الوقت- عمل الإنسان جاهداً على مر حقبات زمنية طويلة تطوير وسائل المواصلات وتحسينها بدءاً من الدواب إلى العربات ومن القوارب إلى السفن وغيرها من الوسائل البرية والبحرية، فلم يكتفوا بالتنقل في البر والبحر، بل استمروا وسعوا وكثمرة لهذه الجهود والتضحيات الإنسانية التي قدمت في سبيل العلم استطاع الإنسان التوصل أخيراً إلى حلم الطيران وصناعة الطائرات كوسيلة نقل تهدف إلى اختصار الوقت والمسافات.
تعد "الطائرة" المركبة الجوية الأحدث والأسرع بين وسائل النقل، وتعتبر الطائرة ثورة علمية كبيرة في عالم المواصلات لما تأمنه للإنسان اجتماعياُ واقتصادياُ وغيرها من المجالات.
وهيكلياً تزود الطائرة بمحركات كهربائية نفاثة تعمل على الكيروسين، بالرغم من حجمها الكبير ووزنها الذي يتعادى عشرات الأطنان إلا أنها تستطيع أن تحلق على ارتفاعات عالية نتيجة لقوة الدفع التي تتولد على أجنحتها الخاصة بواسطة هذه المحركات، بالإضافة إلى قوة سحب الهواء، أما الجسم الخارجي للطائرة فتغطيه صفائح خفيفة من الألمينيوم والفولاذ المتصلة بوصلات أسفينية قوية ومُحكمة.
أما تاريخياً وعن كيفية التوصل إلى صناعة الطائرة، فبدأ الأمر بالشعور برغبة التحليق التي بدأت منذ البدايات الأولى عند مراقبة الطيور التي تستطيع أن تحلق عالياً في السماء، فحاول الإنسان منذ القدم أن يستخدم شكل الطائر لصنع نماذج تساعده على تحقيق حلمه بالطيران، وأول من قام بصنع ذلك الفيلسوف الإغريقي والرياضي "أرخيتاس" حيث أطلق على نموذجه اسم "الحمامة" وذلك في القرن الرابع قبل الميلاد، وهي أول طائرة في التاريخ ويقال أنها حلقت على ارتفاع 200 متر وهذه الآلة صنعت من الخشب.
ومن ثم في العام 234م حاول الصينيون أن يخترعوا آلة طائرة لإخافة أعدائهم، اذ نجح الضابط الصيني "كونغ مينغ" باختراع منطاد ورقي مضيء والذي يعمل عن طريق تسخين الهواء الموجود داخل المنطاد الورقي.
أما المحاولة العربية الأولى فقد كانت على يد "عباس بن فرناس" وذلك في الأندلس حيث استمر محاولة طيرانه لمدة عشر دقائق فقط والتي انتهت بمأساة سقوطه وموته.
وبعد ذلك توالت محاولات الطيران لغاية القرن الثامن عشر، حين بدأ البريطانيون بصناعة المروحيات والطائرات الشراعية، التي لم تحمل الركاب في داخلها، ومن ثم حدثت هناك محاولات لصنع طائرات تعمل على البخار ولكنها جميعها باءت بالفشل، رغم قيامهم بالعديد من التجهيزات والترتيبات والدراسات كدراسة ديناميكة الهواء وتشييد أنفاق للطيران، والجدير بالذكر أن السبب الذي أدى إلى فشل جميع التجارب التي ذكرت كانت بسبب استخدام آلات أقل قوة من قوة دفع الهواء والجاذبية.
ولكن في عام 1500م رسم الفنان والرسام الإيطالي الشهير "ليوناردو دافينشي" رسوماته لآلة طائرة ذات أجنحة رفرافة، وفي عام 1783م حقق الفرنسيان "جان ف. بيلاتر دي روزييه" و"ماركيز دآرلاند" أول ارتفاع في الجو في منطاد مستخدمين الهواء الذي مكنهم من الارتفاع عالياً.
وفي عام 1804م أطلق البريطاني "جورج كايلي" أول نموذج لطائرة شراعية بنجاح، وفي عام 1843م رسم المبتكر البريطاني "وليم س. هنسون" تصميمات لطائرة تدفع آليا بمحرك بخاري تحتوي على أجزاء رئيسية للطائرة الحديثة، وفي عام 1848م صمم البريطاني "جون سترنجفيللو" نموذجًا صغيرا والذي اعتمد فيه على تصميم طائرة البريطاني هنسون، حيث حلقت هذه الطائرة ولم تبق في السماء إلا لمدة قصيرة.
إلا أن الألماني "أوتُّو ليلينتال" كان أول من قاد بنجاح طائرة شراعية في الجو وذلك في عام 1891- 1896م، كما أن الأمريكي "صمويل ب. لانجلي" أطلق نموذجًا لطائرة تدفع آليا بمحرك بخاري وذلك في عام 1896م.
وفي عام 1903 كانت أول تجربة ناجحة للطيران ويرجع الفضل في صناعة تلك الطائرة الحديثة بمجسمها الثقيل إلى الأخوين الأمريكيين "أورفيل" و"ويلبور رايت" حيث كان الطيران حلماً يراودهما منذ الصغر وهدفاً سعا لتحقيقه، لذلك تعلما العلوم الميكانيكية والتطبيقية ليصنعون الطائرة الحديثة ويجعلونها أن تحلق عالياً في السماء وفعلاً استطاعوا أن يحلقوا على ارتفاع 100 متر لمدة وصلت إلى ساعة وربع وعلى مسافة 36متراً.
المبدأ الأساسي الذي اعتمدا عليه هو قوة محركات الطائرة حيث قاموا بتطويرها وعملا على العديد من التصميمات التي تعمل بالمبدأ نفسه.
وحالياً يتم اعتبار إرث هذين الأخوين إرثاً تاريخياً وعالمياً في الولايات الأمريكية المتحدة وفي جميع أنحاء العالم، وقد تم وضع صورهما وصورة أول طائرة اخترعوها على العديد من الطوابع والأجسام التذكارية في أميركا.