الوقت- ما إن بدأت السعودية بشن عدوانها الغاشم على اليمن بإيعاز امريكي وبدعم من بعض الدول الغربية وعدد من دول المنطقة حتى بدأت التساؤلات تطرح بقوة حول طبيعة هذا العدوان والاهداف التي يتوخاها .
وأول هذه التساؤلات التي تبادرت الى الذهن بهذا الخصوص هو لماذا شنت السعودية هذا العدوان البربري على اليمن والذي حمل عنوان " عاصفة الحزم " وشكلت تحالفاً عربيا – امريكيا لتنفيذه بحجة السعي لاستعادة الشرعية في هذا البلد وحفظ الاستقرار في المنطقة وهي التي لم تحرك ساكناً عندما شن الكيان الاسرائيلي عدوانه ولمرات عديدة على قطاع غزة ولبنان وقتل الآلاف من المدنيين العزل ودمر البنى التحتية للشعبين الفلسطيني واللبناني ؟ !
والتساؤل الآخر : لماذا حرصت السعودية على شن عدوانها على اليمن في هذا الوقت بالذات في وقت يعلم الجميع أن المنطقة تعاني الكثير من الازمات الصعبة والتي تحتاج الى حلول عاجلة لاسيما ما يتعلق بخطر الجماعات الارهابية والتكفيرية والمتطرفة التي عاثت في الارض فساداً وأهلكت الحرث والنسل ودمرت وأحرقت الكثير من المرافق الانسانية والحكومية الحيوية والابنية التاريخية والاثرية لاسيما في العراق وسوريا ، بل ان هناك ادلة قاطعة ودامغة على ان السعودية هي من أولى الدول الداعمة لهذه الجماعات بالمال والسلاح وإصدار الفتاوى التكفيرية التي تجيز لها ارتكاب الجرائم البشعة باسم الدين والدين منها براء ؟ !
وهناك تساؤل ثالث : هو لماذا استعجلت السعودية في شن هجومها على اليمن ولم تطلب الاذن من مجلس الامن الدولي الجهة الوحيدة المخولة بإصدار مثل هذا الاذن وهي تعلم جيداً ان عدم حصولها على هذه الموافقة يعد مخالفة صريحة للقانون الدولي وانتهاكاً سافراً لسيادة دولة مستقلة لم يبدر منها أي خرق للمقررات الدولية يجيز شن مثل هذا العدوان عليها ؟ !
ومن حقنا أن نتساءل ايضاً لماذا شنت السعودية عدوانها على اليمن وجيشت الجيوش لمهاجمة هذا البلد الصغير في مساحته والفقير في امكاناته والمنهك اقتصادياً في وقت كان الاجدر بها أن تمد له يد العون وتساعده في إعادة بناء ما دمرته السياسات الفاشلة للحكومات السابقة التي تعاقبت على حكمه ؟؟
والتساؤل الملح الآخر : اذا كانت السعودية حريصة فعلا على استعادة الامن والاستقرار الى اليمن وتمكين شعبه من اختيار نوع وشكل الحكم الذي يرتضيه كما تدّعي ، فلماذا تمانع هي بإعطاء هذا الحق لشعبها ولا تمنحه الحرية في اختيار شكل ونوع النظام الذي يرتضيه وتستخدم كافة الوسائل لقمعه ومنعه من التعبير عن رأيه ولا تعتمد غير التوريث العائلي اسلوباً لتعيين حكّامها من الاسرة المالكة حصراً وتضرب عرض الحائط حق الشعب في تقرير مصيره وفق الأسس الديمقراطية المعتمدة في الدول المتحضرة ؟ !
ولنا أن نتساءل أيضاً : لماذا تتدخل السعودية في الشؤون الداخلية للدول الاخرى ومن بينها اليمن في حين ترفض أي تدخل في شؤونها من أي من دول المنطقة ولكنها تنصاع للدول الغربية وعلى رأسها امريكا وتسمح لها بفرض إرادتها عليها وتنفيذ ما تمليه عليها رغماً عن أنفها دون أن يبدر منها أي ردة فعل تجاه هذا التدخل ؟ !
واذا كانت السعودية حريصة فعلاً على مصالح شعوب المنطقة كما تزعم فلماذا تشارك في تنفيذ المؤامرات التي تحيكها امريكا والكيان الاسرائيلي ضد هذه الشعوب وتقوم على سبيل المثال بتصدير كميات كبيرة من نفطها الى الدول التي تشارك في حياكة هذه المؤمرات وتساهم بالتالي في خفض أسعار النفط الى درجة كبيرة وهي تعلم جيداً أن هذا الأمر يلحق الضرر بالكثير من دول المنطقة كونها تعتمد بالدرجة الاولى على واردات النفط في إدارة شؤونها الاقتصادية ؟ !
والتساؤل الآخر : هو لماذا استعانت السعودية بدول اخرى لشن عدوانها على اليمن وفي مقدمتها امريكا وهي تعلم ان هذه الدول لا تهمها سوى مصالحها ولا تحرك ساكناً ما لم تضمن تحقيق هذه المصالح ولو على حساب أرواح ودماء وكرامة أبناء شعوب المنطقة ؟! واذا كانت السعودية جادة فعلاً في إعادة الامن والاستقرار الى المنطقة فلماذا تضع كافة امكاناتها تحت تصرف القوى الاجنبية التي تسعى للهيمنة على مقدرات دول وشعوب هذه المنطقة بحجج وأعذار واهية كما يحصل في سوريا والعراق ؟ !
هذه التساؤلات وغيرها تمنحنا الحق للطعن بكل ما يدعيه النظام السعودي وتسفيه جميع الذرائع التي يقدمها لتبرير عدوانه على اليمن وتجعلنا نتيقن بأن هذا العدوان لم يكن ليشن لولا حرص وإصرار هذا النظام على إبقاء المنطقة في دوامة الأزمات التي ساهمت السعودية بصناعتها خدمة للمشروع الصهيوني – الامريكي الرامي الى تمزيق المنطقة والاستحواذ على ثرواتها ونهب خيراتها والتحكم بمصير شعوبها .
وفي الختام لابد من التأكيد على حقيقة تدركها الرياض قبل غيرها ولكنها لا تعمل على وفقها وتتصرف خلاف مقتضياتها وهي ان الشعوب ومن بينها الشعب اليمني اقوى من العملاء والطغاة ولن تثنيها المؤامرات عن السعي الحثيث لنيل حقوقها المشروعة والتمسك بسيادة بلدانها واستقلالها وعزتها وكرامتها التي بذلت الغالي والنفيس كي تحققها على ارض الواقع رغماً عن أنف امريكا والكيان الاسرائيلي والانظمة الرجعية المتحالفة معهما في هذه المنطقة .