الوقت- العراق يقول كلمته مجددا, يذهل المراقبين, يبث الامل في قلوب المحبين, ويخرس أفواه المتآمرين.
يوم اجتاح تنظيم داعش الارهابي العراق وابتلع مساحات واسعة منه , انطلقت عمليات التصدي لهجوم التنظيم وسط مخاوف وتساؤلات من يستطيع ايقاف داعش الارهابي ؟؟
يومها , حين سمعت طلقات الجيش العراقي التي تتصدى لهذا الهجوم , توافد مئات الالاف من المواطنين العراقيين لحمل السلاح ودعم المواجهات البطولية للجيش العراقي الوطني , وما لبثت الا ان نجحت اللحمة بين الجيش والشعب في تشكيل سد منيع اوقف زحف داعش الارهابي وثبت خطوطا للتقدم الداعشي فكانت نقطة التحول التي أذهل فيها الشعب العراقي المتآمرين.
هذه التجربة وعبر ايد خيرة مخلصة , ساندت العراق المهدد, وأسست لظهور قوات الحشد الشعبي الداعم للجيش الوطني العراقي. لتنطلق عمليات مضادة لتحرير الاراضي العراقية من تنظيم داعش الارهابي , ونجحت مجددا التجربة في استعادة اراض واسعة جدا وسط انكفاء لقوات داعش الارهابي التي انهارت على وقع ضربات وهجمات الجيش والحشد الشعبي , وكان اخر الملاحم البطولية التي كبدت التنظيم الارهابي الخسائر الكبيرة وانسحابها هي عمليات جرف الصخر الاستراتيجية .
ومع هذا السجل الحافل الذي تمكنت التجربة العراقية من تحقيقه استمرت عمليات تحرير العراق وسط انهيار تدريجي لتنظيم داعش الارهابي الذي أثبت الصمود العراقي في وجهه انه مجرد وهم وأضعف من الافلام البطولية التي يستأسد فيها ارهابيوه لذبح وحرق الاسرى ونشر الافلام الهوليوودية على شاكلة الجيشين الهوليووديين الاسرائيلي والامريكي.
الايام الاخيرة , شهدت تنفيذ وعد سابق قطعه الجيش وقوات الحشد الشعبي , بأن حراكهم لن يطال المناطق الشيعية وتحريرها فقط بل سيمد الحشد الشعبي المتهم بالانتماء للطائفة الشيعية يده الى المناطق السنية ايضا لمساعدتها على انهاء ظاهرة داعش الارهابي الذي يعيث فسادا في المحافظات السنية التي اجتاحها , وبالفعل بالتعاون مع اهالي محافظة صلاح الدين وبالتنسيق والتعاون معهم , أطلقت القوة الباهرة المشتركة حملة تطهير تكريت اولا تمهيدا لتطهير محافظة صلاح الدين والموصل لاحقا.
العملية في الميدان الجغرافي:
تحتل تكريت موقعا جغرافيا استراتيجيا, فهي تقع في قلب محافظة صلاح الدين، وتشكل صلة وصل مع محافظة نينوى شمالا (حيث الموصل) ومع الأنبارغربا ومحافظة كركوك شرقا.
العملية العسكرية التي ستفتح لمزيد من التقدم لقلب الموازين , استهدفت استعادة تكريت وتأمين الخط الواصل بينها وبين مدينة سامراء وبغداد جنوبا , وتمتد على مساحة نحو تسعة آلاف كيلومتر مربع.
انطلق الهجوم الذي ضم الف مقاتل من الجيش والشرطة الاتحادية ومكافحة الارهاب والحشد الشعبي وابناء العشائر , عبر ثلاثة محاور، وسط غطاء ناري كثيف من طيران الجيش العراقي والمدفعية.، الأول عبر شمال سامراء بقيادة الحشد الشعبي، والثاني عبر قضاء العوجة بقيادة قوات مكافحة الإرهاب، والثالث عبر قاعدة سبايكر جنوب تكريت بقيادة قوات مشتركة من الجيش والقوات الأمنية.
