الوقت – سلطت الاحتجاجات التي اندلعت بعد فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الامريكية وحملة القمع التي شنتها الشرطة الامريكية الضوء على العتاد والآليات والأسلحة التي باتت الشرطة تستخدمها، فرغم حاجة قوات الشرطة في مختلف دول العالم لعتاد متطور لمكافحة الجرائم المنظمة مثل احتجاز الرهائن وما شابه ذلك لكن ما يجري في الشرطة الامريكية مختلف تماما حيث يطلق الكثير من الخبراء الغربيين تسمية "عسكرة الشرطة" على ما يجري داخل امريكا.
ورغم إقتناء قرابة 80 بالمئة من افراد المجتمع الامريكي للأسلحة لكن الشرطة الامريكية لم تكن في اي يوم من الايام بهذه الدرجة من التسليح، ان عملية تسليح الشرطة الامريكية بهذا المستوى وازدياد عنف الشرطة زاد من حدة التوتر في المجتمع الامريكي وقد حدثت ردات فعل دامية بعد مقتل الشاب الامريكي الأسود على يد الشرطة في فيرجسون ومنها قتل 5 من افراد الشرطة في السابع من يوليو عام 2016.
الشرطة تقمع الاحتجاجات في فيرجسون
مدرعة ام 113 التابعة للشرطة الامريكية
ويستغل مسؤولو الشرطة قانونا يسمح للبنتاغون باهداء الاسلحة والعتاد التي لم تعد تحتاجها الى الشرطة او باقي اجهزة تطبيق القانون في امريكا بالمجان، واحد المصاديق هو تسليم الآليات المدرعة التي استخدمت في مواجهة العبوات الناسفة والقناصين في افغانستان والعراق الى الشرطة.
نموذج من الآليات المدرعة للشرطة الامريكية
والى جانب هذه الآليات الثقيلة التي لاتحتاجها الشرطة اساسا في الوقت الراهن تم تزويد قوات الشرطة بأسلحة هجومية وبنادق قنص ودروع وحتى الروبوتات المسيرة عن بعد كهبة أو عمليات شراء مباشرة.
ويتذرع مسؤولو الشرطة الامريكية بوجود السلاح الناري بيد المواطنين لتزويد الشرطة حتى بمدرعات من طراز ام 113.
ومن اجل معرفة سر هذا اللغز يشير بعض المحللين الى تحقيقات اجرتها وزارة العدل الامريكية حول عنف الشرطة في مدينة فلادلفيا فتلك التحقيقات اظهرت ان تعليمات استخدام القوة هي غامضة في الكثير من الاحيان لأن الشرطة باتت لاتكترث بالحل السلمي في التعامل مع الأحداث الأمنية، كما تبين ان 80 بالمئة من ضحايا اطلاق النار من قبل عناصر الشرطة هم من السود وان ضباط الشرطة يتم استجوابهم بعد مضي فترة طويلة على حوادث اطلاق النار في الكثير من الحالات.
الحرب تدخل الى المدن الأمريكية
اصدرت رابطة الحريات المدنية في امريكا تقارير تحت عنوان "الحرب تدخل البيوت" في عام 2014 تطرقت الى موضوع عسكرة الشرطة في امريكا وتسليح الشرطة اكثر مما يلزم والحوادث المؤلمة التي يسببها ذلك للمواطنين الامريكيين.
وقد تطرقت التقارير الى الاساليب العنيفة جدا التي تستخدمها الشرطة عند الدخول الى المنازل وكيفية اعتقال المشتبه بهم مؤكدة ان هذه الاساليب والتدريبات تستخدم في ساحة الحرب وليس لاعتقال المشتبه بهم وسط المدينة.
وكشفت التحقيقات ان قيمة العتاد الحربي المستخدم في سلك الشرطة في أمريكا كانت تبلغ مليون دولار في عام 1990 لكن هذا الرقم وصل الى 450 مليون دولار في عام 2013 وهذا يدل على حجم عملية عسكرة الشرطة.
ويقول صحفي امريكي يدعى رادلي بالكو ان وحدة العمليات الخاصة في الشرطة الامريكية استخدمت في عمليات اقتحام منازل تجري فيها عمليات القمار بشكل غير قانوني او يتم فيها بيع المشروبات الكحولية لمن هو دون السن القانوني وان هذه الاقتحامات اسفرت عن 50 حالة قتل بسبب الاساليب العنيفة التي تستخدمها هذه القوات.
وتؤكد التقارير ضلوع شركات صنع الأسلحة والشركات الأمنية الخاصة في ايجاد نوع من العلاقة بين الشرطة وبين مصنّعي السلاح والعتاد لأن ذلك يدرّ عليهم ارباحا طائلة.
وقد قالت صحيفة واشنطن بوست ان 990 شخصا قتلوا برصاص الشرطة في العام الماضي واذا وضعنا ذلك الى جانب عمليات عسكرة الشرطة بوتيرتها المتسارعة وكذلك عدم مساءلة عناصر الشرطة وتزايد حالات العنف في المجتمع باستخدام السلاح وعدم التشدد مع بيع السلاح بسبب نفوذ شركات صنع الأسلحة، سنجد ان امريكا ستشهد خلال الفترة المقبلة وجود جيش مدجج بالسلاح يتولى المهام البسيطة للشرطة في المدن الامريكية.
ان الاعلام الامريكي يقيم الدنيا ولايقعدها حينما تحدث حالات عنف في الدول الاخرى لكنه يغض الطرف عما يجري في داخل امريكا، وربما يعلم الاعلام الامريكي ايضا ان هذه الشرطة التي تشبه جيشا ستكون أداة بيد الحكومات الامريكية لقمع كل احتجاج وخنق أي صوت في المستقبل.