات سياسية وأمنية غير مسبوقة في "إسرائيل"، وسط محاولات من الحكومة لتعزيز قبضتها على أجهزة الأمن، ما يثير مخاوف من تسييس المؤسسات الأمنية والقضائية.