الوقت - كشف الموقع العالمي الثقافي التعليمي "open culture" في مقال له عن خريطة جديدة للعالم قام بها المصمم الياباني "هايمي ناراكاوا" مبتكرا تصميما جديدا أظهر من خلاله أن خرائطنا السابقة كانت غير دقيقة، حاصلا على جائزة عالمية على تصميمه الجديد.
وبدأ الموقع المقال باقتباس مأخوذ عن العالم البولندي – الأمريكي "ألفريد كورزيبيسكي" قال فيه "إنّ العالم ليس وهماً، وإنَّما هو لوحة تجريديَّة"، ليأخذ هذه الفكرة عنه الأديب الأرجنتيني "خورخي لويس بورخيس" مؤسس تيار الأدب ما بعد الحداثي، مستخدما إياها في قصته القصيرة المتخيلة "بدقة في العلوم"، إذ يتعرَّض بورخيس لقصة متخيلة عن علاقات الدول بالخرائط، نشرت القصَّة أوَّل مرة عام 1946. يتخيَّل بورخيس في قصته خريطة متماثلة تماماً من حيث الحجم والنطاق مع كل رقعة وبقعة في الأرض.
يقول بورخيس "تتضح فكرة أن جميع خرائط الكرة الأرضيَّة خاطئة، بتخيُّل بسيط، وهو: استحالة وجود خريطة صحيحة تماماً".
ويكمل المقال متحدثا عن استحالة تنزيل سطح الكرة الأرضية على الخرائط كـ"مسطح" دون تشويه في الأحجام والنطاقات الجغرافيَّة. مضيفا: يستخدم راسمو الخرائط تقنية "الإسقاط" ويع أشهر "إسقاط" تمّ استخدامه حتَّى الآن، هو الإسقاط الخاص بالعالم الجغرافي الفلمنكي "جيراردس مركاتور" الذي وضعه منذ القرن السادس عشر، تحديدًا عام 1569.
أهداف ثقافية وملاحية
يوضح المقال أمرا مهما حول التلاعب في أحجام الخريطة ويرجع المقال السبب الذي جعل هذه الخريطة التي يصفها بـ "المشبوهة" إلى أسباب ثقافية أو ملاحية، إذ تضخِّم الخريطة التي هي بمتناول أيدينا حجم قارَّتي أوروبا وأمريكا الشماليَّة بينما قامت بتقليص حجم قارة إفريقيا إذ جعلتها في نفس حجم جزيرة "غرين لاند" الدنماركية. بينما في الحقيقة، فإن حجم إفريقيا ضعف حجم جزيرة "غرين لاند" خمسة عشر مرة.
وفيما بعد حاول العالمان "جيمس جال وأرنو بيترز" في العام 1973 تحسين دقة خريطة جيراردس مركاتور التي بقيت مستخدمة لقرون طويلة، ولكن جاء تحسين ذلك على حساب الوضوح والتناسب في الأحجام.

مفاجأة
في العام الماضي فجر المعماري والفنان الياباني "هايمي ناراكاوا" مفاجأة جديدة حول هذا الموضوع، ناراكوا الحاصل على الدراسات العليا في الإعلام من جامعة "Keio Universitys" بطوكيو، قام بحلّ كل هذه المشكلات في خرائط مركاتور وجال وبيترز، عبر تصميمه "AuthaGraph World Map" الذي نال عليه جائزة عالمية في التصميم.
ويعتمد هذا التصميم الجديد على تقنية مختلفة بعض الشيء، فبدلًا من تحويل الكرة الأرضيَّة إلى شكل أسطواني، ثمّ مسطَّح مثلما فعل مركاتور في السابق، قام بتحويل الكرة الأرضية إلى مسطَّح رباعي، يمكن ببساطة أن يطوى ويفتح بطرقٍ متعددة. وفي اليابان أصبح التصميم مقررا في الكتب المدرسية.
ويؤكد المقال أنّ هذا التصميم رغم أنه تلافى مشكلات خريطة مركاتور، إلا أننا لا يمكن أن نقول إنَّه دقيق رياضيا 100%. لكن يمكن – وفقا لناراكاوا في مقالٍ له – بخطوةٍ إضافيَّة أن نقول رسميّا: إنها خريطة متساوية. ووفقا لناراكاوا أيضا: كان هذا التصميم مهما جدا، لأنه غيَّر من نظرته إلى العالم.
وفي نهاية المقال تم اقتباس فقرة من مقال نشره ناراكاوا على مدونته الخاصة يقول فيها: لفتراتٍ كبيرة من القرن العشرين، سيطرت علاقات متوترة بين الشرق والغرب، ولكن مع قضايا التغير المناخي، وذوبان الأنهار الجليديَّة، والمطالبات البحريَّة الإقليميَّة، حان الوقت للخروج بنظرة جديدة للعالم عن العالم.