الوقت - كان على السياسي المحنك أردوغان أن يعيد حساباته بشكل جيد قبل أن يسمح لجنوده بالدخول إلى سوريا، هل كان يتوقع هذا الرئيس الطامح بإعادة إمبراطوريته العثمانية، أن يفرش له الجيش السوري الطريق بالورد الأحمر؟!، تذاكى أردوغان ودخل الأرض السورية بغطاء أمريكي، ولكن لم يكن يتوقع أن تصبح هذه الأرض مقبرة لجنوده ولأحلامه، فهل ستسعفه حنكته السياسية بالخروج من سوريا دون أن يحمل معه وزر ماقدمت يداه؟!
وفي الحديث عن آخر الصفعات التي تلقاها أردوغان نتيجة سياسته الحمقاء، ما أنجزه الجيش السوري ليل الثلاثاء الماضي من عمليات عسكرية نوعية في ريف حلب الشرقي، نتائج هذه العمليات لم تشل حركة القوات التركية في مدينة الباب فحسب، بل غيرت قواعد اللعبة بأكملها تاركة أردوغان وجيشه وحلفائه في ورطة كبيرة لاتحمد عقباها.
فبعد هدوء استمر عدة أيام، حقق الجيش السوري والقوات الرديفة تقدماً مباغتاً، سيطروا من خلاله على المحور الجنوبي لمدينة الباب، بعد أن طردوا إرهابيي داعش من جنوب الباب، كما حرروا بلدة تادف، لتصبح بذلك المعركة لصالح الجيش السوري.
ويرى الكثير من الخبراء أن تحرير الجيش السوري لبلدة تادف ستدفعه إلى مواجهة مباشرة مع المجموعات المسلحة التي تدعمها تركيا والمعروفة باسم "درع الفرات".
لم تتوقف عمليات الجيش السوري عند تحرير بلدة تادف، بل قام بالسيطرة أيضاً على 14 قرية في المحور الجنوبي لتادف نذكر منها "فیحه، تله فیحه، تله الحواره، خان قیار وأبو جبار".
ومن خلال سيطرة الجيش السوري على هذه القرى وتقدمه في المحور الجنوبي الشرقي لبلدة تادف، يكون قد شل حركة قوات درع الفرات في الريف الشرقي لحلب، ومنع تقدمها نحو الجنوب.
وتشير الظروف الميدانية، إلى أن الجيش السوري سيتابع عملياته العسكرية في المحور الجنوبي الشرقي لبلدة تادف، واضعاً نصب أعينه تحرير قرى بيرقدار، جب ناسان، السکریه ومزارع السکریه.
تدخّل الدول الخارجية في معركة الباب بالإضافة إلى تعدد اللاعبين، جعل ظروف المعركة معقدة، ما أجبر المشاركين في هذه المعركة على حساب كل خطوة يقومون بها بحذر ودقة، ولكن فتح جبهة جديدة من قبل الجيش السوري في ريف حلب الشرقي وتقدمه الكبير فيها قلب الطاولة على جميع اللاعبين وغير من موازين القوى لتصبح لصالحه.
ومع تقدم الجيش السوري في ريف حلب الشرقي، نجح في بسط سيطرته على مناطق مهمة مثل جبل سويلم، وقرى شنهصه، الشامی ورویده الباب، ليقترب مسافة 25 كيلومتراً من بحيرة الأسد.
ومع وصول الجيش السوري إلى بحيرة الأسد، يكون قد أغلق المحور الثاني الذي يمكن أن تتقدم من خلاله قوات درع الفرات، كما يكون قد استعاد السيطرة على امدادات المياه لمحافظة حلب.
من جهة أخرى أصبح الجيش السوري على بعد 4 كيلومتر من مدينة دير حافر، وتأتي أهمية هذه المدنية أنها تتحكم بالطريق المؤدي إلى الرقة في ريف حلب الشمالي، ومع وصول الجيش السوري إلى المدينة يكون قد قطع الطريق الثالث لتقدم قوات درع الفرات.
وهكذا يكون الجيش السوري قد قضى على أحلام أردوغان بالتوجه إلى الرقة، ومع وصول قوات الجيش السوري إلى جنوب منبج أي على خط التماس مع قوات سوريا الديمقراطية، أصبح أردوغان أمام خيارين في حال قرر التوجه نحو الرقة، إما أن يصطدم مع قوات الجيش السوري المدعوم من روسيا أو يصطدم مع قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من أمريكا.
وبذلك يكون السلطان العثماني قد وضع نفسه بين فكي كماشة، ليطل علينا السياسي اللعوب بالقول، التوجه إلى منبج يحتاج إلى التنسيق مع روسيا وأمريكا، كذلك الأمر بالنسبة للرقة.
الجيش السوري من خلال استخدام تكتيكات السرعة والمفاجأة في عملياته العسكرية استطاع أن يحرر مساحة 600 كيلومتر مربع كانت تحت سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي، ليبسط بذلك سيطرته على بلدات الزعرورة، جب السلطان وجب الحمام في ريف حلب الشرقي، وأصبح على تماس مباشر مع مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" جنوب غرب منبج. وعليه، يكون قد ربط الجيش السوري بين محافظة الحسكة في شمال شرق سوريا ومحافظة حلب في شمال غرب سوريا.
وفي نهاية هذا التقرير أصبح بإمكاننا القول، إن التعاون بين قوات سوريا الديمقراطية والجيش السوري، سيمنع أي محاولة لتقدم القوات التركية، كما سيساعد في تثبيت الوضع الميداني، إضافة إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى الحسكة، كما يمكن أن يصبح الطريق بين محافظتي الحسكة وحلب خطاً لتأمين الإمدادات العسكرية عند توجه الجيش السوري لتحرير الرقة.