الوقت - "ناكر للجميل" هكذا وصفت وسائل التواصل الاجتماعية الخليجية "عبد الفتاح السيسي" رئيس جمهورية مصر العربية، وذلك بعد أن صب السيسي الزيت على النار في المقابلة التي أجراها مع التلفزيون البرتغالي يوم أمس، والتي أعلن من خلالها عن دعمه للجيش العربي السوري في مواجهة العناصر المتطرفة في سوريا.
وتعيش العلاقات السعودية - المصرية هذه الأيام أسوأ ايامها، ومن المتوقع في الأيام المقبلة أن تزداد هذه العلاقات اضطراباً، وذلك بعد الاجراءات السعودية التعسفية تجاه مصر والتي كان آخرها الأكثر استفزازا للقاهرة، استقبال العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز لرئيس وزراء اثيوبيا "هايلي ماريام ديستالين"، والذي وصفه محللون مصريون "بالمناكفة السياسية لمصر" بالنظر الى الخلاف المصري الاثيوبي حول سد النهضة.
الاستقبال الملكي لـ "رئيس وزراء اثيوبيا"
هو استقبال تاريخي شهدته السعودية منذ يومين، لاحظه العدو والصديق، وكانت عيون المصريين حاضرة منتظرة ان كانت السعودية جدية في محاولتها اصلاح الوضع المتأزم بين الطرفين (الزيارة الخاطفة التي قام بها الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد امارة ابو ظبي قبل أسبوع الى القاهرة، حاول خلالها تطويق الخلاف المصري السعودي)، الا أن الرياض اتخذت خيار المناكفة مع القاهرة والعمل بالكيد، فاستقبلت رئيس وزراء أثيوبيا (العدو لمصر) بحفاوة كبيرة، حيث استقبله ولي عهد السعودية، الأمير محمد بن نايف، الأحد، رئيس الوزراء الأثيوبي "هايلي ماريام دسالني"، كما كان في استقباله عدد كبير من الوزراء من بينهم مستشار وزير الداخلية الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف ووزير الدولة مساعد العيبان، والوزير إبراهيم السلطان والسفير السعودي لدى إثيوبيا عبدالله العرجاني وسفير إثيوبيا لدى السعودية أمين عبدالقادر ووكيل رئيس المراسم الملكية هشام آل الشيخ وقائد قاعدة الملك سلمان الجوية اللواء طيار ركن خالد الروضان.
وبعد الاستقبال الملكي في القاعدة الجوية، أقام محمد بن نايف، مأدبة غداء لرئيس وزراء إثيوبيا والوفد المرافق له، حضرها عدد من رجال الدولة هناك.
وبعد استراحة قصيرة في صالة التشريفات اصطحب ولي العهد رئيس وزراء إثيوبيا في موكب رسمي إلى قصر الملك سعود للضيافة.
وعلى المقلب الآخر يستغرب محللون مصريون هذه الهجمة العنيفة على الرئيس السيسي، والذي باعتقادهم أبدى دعمه للجيش السوري في محاربته للارهاب وذلك بسبب وجود عدد كبير من المصريين الارهابيين المنخرطين في الحرب السورية وخصوصاً ضمن صفوف داعش وفتح الشام (النصرة سابقاً)، مشيرين الى "احمد سلامة مبروك" المصري، والذي ظهر في أحد الفيديوهات لتنظيم فتح الشام الارهابي الى يمين زعيم التنظيم الارهابي "ابو محمد الجولاني" في حلب. ويعد أحمد سلامة من أخطر الجهاديين الارهابيين في مصر وكان قد اعتقل سابقاً في القاهرة الا أنه فر من السجن خلال الأحداث الانقلابية التي شهدتها مصر، والتحق مع آخرين في صفوف الارهابيين في سوريا.
عوامل أخرى دفعت بالرئيس السيسي الى انقلابه على الخارطة السعودية وهي على الشكل التالي:
عوامل داخلية:
على الصعيد الداخلي، تلعب عناصر وجماعات مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين دوراً بارزاً في التظاهرات والاحتجاجات على النظام الداخلي لمصر ولحكومة السيسي خصوصاً، ونظراً لخطورة هذه الجماعات وسيطرتها على أغلبية الجماعات الارهابية في سوريا وخصوصاً جبهة النصرة وجيش الفتح وجيش الاسلام الذين يعتبر عمدتهم من الاخوان المسلمين، ولذلك يعتبر وصولهم الى الحكم في سوريا خطراً وجوديا على مصر العلمانية.
وتتلقى هذه الجماعات الدعم في سوريا من كل من قطر وتركيا اللتين تعملان حتى الآن وتقدمان الاموال والدعم العسكري لهم في سوريا لوصول هذه الجماعات الخطرة بنظر السيسي الى الحكم في سوريا ومصر، ولذلك يعد هذا العامل أيضاً أساسياً في اعلان السيسي دعمه للجيش العربي السوري في حربه على هذه الجماعات الارهابية.
عوامل خارجية
ويقول بعض المحللين السياسيين أيضا إن التقارب بين السيسي وترامب، أثار غيظ السعوديين، فترامب أعلن قبل وبعد فوزه بالانتخابات الأمريكية عدم الود تجاه الدول الخليجية وخصوصاً السعودية "البقرة الحلوب"، حيث أعلن تراب دعمه لقانون "جيستا" والذي يستهدف السعودية مباشرة ويحملها المسؤولية الكاملة عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر، واتهمها بدعم الارهاب.
اذاً من الواضح ان مصر تخرج شيئاً فشيئاً من العباءة الخليجية، وتتجه بسرعة نحو المعسكر الآخر، المتمثل بالمحور السوري الإيراني العراقي الروسي، هذا الانقلاب في العلاقات المصرية السعودية ربما يشهد في الأيام المقبلة عودة مصر الى الساحة الاقليمية واستعادة لزمام المبادرة العربية التي فقدتها القاهرة لصالح الرياض منذ 10 سنوات خلت والتي تعتبر المسؤولة عن بحر من الدماء العربية التي هدرت هباءاً في هذه السنوات.