الوقت- حول إتهام أردوغان لأمريكا بدعمها للإرهاب في سوريا والتصعيد المقابل وحول الأسباب الكامنة خلف إمتناع أمريكا عن تقديم الدعم لتركيا في حملتها على مشارف مدينة الباب وأفق نجاح المقترح الروسي التركي لوقف إطلاق النار الشامل في سوريا، كان لنا حوار مع المحلل السياسي ومدير مركز الدراسات الإجتماعية والتربوية في بيروت الدكتور طلال عتريسي.
الوقت: رأينا إتهام اردوغان للأمريكيين بدعم الجماعات الإرهابية في سوريا، وجاء الرد الأمريكي على لسان المتحدث بإسم خارجيتهم بتسخيف ما جاء على لسان اردوغان من إتهامات، فما سبب هذا التغيير في اللهجة التركية اتجاه واشنطن في هذه المرحلة بالذات؟
عتريسي: "أظن أن السبب الرئيسي هو ما يواجهه الجيش التركي على مدخل مدينة الباب السورية، فهو يواجه صعوبات كثيرة وسقط له عدد كبير من القتلى، وبالتالي بات يحتاج إلى تدخل أمريكي يعطيه غطاء وحماية أكثر وقد طلب الأتراك هذا الأمر من الأمريكيين إلا انهم لم يستجيبوا، لذلك يعمل أردوغان على تصعيد اللهجة ضد الامريكيين، إلا أن الأمريكيين لا يريدون تقديم هذه الحماية والدعم لتركيا في هذه المنطقة وفي هذا التوقيت بالذات، وهذا الأمر دفع نحو التصعيد التركي وتوجيه الإتهامات بهذا الشكل، ولأول مرة يتحدث أردوغان بهذه الطريقة مع الولايات المتحدة الأمريكية منذ بداية الأزمة السورية."
الوقت: ما سبب عدم تقديم التحالف الدولي بقيادة أمريكا الغطاء الجوي للجيش التركي في مدينة الباب؟
عتريسي: "في الأصل السياسة الأمريكية منذ سنوات إن كان في سوريا أو العراق لم تتخذ قراراً حاسماً بالقضاء على تنظيم داعش، والتحالف الدولي منذ سنتين تقريباً لم يفعل أي شيء مؤثر يؤدي إلى تغيير الموازين وبالتالي القضاء على داعش، إنطلاقاً من هذه المنهجية الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد تقديم هذه الورقة لتركيا في الوقت الذي تتقرب فيه الأخيرة في علاقاتها مع روسيا وتنسق مباشرة معها لإيجاد الحلول للأزمة السورية، هذا برأيي يفسر إمتناع الولايات المتحدة الأمريكية عن تقديم الدعم للأتراك في مدينة الباب."
الوقت: ألا تعتقدون أن للأكراد بإعتبارهم "حلفاء أمريكا" ولمدينة منبج علاقة في مسألة عدم تقديم الدعم لتركيا في الباب؟
عتريسي: "هذا جزء من المسألة، وطبعاً كان له تأثير على قرار واشنطن في عدم تقديم الدعم لتركيا، إلا أن الأمريكيون سمحوا في البداية للأتراك بالتقدم على حساب الأكراد في ما سمي بعملية درع الفرات وطُرد الأكراد من مناطق واسعة كانت تحت سيطرتهم في الشمال السوري، لكن كما نعلم أن الولايات المتحدة تعمل دائماً على أكثر من رهان وأكثر من سيناريو، فمن جهة هم لا يريدون أن يخسروا ورقة الأكراد كلياً ولا يريدون لتركيا أن تحرق هذه الورقة بشكل كامل، ومن جهة أخرى الإدارة الامريكية الحالية تريد تثبيت هذا الواقع في آخر أيامها في السطلة بإنتظار ما ستنتهجه الإدارة المقبلة."
الوقت: برأيكم ما هو أفق نجاح الشراكة الروسية التركية المستجدة، وما مدى قدرة هذه الشراكة على إنجاح المقترح الأخير حول وقف إطلاق النار في سوريا؟
عتريسي: "طبعاً يجب أن نلفت أن هذا أمر مستجد في الأزمة السورية، أي بأن تكون تركيا شريك مباشر لروسيا ولإيران، وبموافقتها على وقف إطلاق نار شامل في سوريا، هذا أمر لم يتم الحديث عنه في أي مرحلة سابقة في الأزمة السورية، هذا من جهة. أما من جهة أخرى لا أعتقد أن هذا المقترح سيكون بهذه السهولة، فهناك جماعات مسلحة تقاتل على الأرض تنال دعماً من أطراف عدة خارجية، وطبعاً لتركيا نفوذ على هذه الجماعات المسلحة، إلا أن المعضلة أو السؤال الأهم هو: متى ستكون الولايات المتحدة الأمريكية شريكة في هذه العملية؟، لذا أعتبر اننا سنشهد المزيد من التصعيد إلى حين وصول الإدارة الامريكية الجديدة بقيادة ترامب، فنجاح أي حل في سوريا منوط بعدم عرقلة أمريكا له مباشرة أو عبر أدواتها، هذ وألفت أن الرئيس بوتين لديه رغبة أيضاً بأن تكون أمريكا شريكة في العملية السياسية في سوريا وفي عملية وقف إطلاق النار أيضاً، وهذا لن يتحقق إلا بوصول ترامب وتسلمه زمام الحكم بشكل فعلي."