الوقت- تناول موقع غلوبال ريسيرش الكندي في مقال له اليوم على لسان الكاتب "ألاسدير ماكليود" السياسة الاقتصادية الأمريكية في العالم والتي تعتمد على شن الحروب على عدد من دول المنطقة بغية استنزاف مقدراتها.
وقال الكاتب: إن رغبة أمريكا المتجددة في تصعيد التوترات العسكرية تكمن في جبهة الحرب المالية الأمريكية المستمرة، والتي هذه المرة هي موجهة إلى كوريا الشمالية وسوريا، ونحن نحلل الجغرافيا السياسية والاقتصادية التي تكمن وراء استراتيجية الحرب الأمريكية، حيث يأتي هذا تزامناً مع خطة خروج الصين من ربط أسعار الطاقة، ومن ثم السلع الرئيسية الأخرى بالذهب، ثم العودة للوضع السابق لما قبل عام 1971 عندما كان الدولار مجرد تسوية بين أسعار السلع والذهب، فيما يتعلق بالصين، التي ستستخدم اليوان في إمبراطوريتها، حيث لم يعد هناك أي دور للدولار.

وتابع الموقع الكندي بالقول: إنه وفي اليوم الذي تولى فيه الرئيس ترامب منصبه، بدا أن هناك انفراجا مع روسيا ما أدى إلى انسحاب أمريكا من الصراعات التي لا يمكنها التدخل فيها والتوصل إلى اتفاق سلمي جديد بين هؤلاء الأعداء على المدى الطويل، ومع ذلك، وفي غضون فترة المئة يوم، ذهب ترامب من فك الارتباط مع المشاريع الأجنبية إلى العدوان العلني في مواقع متعددة من العالم.
وتابع الموقع: ترامب ارتكب ما لا يقل عن خمسة أعمال عدوانية أجنبية في ذلك الوقت القصير، وكانت العملية الأولى عملية مشتركة مع الكوماندوز الإماراتي في اليمن، ما أدى إلى وفاة جندي في سلاح البحرية، والعملية الثانية هي الهجوم الأخير على مطار سوري، ردا على الهجوم المزعوم للغاز، والثالثة هي تصاعد التهديدات العسكرية ضد كوريا الشمالية، والرابعة هي قصف جوي في شرق أفغانستان، والخامسة هي نشر المزيد من القوات في شمال العراق وشرق سوريا، كما ترغب إدارة ترامب أيضا في الحصول على موافقة الكونغرس على زيادة الإنفاق الدفاعي بما مجموعه 54 مليار دولار، وهي زيادة كبيرة، مقارنة بميزانية روسيا الدفاعية الإجمالية البالغة 66 مليار دولار.

واستطرد الموقع: وبسبب العمليات التي تقودها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان وليبيا وسوريا، فإن أوروبا باتت اليوم مليئة باللاجئين، ما يجلب لأوروبا أيضاً الإرهابيين، ولا شك في أن تكون هناك أسباب أخرى وراء الحرب الأمريكية، ومن المؤكد أن الصين، وهي هدف استراتيجي طويل الأمد للعدوان الأمريكي، وهي تشعر بالقلق إزاء تصعيد التهديدات لكوريا الشمالية، وفيما يتعلق بالتجارة، أصبحت كوريا الجنوبية الآن شريكا تجاريا مهما، ولهذا السبب، لن ترغب الصين في رؤية تدهور الوضع في شبه الجزيرة الكورية، كما أن روسيا لديها حدود صغيرة مع كوريا الشمالية أيضا، ومن المرجح أن تشارك هي في هذا الرأي، والزعيم الوحيد الذي يتمتع بصلاحيات جيدة للوصول إلى رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ-أون هو الرئيس الروسي بوتين، وعندما تم انتخاب ترامب لأول مرة، كانت المفاوضات مع كوريا الشمالية خيارا واقعيا، بل كان هناك حديث عن اجتماع بين ترامب وكيم جونغ أون لإجراء مفاوضات، فمن المؤكد أن الصين وروسيا ستتجنبان تصعيد الوضع في المنطقة.
وقال الموقع: إن العلاقة بين روسيا والصين قوية، والسؤال هو، إذا واصلت أمريكا تصعيد أعمالها العدوانية ضد كوريا الشمالية وسوريا، فما هي الردود؟ ينبغي أن ننظر إلى هذا من وجهة نظر الصين، فأمريكا تستخدم الدولار لإدارة التجارة الخارجية والتمويل لمصلحتها المحلية، وكثير منا على دراية باقتراح مفاده أنه من خلال تصدير الدولارات والائتمان المصرفي المقوم بالدولار، فإن أمريكا تخلق ثروة لكل من الحكومة الأمريكية والمصارف الأمريكية الكبرى، حيث تجنبت الولايات المتحدة ارتفاع معدلات التضخم عن طريق السماح بتداول الدولار على الصعيد العالمي، كما تحتاج إلى كبح جماح طباعة الدولارات لتجنب انخفاض قيمة الدولار، وهنا يطرح المحللون الاقتصاديون السؤال التالي: ماذا ينبغي أن تفعل أمريكا عندما تنفد الدولارات؟ وهنا جاء الأمريكيون بحل: حيث بدأ الأمريكيون يلعبون لعبة طباعة المال، واقتراض المال من جهة أخرى، هذا الاقتصاد المالي (باستخدام المال لكسب المال) هو أسهل بكثير من الاقتصاد الحقيقي (القائم على الصناعة)، ومنذ 15 أغسطس 1971، توقف الاقتصاد الأمريكي الحقيقي بشكل تدريجي وانتقلت أمريكا إلى الاقتصاد الافتراضي، فقد أصبحت دولة اقتصاد "فارغة"، وقد بلغ الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة اليوم 18 ترليون دولار، ولكن 5 ترليونات دولار فقط منها موجودة في الاقتصاد الحقيقي، وبعبارة أخرى، فإن ثروة أمريكا تتم من خلال عملية ضخ وتفريغ يسهلها وضع احتياطي للدولار، ليحل محل الإنتاج الصناعي الحقيقي.
واختتم الموقع: تفكر الصين اليوم في المستقبل، ولديها فهم فريد من نوعه لكيفية إدارة أمريكا لامبراطوريتها المالية لمصلحة اقتصادها المحلي، حيث حافظت الصين على حماية نفسها، وقد فشلت بالفعل محاولات أمريكا لتقويض اقتصاد الصين، ويتركز الاهتمام حاليا في أماكن أخرى، إن الحرب الأخيرة ضد كوريا الشمالية وسوريا لها علاقة كبيرة بإقناع الكونغرس برفع سقف الديون وتشجيع هروب رؤوس الأموال إلى موجة جديدة من الخزانة الأمريكية دون رفع أسعار الفائدة.