الوقت -تستلهم قوى المقاومة والممانعة في المنطقة نهج عملها من قوات التعبئة الشعبية التي تشكلت في ايران الاسلامية عقب انتصار الثورة الاسلامية في عام 1979 بأمر من مفجرها الامام الخميني الراحل (رض( ولذلك نجد ان قوى المقاومة والممانعة في المنطقة تسجل النجاحات واحدة تلو أخرى في المواجهات التي تخوضها مع العدو الاسرائيلي من جهة ومع التكفيريين الوهابيين والارهابيين من جهة أخرى، فكيف أنشأت قوات التعبئة الشعبية وماهي أساليب عملها وأدائها وكيف تقهر اعدائها؟
ان لقوات التعبئة الشعبية هوية اسلامية وشعبية لأن الثورة الاسلامية كانت في الاساس ثورة ثقافية تعتمد على المد الشعبي، وقد أنشأت قوات التعبئة الشعبية في ايران عقب الإستيلاء على وكر التجسس الامريكي في طهران في عام 1979 بأمر من الامام الخميني الراحل (رض) الذي قال ان دولة يعيش فيها 20 مليون شاب يجب ان يمتلك جيشا مؤلفا من 20 مليون حامل للسلاح وان هكذا دولة تعتبر عصية على الضربات ولن تصاب بأضرار، وقد لبّت جماهير الشعب الايراني هذا النداء وتشكلت الخلايا الأولى لقوات التعبئة الشعبية في مساجد ايران من اجل صون انجازات الثورة الاسلامية والذود عنها.
ومن اهم الانجازات الهامة لقوات التعبئة الشعبية هو تصدير أنموذج وثقافة التعبئة الى دول أخرى مثل العراق ولبنان وفلسطين وسوريا ولذلك نجد الآن ان قوات المقاومة الشعبية في العراق وسوريا يتم تنظيم صفوفها حسب أنموذج قوات التعبئة الشعبية في ايران فنرى هناك تنظيمات شعبية مثل عصائب أهل الحق وفيلق بدر والحشد الشعبي في العراق وكلها متأثرة بفكر ونهج وثقافة قوات التعبئة الشعبية في ايران.
ان الحشد الشعبي في العراق تشكل ردا على سقوط الموصل بيد تنظيم داعش الارهابي في شهر يونيو عام 2014 وذلك بعد الفتوى الشهيرة التي اطلقتها المرجعية الدينية العليا وقد استطاعت هذه القوات الشعبية وبالتعاون مع الجيش العراقي صد تقدم داعش نحو بغداد.
ويقول رئيس شورى الحشد الشعبي عقيل الحسيني ان الحشد الشعبي العراقي هو امتداد لقوات التعبئة الشعبية في ايران، وقد اجبرت نجاحات قوات الحشد الشعبي العراقي حتى وسائل الاعلام الامريكية على الإذعان والإعتراف بها حيث كتبت مجلة نيوزويك في هذا الصدد "ان قوات الحشد الشعبي العراقي التي حاربت داعش ورسمت معادلة النصر للعراق هي في الحقيقة رابع أخطر قوة عسكرية في العالم من حيث القوة التدميرية بعد القوات الخاصة البحرية الامريكية (نافي سيل) وقوات آلفا الروسية وقوات ايكو كوبرا النمساوية.
وفي سوريا ايضا تأسس "الجيش الشعبي" في صيف عام 2012 باستلهام من قوات التعبئة الشعبية الموجودة في ايران وقد لعب الجيش الشعبي السوري منذ بداية تشكيله دورا هاما في التصدي للارهابيين والحاق الهزيمة بهم في مختلف المناطق في سوريا وشارك في تطهير مدينة حلب على وجه الخصوص من الارهابيين الذين يسمون بالجيش الحر، كما لعبت هذه القوات دورا رادعا في وجه امريكا التي كانت تريد توجيه ضربة عسكرية لسوريا لأن وجود هذه القوات الكبيرة تدل من جهة على الالتفاف الشعبي حول النظام السوري ومن جهة أخرى تمنع العدو من تكوين تقييم دقيق عن هذه القوات الشعبية.
ان هذه الحقائق التي تم الإشارة اليها تدل بوضوح ان فكر وثقافة التعبئة قد انتشرت في كل العالم الإسلامي وعبرت الحدود الايرانية مع العلم ان هذا الفكر والثقافة تتعدى الحالة العسكرية البحتة فمقارعة الظلم أينما وجد هي من العناصر التقافية الاستراتيجية لقوات التعبئة وهي احد عوامل النجاح لأن نجدة المظلوم لا يقتصر على المظلومين المسلمين بل تبادر قوات التعبئة الشعبية الى مناصرة اي مظلوم في اية بقعة من هذا العالم وهكذا تستطيع قوات التعبئة الشعبية ان تدخل فكر ونهج مناهضة ومقارعة الظلم في الثقافة السياسية للدول والشعوب التي تعاني من الظلم وتوجد حركة عالمية ضد الظلم والجور.
ان العناصر الثقافية الاستراتيجية للتعبئة هي كثيرة جدا ولا مجال هنا للاشارة الى كلها لكن من الواضح جدا ان هذه العناصر الثقافية تمتلك القوة الكافية للانتشار في كل العالم وهذا يحيي الآمال بامكانية استمرار الصحوة الإسلامية وزوال الإستكبار العالمي والحلف الصهيوني في كل العالم. ان هذه العناصر الإستراتيجية تسببت بانتشار قيم الثورة الاسلامية ليس فقط في خارج حدود ايران بل في خارج حدود المنطقة حيث باتت قوى المقاومة في العالم تتحدث عن المواجهة مع نظام الهيمنة في شتى مناطق العالم وهذا يشكل خطرا كبيرا على قوى الهيمنة والاستكبار كلها.