ويخطط لهذه العملية , في حال نجاحها ان تؤدي الى تطهير نحو تسعين في المئة من صلاح الدين ، وبالتالي سينحصر حضور تنظيم داعش الارهابي في محافظتي نينوى والأنبار فقط.
كما أنها ستؤمن الخط الممتد من بغداد مرورا بسامراء وتكريت وصولا إلى مدينة بيجي التي تحوي أكبر مصفاة نفط عراقية . ومع بسط سيطرت الجيش على هذا الخط الممتد على ضفاف نهر دجلة , يتمكن من السيطرة حينها على شبكة الطرق الاستراتيجية في محافظة صلاح الدين.
آخر الوقائع والمجريات:
ميدانيا ، تواصل القوات العراقية المشتركة هجومها باتجاه مناطق العلم والدور وسط انجازات نوعية وانهايارات في خطوط دفاع داعش الارهابي , وذكر رئيس اللجنة الأمنية بصلاح الدين جاسم جبارة أن القوات الأمنية على مسافة نحو 5 كيلو مترات من ضواحي مدينة تكريت , وأن المسلحين طردوا من بعض المناطق خارج المدينة.
من جهته رئيس اللجنة الامنية في محافظة ديالى صادق الحسيني، قال إن “ قوات امنية تضم تشكيلات من الشرطة والجيش مدعومةً بثلاثة الاف من عناصر الحشد الشعبي من اهالي ديالى نجحت في اختراق ثلاثة من اهم الخطوط الدفاعية لتنظيم داعش الارهابي في محيط قرى البو رياش والبو عيسى والبوطلحة ضمن حدود صلاح الدين ضمن مايعرف بمحوربعد معارك شرسة قتل خلالها العشرات من عناصر التنظيم”.
واضاف الحسيني، أن “الخطوط الدفاعية انهارت بشكل كامل وهرب العشرات من مسلحي داعش الارهابي صوب ناحية حمرين”، موضحا ان “القوات الامنية المشتركة المدعومة بالحشد الشعبي وصلت الى تخوم حمرين وهي تستعد لاقتحامها خلال الساعات المقبلة من ثلاثة محاور رئيسية”.
واضاف، ان” القوات الامنية ستعمل بعد حسم معركة حمرين على اسناد القوات الامنية القادمة من طوزخورماتو من اجل الوصول الى ناحية العلم القريبة والدخول بعدها الى عمق مدينة تكريت من الجهة الغربية والشمالية”.
وحول تطور المعارك في المحافظتين اكد قائد عمليات دجلة الفريق الركن عبد الأمير الزيدي “إتمام المرحلة الأولى للعمليات الأمنية على الحدود الإدارية بين محافظتي ديالى وصلاح الدين , فيما تندفع القوات التابعة للقيادة نحو صلاح الدين ضمن المرحلة الثانية من الخطة بإسناد من العشائر والحشد الشعبي”.
محافظ صلاح الدين رائد الجبوري من جهته اكد أن القوات العراقية تمكنت من السيطرة على أكاديمية الشرطة بتكريت ومناطق عدة بمحيط المدينة.
وأشار في تصريح له ايضا , ان نحو 4 آلاف متطوع من العشائر يشاركون في معركة استعادة السيطرة على تكريت , كما أشارت مصادر أخرى متعددة , إلى أن عشائر المحافظة وأبناءها يتقدمون مع "الحشد الشعبي" والقوات العسكرية لتحرير مناطق المحافظة من قبضة "داعش الارهابي".
وسط التقدم الموفق للقوات العراقية التي لا تستهدف تحرير تكريت وصلاح الدين فقط , انما تعبر عن بداية مرحلة مهمة جدا لها تداعيات كبرى على الوضع العراقي , فالعمليات العسكرية التي تحرر الجغرافيا لن يكون وقعها في الميدان السياسي والتعايش السلمي بين الطوائف العراقية أقل وقعا و تأثيرا.