الوقت- بعدما اعلنت السنغال يوم الاثنين الماضي (4 مايو) موافقة رئيسها على طلب السعودية لارسال قوات الى هذا البلد الذي يشن عدوانا جويا وبحريا واعلاميا على اليمن منذ اربعين يوما كان لهذا النبأ اصداء مختلفة بين معارضي السعودية ومؤيديها لكن هناك من يحللون الاحداث بواقعية ويؤكدون ان السعودية باتت تستأجر الجيوش باموالها النفطية من أجل تحقيق اهداف سياسية في المنطقة.
وكانت السعودية قد فشلت خلال الشهر الأول من العدوان على اليمن في دفع حلفاء لها مثل باكستان وتركيا ومصر الى تشكيل قوات برية من اجل شن هجوم على اليمن وقد عارضت باكستان التي تتلقى دعما ماليا من السعودية التدخل البري في اليمن بشكل رسمي وعبر قرار من البرلمان الباكستاني.
ومن جهتها فضلت تركيا الحل السياسي في اليمن بحضور الجانب الايراني على التدخل العسكري في اليمن والوقوف الى جانب السعودية حيث اراد الاتراك الحفاظ على مصالحهم الاقتصادية مع ايران.
اما مصر فقد شاركت في عدة غارات جوية محدودة فقط ولم تتدخل بعدها في اليمن وقد تظاهرت بالوقوف عسكريا الى جانب السعودية اكثر من المشاركة الحقيقية، كما صرح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في كلمته في ذكرى تحرير سيناء ان مصر في حالة حرب ضروسة مع الارهاب لتحقيق أمنها، وهذا الكلام يفهم منه بأن مصر لا تريد التدخل عسكريا في العدوان السعودي على اليمن.
وبعد ان قطعت السعودية الأمل من مشاركة هؤلاء الحلفاء الثلاثة في عدوانها على اليمن اوقفت الرياض عملية ما يسمى بعاصفة الحزم وبدات عملية اخرى سمتها "اعادة الأمل" لكن الغارات الجوية على اليمن لم تتوقف بل ازداد عددها، وفي الحقيقة قد فشلت عملية عاصفة الحزم في اجبار حركة انصارالله على التراجع كما فشلت في السيطرة على مدينة عدن واعادة عبد ربه منصور هادي الى الحكم ولم يتحقق اي من الاهداف السعودية المعلنة ولذلك اعلنت السعودية ايقاف عاصفة الحزم وبدء عملية جديدة من اجل الايحاء بان اهدافها الاولية من العدوان قد تحققت لكن المتابع للأمور يعرف جيدا وبوضوح بأن السعودية لم تحقق اهدافها ولو انها قد حققت اهدافها لما كانت تحتاج الى استئجار قوات برية من دول اخرى والتفاوض لأيام مع دول مثل اريتريا والسودان والسنغال لكي توافق السنغال مثلا على ارسال قوات برية الى السعودية قوامها 2100 جندي.
وهناك أمر هام يجب الانتباه اليه في البيان الذي اصدرته وزارة الخارجية السنغالية للموافقة علی الطلب السعودي حيث قالت الوزارة ان قرار ارسال الجنود هو من اجل الحفاظ على أمن المقدسات الاسلامية في مكة والمدينة، والسؤال المطروح هنا هل ان مكة والمدينة هما في خطر ومن الذي يهددهما؟ هل الزيديون في اليمن ام الجيش اليمني ام الشعب اليمني يشكلون خطرا على هذه المقدسات؟
ان السعودية تتذرع بخطر وهمي على مكة المكرمة والمدينة المنورة من اجل ارتكاب المجازر في اليمن واراقة دماء الشعب اليمني المسلم لكن التاريخ يبرهن ان من يتلاعب بمصير مكة والمدينة سيلقى مصيرا مؤلما كما حدث مع ابرهة ويزيد بن معاوية وباقي الأمراء الذين زجوا باسم المقدسات في مساعيهم الخبيثة.
وتقول مصادر في انصارالله ان آل سعود كانوا تواقین في الشهر الأول من الحرب بأن ترد عليهم انصارالله لكي يقوموا هم في المقابل بافتعال حادث امني او تفجير في مكة أو المدينة وينسبوه الى اليمنيين ومن ثم ينصبوا انفسهم مدافعين عن مكة والمدينة وممثلين عن المسلمين في هذه الحرب لكن الصبر الاستراتيجي لانصارالله قد افشل هذا المخطط.
ولا مجال للشك بأن قيام السعودية بارسال هذه القوات المأجورة من السنغال الى داخل اليمن تحت ذريعة الدفاع عن مكة والمدينة سيؤدي الى مصير أسود لهذه القوات كمصير 92 عسكريا سنغاليا لقوا حتفهم في عام 1991 في السعودية حينما قدموا الى هذا البلد للمشاركة في حرب الخليج الفارسي الثانية عندما تحطمت طائرتهم.
ان الشعب اليمني وحركة انصارالله قد خاضوا قبل الآن ست حروب صعبة ليس مع السعودية وحدها بل مع القوات الحكومية والقبائل الموالية للسعودية وامريكا ايضا ولذلك يبدو واضحا ان ارسال عدة آلاف من القوات المأجورة من هذا البلد أو ذاك الى اليمن لن يغير من موازين القوى على الأرض.