الوقت- "ما الذي حصل؟؟؟ مجزرة وقتلى وشهداء، نعم فقط طيران التحالف يفعلها" هذا هو لسان حال ابناء الدول التي يقوم طيران التحالف الدولي بشن غاراته على اراضيها، فكلما سمع ابناء تلك المناطق بغارات جوية "خاطئة" اسفرت عن مقتل مئات المدنين سارع ابناء تلك الدول لتوجيه أصابع الاتهام الى طيران التحالف وبالطبع فإن ظنهم بمكانه فلقد باتوا ضليعين في هذه الغارات "الخاطئة" والتي كثرت في الآونة الأخيرة بالرغم من أن اهداف هذه الغارات باتت معروفة للقاصي والداني.
كان أخر تلك الغارات التي وصفت بأنها "مأساة الموصل المخيفة" من قبل مصطفى سعدون مدير المرصد العراقي لحقوق الإنسان، في مدينة الموصل والتي راح ضحيتها حتى الأن 500 ضحيّة حيث وبحسب المرصد العراقي: "وصل عدد الجثث التي انتشلتها فرق الدفاع المدني العراقية من تحت الأنقاض، حتى أمس السبت، إلى 500 جثة، جراء غارتين جويتين للتحالف الدولي استهدفتا منازل في مدينة الموصل"، وأضاف في تصريحات صحفية تناقلتها وسائل إعلام محلية، أن الجثث انتشلت من مناطق موصل الجديدة ووادي العين ورجم حديد وجامع فتحي العلي واليرموك، وأشار إلى أن القصف المفرط الذي يعتبره التحالف الدولي حلا للقضاء على تنظيم الدولة، كان السبب وراء مقتل المئات من المدنيين العُزل في الموصل، والذي اختتم كلامه بالقول: "يريدون أن يخفوها لا يختلفون عن مجرمي الحرب، كذلك هو الحال مع الذين يريدون استغلالها سياسيا".
وأحدثت المجزرة ضجة كبيرة في الأوساط السياسية والاجتماعية العراقية، حيث طالب نواب في البرلمان بفتح تحقيق لكشف ملابسات مجزرة حي الموصل الجديدة في الساحل الأيمن من الموصل، حيث أعلنت النائبة العراقية عن محافظة نينوى، فرح السراج، انها تطاالب رئيس الوزراء، حيدر العبادي، "بفتح تحقيق في هذه المجزرة التي وقعت في منطقة الموصل القديمة بالساحل الأيمن من المدينة".
وبعد انتشار الصور وجد التحالف نفسه مضطرا للاعتراف بها حيث اعترف بالقصف الذي خلف عشرات القتلى من المدنيين في الموصل، لكنه هذه المرة ألقى بالمسؤولية على القوات العراقية حيث أدعى أن هذه العملية تمت بطلب من القوات العراقية، وذكر التحالف في بيان له إنه “بعد الاستعراض الأوّلي لبيانات الضربات … ضربت قوات التحالف مقاتلين تابعين لتنظيم الدولة الإسلامية".
وفي هذا السياق قال التحالف الدولي الذي تقوده امريكا إنه فتح تحقيقا في مقتل عشرات المدنيين غرب الموصل نتيجة غارة جوية نُفذت بناء على طلب الجيش العراقي، بينما أكد الجيش الأمريكي أن طائرات حربية تابعة له نفذت هذه الغارة، حيث أدعت وزارة الدفاع الأمريكية بأن مراجعة أظهرت أن التحالف الدولي استهدف -بطلب من قوات الأمن العراقية- مقاتلين وعتادا لتنظيم الدولة الإسلامية في 17 مارس/آذار الجاري، في موقع يتوافق مع مزاعم سقوط ضحايا من المدنيين.
وقال التحالف الدولي في بيان إنه "أخذ هذه المزاعم على محمل الجد وفتح تحقيقا للوقوف على الحقائق المحيطة بتلك الضربة وصحة الادعاءات بسقوط ضحايا مدنيين".
أما الامم المتحدة فقد أعربت عن "قلقها العميق" إزاء هذه التطورات، وقالت على لسان منسقة الشؤون الإنسانية في العراق ليز غراندي "نحن مصابون بالذهول للخسائر الكبيرة في الأرواح، ونعبر عن تعازينا العميقة للعائلات التي تعرضت لهذه المأساة".
وشددت غراندي على أنه لا شيء أكثر أهمية في هذه الحرب من حياة الناس وحمايتهم، وأكدت أن أطراف الصراع وكل الأطراف الأخرى ملزمون باتخاذ كل الوسائل لحماية المدنيين وفق القانون الدولي.
وبموازاة ذلك أمر وزير الدفاع العراقي عرفان محمود الحيالي بفتح تحقيق فوري بحادثة القصف الجوي التي جرت في حي الموصل الجديدة، بحسب بيان لوزارة الدفاع العراقية.
ومن جانبه قال رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري في بيان إن ما يحدث في غرب الموصل "أمر بالغ الخطورة ولا يمكن السكوت عنه في أي حال من الأحوال".
وأكد محافظ المدينة نوفل حمادي أن "أكثر من مئات المدنيين قتلوا جراء القصف الجوي الذي قامت به طائرات التحالف الدولي على مواقع تنظيم الدولة في حي الموصل الجديدة خلال الأيام القليلة الماضية"وقبل ذلك قالت رئيسة مجلس قضاء الموصل بسمة بسيم إن أكثر من خمسمئة مدني أعزل قُتلوا في غارات للتحالف الدولي على حي الموصل الجديدة، أثناء التمهيد لدخول القوات العراقية إليه قبل نحو أسبوع، وأضافت أن ما حصل يكاد يكون مقصودا لأنه لم يستهدف مقاتلي تنظيم الدولة الذين لم يتجاوز عددهم ستة أشخاص قبل خروجهم من الحي.
وفي حين أقرّ التحالف الدولي في وقت سابق من العام الماضي بسقوط مزيد من الضحايا المدنيين في الغارات التي يشنها في العراق وسوريا، تقول منظمة "إيروورز" غير الحكومية -ومقرها في لندن- في تقرير لها صدر منتصف العام 2015 أن "العدد الإجمالي للأشخاص الذين قضوا بضربات التحالف في سوريا والعراق يتجاوز 1500 قتيل"، ليتضاعف هذا الرقم من ذلك حتّى المجزة الأخيرة.
وهنا يرى مراقبون أن التحالف الدولي لا يقوم بأي عمل بشكل عبثي وخاطئ فعندما قامت 5 مقاتلات تابعة للتحالف الأمريكي بقصف مواقع للجيش السوري في دير الزور والتي استهدفت المواقع المتواجدة في محيط المطار، تبين حينها أن هذه الغارات الامريكية مكنت مسلحي تنظيم داعش من التقدم نحو المنطقة بشكل كبير الامر الذي اعتبره مواقبون تغطية جوية للتنظيم الارهابي، وبينما لا تزال إشارات الاستفهام ترسم حول هذه الغارة على الموصل سيتبين ولو بعد حين المقصد الحقيقي وراء هذه الغارات والذي قد يكون سياسياً او عسكرياً.