الوقت-يعتبر متحف الفنون الجميلة في مدينة مكسيكو من أجمل المتاحف المختصة بالفن، كما يعتبر الأقدم في أمريكا اللاتينية، اذ تم افتتاحه عام 1964م وذلك لترسيخ الثقافة المكسيكية، حيث يقدم المتحف لمحة تاريخية خاصة في مجال الفنون التشكيلية، ويعد تجلياً لتاريخ وثورة البلاد وأهميتها في تلك المنطقة.
المتحف يبهر زواره لجماله المعماري، فالمبنى مشيد من الرخام الأبيض الإيطالي، ويقدم ليلاً تجربة خاصة من خلال الاضواء الملونة والتي تنعكس على رخامه ليظهر تألقه الدائم، استغرق العمل على المتحف سنوات طويلة امتدت بين عام 1905م حتى 1934م وذلك بسبب التوقف الذي طرأ إبان الثورة المكسيكية في عام 1910م .
ويحمل المتحف لمسات معماريين ومنهدسين عدة، فكانت اللمسات الإيطالية بفضل المهندس أدامو بواري الذي كان أول من بدأ العمل على المتحف وهو لذي فاز في مسابقة بناء المتحففاتبع مفهوم يجمع بشكل كامل بين طراز الـ "أرت ديكو"، والـ"أرت نوفو".
وقام المهندس المعماري الشهير "فيديريكو ماريسكال" الذي كان تلميذاً لبواري، بتشييد المتحف الذي كان مختلفاً كثيراً في زمنه، وبإكمال أعمال البناء وأضاف إليها الطراز المكسيكي الخاص عبر استخدام الرخام المكسيكي الذي يتميز بألوانه الزاهية مثل الوردي والأخضر والأحمر والأسود وذلك لدمج الهوية القومية على هذا المتحف الراقي.
ومن الأشياء الأخرى الرائعة والفاخرة التي لا يزال يحتفظ بها المتحف والموجودة في قاعة الحفلات الخاصة بالمتحف هي الستائر المصنوعة من الكريستال الفاخر، والتي تم إحضارها من متجر "تيفاني" الشهير في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، وهي عبارة عن جدار ضخم يحمل لوحة جدارية فنية مصنوعة من الزجاج وتجسد المناظر الطبيعية الخلابة للمكسيك.
كذلك أضاف "فيديريكو ماريسكال" بعض العناصر من الأساطير اليونانية الفاخرة مثل التماثيل التي تزين داخل المتحف، والتي تجمع بين ألوان الباستيل الفاخرة وتلك ذات الذوق الرفيع في بعض الأجزاء.
ويضم متحف الفنون الجميلة 17 لوحة جدارية مميزة ومذهلة معروضة بشكل دائم فيه، وهي لأشهر الفنانين المكسيكين من أمثال "دييغو ريفيرا"، و"ديفيد ألفارو سيكويروس" و"خوسيه كليمنتي أوروزكو" و"جورج غونزاليس كامارينا"، كما يعرض المتحف اللوحة الشهيرة "ذا تو فريداس" للفنانة المكسيكية "فريدا كاهلو" إلى جانب أعمالاً أخرى لأشهر الفنانات المكسيكيات مثل "كورديليا أوريتا" و"ماريا إزكيردو"، وقد تم ترتيب صالات العرض بحسب الفترات التاريخية.
والجدير بالذكر أن الرسام الشهير ديغو ريفيرا يعد الأكثر تأثيراً في المكسيك، حيث تعتبر أعماله مشهورة عالمياً، ومن أشهر أعماله "الإنسان، سيد العالم"، وهي لوحة ضخمة تحمل رسالة سياسية تعبر عن تلك اللحظة المحددة التي تشهدها البلاد.
وهذه اللوحة شكلت جدلاً كبيراً وواسع النطاق، حيث استعانت عائلة "روكفلر" في نيويورك بالرسام "دييغو ريفيرا" لرسم هذه اللوحة في مبنى روكفلر، لكن أثناء القيام بذلك، قام الرسام بإدخال بعض التعديلات الخاصة والتي أضافت بعداً سياسياً على الفكرة الأصلية، وأضاف بعض قادة الاشتراكية، ولكن العائلة لم توافق على هذه التغييرات ودمرت اللوحة الأصلية.
ولكن الرسام دييغو ريفيرا أخذ اللوحة وقدمها للمتحف الفنون الجميلة وأنهى لوحته الجدارية في المتحف، وهي اليوم تعد من أكثر الأعمال التي تحظى بالاهتمام والمشاهدة، حيث يشاهدها نحو نصف مليون زائر سنوياً.
بالإضافة إلى ذلك، تم عرض لوحات فنية ومميزة لأشهر الفنانين العالمين مثل "ليوناردو دافنشي" و"مايكل أنجلو وناروتي" و"وبابلو بيكاسو"، فالمكسيكيون يفتخرون كثيراً بتاريخهم العريق وبأعمالهم الفنية والمشهورة عالمياً، لهذا السبب تم تشييد هذا المبنى المذهل لعرضها به.
والأهم من ذلك فإن المتحف يحتوي على منحوتات وأثار تدل على تراث الفن المكسيكي، وعلى صالات عرض للفنون البصرية وقاعات خاصة وضخمة لعرض الأفلام، كما يقام فيه أيضاً فعاليات ثقافية متعددة ومتنوعة.