الوقت- لم يكن عام 2014 عام سعيد على اوكرانيا، بل كانت احداث دامية بدات بمظاهرات شعبية، لتصبح حربا اهلية بكل ما للكلمة من معنى. وكما هي العادة في كل الازمات التي تمر بها الدول، لا بد لليد الامريكية من دور و تدخلات، تصب في بئر مصالحها الخاصة. ومن الطبيعي ان تمر الازمة الاوكرانية كما مرت اسلافها، بمجموعة من المواقف الامريكية التي تؤجج الازمات و تصب الزيت على النار، فتزيد الخلافات علها تستطيع السيطرة على اركان الدولة و قراراتها. لذلك بدات التدخلات الامريكية من اول ايام الازمة ولم تنته حتى اليوم، فما هو دور الاصابع الامريكية في الجبهة الاوكرانية؟ وهل يمكن الفصل بين بعد الحلول في الازمة الاوكرانية و المواقف الامريكية منها؟
صب الزيت على النار
في 28 اب 2014 أعلن مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية أن قوات أمريكية مزودة بدبابات ستتوجه إلى أوروبا الشرقية قريبا لطمأنة حلفاء واشنطن القلقين بشأن التدخل الروسي في اوكرانيا . وذكرت المتحدثة باسم البنتاغون "الكولونيل فانيسا هيلمان" أن نحو 600 جندي من اللواء الأول وكتيبة الفرسان الأولى ستتجه الى اوكرانيا لإجراء تدريبات مع الدول الأعضاء في الحلف، وتحل محل المظليين من اللواء المجوقل 173. وأضافت أن انتشار الجنود سيتم في اطار "مناوبات مدتها ثلاثة أشهر"، مشيرة أن التدريبات ستتركز على "تدريب الوحدات الصغيرة والقادة". وستنتشر القوات الجديدة من "لواء الحصان الحديدي" المتمركز في قاعدة فورت هود في تكساس تدعمها دبابات ام-1 ابرامز وعربات قتالية للمشاة.
واليوم، و بعد حوالي ثمانية اشهر، افاد عسكريون أمريكيون بأن امريكا سترسل إلى أوكرانيا مجموعة من الخبراء العسكريين في المجال الطبي للمساعدة في إعداد مدربين من الجيش الأوكراني في هذا المجال. ولا تعتبر هذه المجموعة من الخبراء الاولى من نوعها التي ترسلها واشنطن إلى أوكرانيا، فقد ارسلت امريكا في العام الماضي خبراء اخرين ساعدوا في تدريب نحو 300 جندي أوكراني على أساسيات تقديم المساعدة الطبية على أرض المعركة. و يتركز عمل فرق الخبراء الأمريكيين في مناطق غرب أوكرانيا.
المساعدات الطبية الامريكية لم تكن الوحيدة في الاونة الاخيرة فقد اشار تقرير نشره مركز روسي اخباري ان واشنطن ارسلت 300 مقاتل الى اوكرانيا للمشاركة في تدريب عناصر الجيش الاوكراني في مامورية مغلقة تبدا اعمالها في 5 اذار الحالي. و اعتبر التقرير ان القرار الامريكي يسعى الى تمركز المزيد من عناصر الجيش الامريكي على الاراضي الاوكرانية.
اللافت ان المساعدة الامريكية هذه لم تات من فراغ، فهي محاولة من الامريكيين لمواجهة التدخل الروسي فيها. ويذكر ان القوات الامريكية منذ اشهر عدة دخلت الى اوكرانيا ساعية لمساعدة قوات الجيش الاوكراني للقضاء على المعارضين المطالبين بالاستقلال عنها.
تدخلات لرفض التهدئة
التدخل الامريكي العسكري في اوكرانيا لا يبشر بالخير، فبعدما تم اتفاق الدول الاوروبية المتمثلة بالمانيا و فرنسا للعمل على الوصول الى حلول ترضي الاطراف المتنازعة فيها، جاء هذا التدخل العسكري مبشرا بمعارك جديدة، ليقف بوجه الاوروبيين معلنا رفضه لاي سبيل للاتفاق.
وكما هي عادة واشنطن، وعلى سياسة فرق تسد، اعلنت الحكومة الامريكية انها تفكر في ارسال قوات عسكرية و اسلحة ثقيلة الى الاراضي الاوكرانية، لمساعدة القوات العسكرية في قمع التظاهرات و التخلص منها، ولا يخفى على كل ذي عقل منفتح، ان التدخلات الامريكية في كافة المناطق لم تكن يوما تصب في مصلحة اصحاب الارض، بل انها دائما تسعى الى تمرير "الاجندة الامريكية" فتصل بالامور الى تعقيدات تستفيد منها امريكا لحماية مصالحها والمصالح الاسرائيلية على حد سواء.
سياسة حق الشعوب لتقرير مصيرها اذا حبر على ورق، فالملاك لم يكن يوما حرية الشعوب، ولم تكن السياسة الامريكية يوما مبنية على قرارات الشعوب كافة. الملاك في القرار الامريكي مصالح رسمتها سياسة امريكية اسرائيلية منذ عشرات السنين، ولا تزال تعمل على تطبيقها اليوم، وحتى تستطيع الوصول الى الهدف المنشود والسيطرة على العالم، لا بد من تواجد سافر في كل بقاع الارض. وهذا ما لا يمكن اخفاؤه اليوم فالسعي نحو الهدف واضح ولا يتاثر بقتيل هنا او سفك دماء هناك، فالمهم في الامر ان تبقى امريكا ويعيش الكيان الاسرائيلي بامان.