الوقت- اختار الرسام الألماني الشهير راينهارد كلايست من العاصمة السودانية لتدشين النسخة العربية من كتابه "حلم الأولمبياد"، والذي يحكي بالرسوم آلام وآمال وأحلام البطلة للألعاب الأولمبية الصومالية "سامية يوسف عمر" والتي غرقت أثناء محاولتها عبور البحر الأبيض المتوسط، فطموح سامية واندفاعها هو ما ألهم كلايست الذي كان في لندن في مارس/آذار السابق لتسويق النسخة الإنكليزية من كتاب صدر باللغة الألمانية في ربيع عام 2015.
كانت سامية والتي بلغت من العمر 17 عاماً في حينها، واحدة من رياضيين اثنين يمثلان الصومال التي مزقتها الحرب في ألعاب بكين.
فقد كانت هذه العداءة الشهيرة قد مسحت بعضاً من الكآبة والفقر والحزن التي تطوي بلادها بفعل الحرب الأهلية المستعرة منذ أكثر من عقدين ونصف العقد، بمشاركتها في أولمبياد بكين 2008، في مسابقة مئتي متر.
وفي هذا الإطار، حملت سامية علم بلدها ونافست في سباق الـ200 متر، وكان أداؤها أفضل من أي مرة في الجولة الأولى ولكنها أنهت المنافسة في المركز الأخير، بفارق 10 ثوانٍ فقط.
لا تزال الأفلام المصورة لهذا السباق متوفرة تظهر عداءة عازمةً على إنهاء السباق، على الرغم من أنها بدت في الخلف. عبرت خط النهاية في ظل هتافات مرتفعة من الحشود.
أما بعد عودتها إلى الصومال فلم يكن بوسعها مواصلة تدريباتها، ليس فقط لمشاكل لوجستية، حيث تسكن في الأصل في مخيم للاجئين، وإنما تلقيها تهديدات من حركة الشباب المجاهدين، المناهضة لأي مشاركة نسوية من هذا النوع.
وفي السياق نفسه، فوسط هذه "المآسي"، كما أكد الرسام الألماني في تدشين كتابه، قررت العداءة مغادرة بلادها إلى أوروبا، لكي تحقق حلمها في مشاركة جديدة بأولمبياد لندن 2012.
وبالفعل، عبرت الفتاة الصومالية سامية حدود بلادها إلى إثيوبيا، ومنها إلى السودان، الذي يسلكه أغلب المهاجرين غير النظاميين من دول القرن الأفريقي، إلى جارته الشمالية الغربية ليبيا، في الطريق إلى أوروبا.
في قارب صغير نسبيا، ومزدحم بسبعين من المهاجرين، أدارت العداءة ظهرها لشواطئ ليبيا، لكن حلمها وئد غرقا، قبالة شواطئ مالطا .
وتنتهي قصة سامية بإعلان زميلها اللاعب الصومالي عبدي بيلي، عن وفاتها، وقد شارك بيلي مرتين في الألعاب الأولمبية وفاز ببطولة العالم في عام 1987 لسباق الـ1,500 متر.
وبعد الألعاب الأولمبية لعام 2012، أعلن بيلي بغضب وحزن في خطاب ألقاه في مقديشو أن سامية قضت في البحر الأبيض المتوسط.
وأشار طالباً من الحضور تذكر سامية "نحن المسؤولون، وإن لم نتذكر، فلا يمكننا إصلاح الأمر".
والجدير بالذكر أنه في حفل تدشين كتابه الخميس الماضي، أوضح الرسام الألماني بنبرة حزينة إن عمله "أسهم بصورة كبيرة في التعريف بمخاطر الهجرة غير الشرعية". وأشار إلى أنه اختار الخرطوم لتدشين رسومه لأنها المدينة العربية التي مرت بها الفتاة الصومالية، أثناء رحلتها إلى لندن.