الوقت - في وقت حازت أزمة كوريا الشمالية وارتفاع احتمال الحرب مع امريكا على اهتمام دولي واسع، أصبح لطبيعة العلاقة بين كوريا وحليفها الرئيسي الصين، اهمية كبيرة، خصوصاً ان امريكا والغرب يعتمدان بشدة على بكين للسيطرة على السلوك المجهد لقائد "بيونغ يانغ" الشاب.
تسعى الصين لحل سياسيٍّ وسلميٍّ للأزمة الكورية، لأن استمرارها بإمكانه ان يهيّأ أرضية مناسبة للحضور الأمريكي في المنطقة، ولزيادة تواجد امريكا العسكري شرق آسيا. وحفاظاً على علاقتها مع كوريا الشمالية، لطالما لعبت الصين دور الوسيط للسيطرة على التوتر بين بيونغ يانغ والغرب.
في الوقت الحالي وبسبب الحضور العسكري الامريكي في المنطقة، ونشره لصواريخ من نوع "تاد" في كوريا الجنوبية والذي يمكن ان يشكل تهديداً للصين، تسعى "بكين" للحد من الأزمة بأي شكل من الاشكال، وإن العقوبات الإقتصادية التي فرضتها بكين على كوريا الشمالية بعد التجربة الصاروخية الخامسة لبيونغ يانغ هي خير شاهد على ذلك.
تريد الصين من خلال هذه العقوبات ان تعلن رفضها للأعمال الإستفزازية التي يقوم بها بيونغ يانغ، ومن جهة اخرى تريد ارسال رسالة للمجتمع الدولي مفادها ان الصين مستعدة للتعاون مع القوى الدولية لحل الازمة الحالية. وقد اعلنت بكين مرارا وتكرارا ان الحل للأزمة الحالية لا يكون بحربٍ امريكية على كوريا الشمالية، بل يجب البحث عن خيارات اخرى كالدبلوماسية المباشرة.
على الجانب الآخر، تلتفت أمريكا جيدا لدور بكين الفعال في التأثير على سلوك بيونغ يانغ، لذلك فإنها تسعى للإستفادة من ادواتها الاقتصادية والاستراتيجية وتقديم تنازلات للصين، لتشجيعها على التعاون معها، او اخافتها من عدم التعاون. لكن، ولأن الإستقرار في المنطقة مهمٌّ للصين، فإن بكين تسعى اكثر من اي دولة لحل الأزمة الحالية، لأن توسعها يزيد من احتمالية تحولها الى صراع وحرب، مما يؤدي الى تضرر الصينيين، خصوصاً على الصعيد الاقتصادي. وعلى هذا الاساس، فإن قادة الصين يرفضون قبول خطر الحرب، ولذلك فإن الصينيين منذ اشتعال هذه الأزمة الخطيرة اعتمدوا نهجين رئيسيّين، اوّلهما جاء بعد الخطوة الاستفزازية الامريكية ونشر سفن حربية في المنطقة، فرفضوا ان تصبح البيئة الامنية المحيطة بهم مكانا لاستعراض قوة واشنطن، والثاني تمثل بمجاراة المجتمع الدولي بوضع كوريا الشمالية تحت الضغط، كفرض العقوبات الاقتصادية، وذلك لإجبار مسؤولي بيونغ يانغ على التراجع عن تهديداتهم.
وفقا لذلك، يبدو ان السياسة الرئيسية التي تتبعها بكين تتمثل في مفاوضاتٍ ثنائية مع الطرفين لحل سلمي للأزمة في كوريا الشمالية، ونزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية. كما واعلنت السلطات الصينية مرارا وتكرارا ان بكين حاضرة بشكل جدي لإتخاد اجراءات دفاعية لحفظ سلامة كوريا شمالية خالية من الاسلحة النووية، في حال اوقفت الاخيرة نشاطاتها في هذا المجال. وعلى هذا الاساس، فإن بكين وضعت في جدول اعمالها الوساطة بين كوريا الشمالية وامريكا، وذلك لكسب الوقت من أجل حل الأزمة ومنع أي حرب ممكنة.