الوقت- قالت مجلة أي اتش اس جينز البريطانية المتخصصة في الشؤون الدفاعية ان محاولات ولي ولي العهد السعودي الجديد محمد بن سلمان لارساء دعائم قدرته قد تتسبب بردة فعل لمنافسيه في العائلة الحاكمة ما يزعزع الاستقرار في السعودية.
وقالت المجلة البريطانية ان قيام الملك السعودي بتعيين ابنه محمد لمنصب ولي ولي العهد وكذلك قيامه بفصل شركة آرامكو النفطية عن وزارة النفط وجعل محمد بن سلمان على رأس هذه الشركة بالاضافة الى سرعة اتخاذ مثل هذه القرارات من قبل الملك السعودي يعتبر امرا غير مسبوق.
واضافت المجلة ان هذه التغييرات الواسعة يمكن ان تؤدي الى استعداء ابن الملك السابق متعب بن عبدالله الذي يقود الحرس الوطني لأن الملك سلمان قد غير من اسلوب حكام السعودية بايجاد تغييرات بطيئة في هيكلية الحكم كما ان ابنه محمد يسعى جاهدا لتثبيت قدرته.
واشارت المجلة الى قرار عزل مقرن بن عبدالعزيز من ولاية العهد وقالت انه من الممكن ان يقوم محمد بن سلمان بمحاولات اكبر في المستقبل لتنحية محمد بن نايف من ولاية العهد من اجل الاستيلاء على الحكم.
وتناولت المجلة الاحتمالات المتعلقة بمستقبل العائلة الحاكمة في السعودية وقالت ان التطورات الاخيرة في السعودية تثبت ان هناك احتمالاً بأن يقوم ولي العهد الحالي وباقي الامراء في آل سعود بعزل الملك سلمان بذريعة المشاكل الصحية عبر التشاور مع هيئة البيعة.
واضافت ان الوصول الى تلك النتيجة اي الانقلاب على الملك سلمان هو الامر الذي سعى آل سعود لمنع وقوعه ولذلك يبذل امراء آل سعود جهودا لمنع الاطاحة بمحمد بن نايف وهذا ما يزيد من احتمالات الصدام بين القوات العسكرية الموالية للملك مع القوات العسكرية الموالية للامير متعب والأمير محمد بن نايف.
وفي هذا الصدد ايضا اعتبر الخبير المصري الدكتور "احمد راسم النفيس" أن الأزمة في عائلة آل سعود كالنار تحت الرماد وقال: من الواضح أن هذا البلد قد وقع في ازمة سياسية كبيرة وأن الأزمة فيه كنار تحت الرماد، وقد بدأت الأزمة بعد مفارقة الملك عبد الله الحياة واختيار سلمان بن عبد العزيز ملكا للبلاد، حيث فقد عدد من أفراد العائلة المالكة مناصبهم مما أثر على أوضاعهم الاقتصادية والسياسية.
وفي إشارة الى العدوان السعودي على الیمن قال الدکتور راسم النفیس: إن هذا الهجوم هو من اجل إعادة رئیس الجمهوریة المستقیل الى هرم السلطة ومن اجل اجبار أنصار الله على الاستسلام، ولکن في الحقیقة إن الهدف من هذه الحرب هو اخماد المعارضة والربط بین التغییرات في مناصب حکام السعودیة والحرب في الیمن ولکن من المستبعد أن یتمکن حکام الریاض من تحقیق هذه الغایة.
وعلق على بعض التحلیلات القائلة بأن التغییرات في أعلى هرم السلطة في السعودیة کانت من أجل منع حصول انقلاب قائلا: إن الخلافات والصراعات السیاسیة تحصل في أي بلد، وکل شخص او مجموعة سیاسیة تبذل جهدها من اجل الوصول الى اعلى هرم السلطة وقد تؤدي هذه المساعي الى تطویر العملیة السیاسیة والاقتصاد في البلاد او تجعلها اکثر سوءاً وتولد أزمة اکثر تعقیدا.
وأضاف: أنا أعتقد أن حکام السعودیة یجب أن یفکروا اکثر بالأشخاص الموجودین في أعلى هرم السلطة السیاسیة، یجب أن تحصل هذه التغییرات بطریقة تقنع الشخصیات المؤثرة بأن هذه التغییرات تصب في صالح النظام، وان یتم الاعتماد علیهم في مواقع أخرى، بالطبع لن تؤدي هذه التغییرات الى انهاء الخلافات السیاسیة، وأنا اعتقد أن الخلافات ستستمر وتتصاعد.
ولفت النفیس الى ان سیاسات السعودیة في المنطقة لن تتغیر، وقال: لقد استثمر آل سعود منذ سنوات في الأزمات والفتن في المنطقة وإن الأزمة السوریة هي مثال واضح لهذا الاستثمار السيء، وحتى الیوم لم تحصل الریاض على أي أرباح من هذه الاستثمارات والفتن وواجهت الفشل. وعلى الرغم من ذلك فإننی أعتقد ان التغییرات في أعلى هرم السلطة لن تؤثر على سیاسة الریاض في المنطقة وسیستمر آل سعود في إثارة الفتن وفي النهایة ستطالهم نار هذه الفتن.
اما مجلة نيوزويك الامريكية فقالت ان "تعديلات الملك السعودي تؤجج التوتر، ووفقا لتحليلات، سيضطر الملك سلمان إلى منح الأمراء الآخرين حصة من التسلسل الهرمي للأسرة الملكية للحفاظ على السلام، بعد قراره بترقية نجله ذي الأربعة والثلاثين ربيعا لمنصب ولي ولي العهد".
ومن المقرر أن تتسبب إعادة ترتيب خط التوريث في تفاقم التوتر بين الفروع المتنافسة لعائلة آل سعود، بعد أن سنَّ سلمان سابقة جديدة في السعودية، عبر وضع نجله في ذلك المقعد البارز، وتجاوز الأمراء الأقدم سنا، وفقا لجان كيننمونت، الباحثة ببرنامج الشرق الأوسط، في مركز "تشاتام هاوس" البريطاني.
وأضافت كيننمونت: سيقول أمراء آخرون من فروع أخرى بالعائلة الملكية إن أميرا في عمر 34 عاما، لم يكن في مثل هذه القوة والبروز حتى وقت قريب، لكنه أصبح الآن في مسار سريع لتقلد المنصب الأول بالمملكة.
ومضت تقول: سيحتاج حكام السعودية إلى التعامل مع الأمراء الآخرين داخل الأسرة الملكية، إنهم يحتاجون إلى مشاركة السلطة، فعلى النحو التقليدي، لا يوجد توريث يعتمد فقط على منح الملك السلطة لنجله، لكن المعتاد أن يتم اقتسام السلطة بين الفروع المختلفة للعائلة للتأكد من أن الآخرين لديهم حصة كبيرة في النظام.
وهكذا تبدو السعودية في وضع محرج داخليا وخارجيا بسبب الصراعات الداخلية على السلطة وكذلك بسبب العدوان على اليمن والذي واجه فشلا كبيرا في تحقيق اهدافه كما ان السياسات التي اتبعتها السعودية في المنطقة العربية وتأجيج الصراعات الطائفية في البلدان العربية والاسلامية ايضا كان لها مردود سلبي كبير على السعودية ومن اجل ذلك يتوقع الخبراء والمحللون العرب والاجانب ان السعودية مقبلة على أيام صعبة لا محالة.