الوقت- أقر مجلس النواب الليبي المعترف به دوليا قانوناً استحدث فيه قيادة عامة للجيش، وقد نجح رئيس البرلمان الحالي عقيلة صالح العيسى الثلاثاء في تعيين اللواء الركن خليفة حفتر لتولي المنصب الجديد بعد التفويض الذي منحه البرلمان لرئيسه في حق اختيار قائد عام للجيش، بصفته المفوض بمهام القائد الأعلى للجيش في المرحلة الراهنة.
وبموجب القانون الجديد، يشرف القائد العام على جميع صنوف الجيش، ويمارس مهام أمين اللجنة العامة المؤقتة للدفاع ووزير الدفاع ورئيس الأركان، بمقتضى القانون رقم 11 لسنة 2012، وقد أدى اللواء حفتر اليمين أمام البرلمان الليبي في مدينة طبرق.
حفتر الذي يقود عملية "الكرامة" منذ 16 أيار/مايو 2014(اعتبرت في حينها انقلابا قبل أن تتبناها السلطات المعترف بها) تعهد في بيان رسمي باستكمال المعركة ضد الإرهاب وتطهير الأراضي الليبية منه، وذلك في أعقاب العملية الإرهابية التي أودت بحياة العشرات في مدينة القبة، التي وصفها اللواء حفتر بـ"الجريمة النكراء"، مشددا على أن الحرب التي يخوضها الجيش هي "حرب مقدسة بكل المقاييس".
وكان حفتر الذي أعيد إلى الخدمة العسكرية من قبل البرلمان الحالي مع 129 ضابطا متقاعدا آخر مطلع شهر كانون الثاني/يناير الماضي، أعلن في خضم الأحداث والصراع الليبي الداخلي في 14 فبراير (شباط) 2014 سيطرة قوات تابعة له على مواقع عسكرية وحيوية في البلاد، وأعلن في بيان تلفزيوني "تجميد عمل المؤتمر الوطني (البرلمان المؤقت) والحكومة"، فمن هو حفتر وما هي أسباب وتداعيات تعيينه في المنصب الجديد؟
تاريخ حفتر
خليفة بلقاسم حفتر مولود 1943 في مدينة أجدابيا حيث تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة الهدى في نفس المدينة العام 1957، ودرس الإعدادية في مدرسة أجدابيا الداخلية، ثم انتقل إلى مدينة درنة لإكمال دراسته الثانوية في الفترة 1961-1964.
وبعد إكماله التعليم الثانوي التحق حفتر في الكلية العسكرية الملكية في مدينة بنغازي سنة 1964، وتخرج فيها عام 1966، وحصل على دورات تدريبية في مجالات عسكرية وعلى أنواع مختلفة من الأسلحة.
وشارك القائد الجديد للجيش الليبي مع العقيد معمر القذافي في الانقلاب الذي أطاح بالملك إدريس السنوسي في فاتح سبتمبر (أيلول) 1969، فتولى بعد ذلك مهام متعددة في القوات المسلحة الليبية، وقاد القوات البرية الليبية تحت مظلة القذافي.
وكان اسم حفتر ظهر إلى الواجهة عضوا بمجلس قيادة الثورة بعد انقلاب 1969، وعرف بميوله الناصرية العلمانية مثل أغلب أعضاء تنظيم "الضباط الوحدويين الأحرار" الذي شكله القذافي عام 1964، ويوصف بأنه من أبطال العبور إلى إسرائيل في حرب 1973، وحصل على نجمة عسكرية لدوره فيه.
وفي سنة 1980 رقي إلى رتبة عقيد، وقاتل في جبهة التشاد، خلال حرب الرمال المتحركة بين ليبيا والتشاد في ثمانينات القرن العشرين، حيث تم أسره مع مئات من الجنود الليبيين في نهاية مارس (آذار) 1987.
وبعد وقوعه في الأسر في تشاد 1987 بدأ من داخل السجن يبتعد عن نظام القذافي، ولم يخرج من السجن حتى خرج من تحت عباءة رفيقه في الانقلاب، وأخذ توجها آخر مغايرا، نال التزكية والمباركة من الأميركيين الذين كانوا حينها في خصومة مع القذافي.
وبعد إطلاق سراحه انضم عام 1987 إلى "الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا" المعارضة لنظام القذافي، ثم تولى مسؤولية قيادة "الجيش الوطني الليبي" الذي كان جناحها العسكري، وبدأ يعمل من التشاد.
وعند وصول إدريس ديبي للسلطة في التشاد فكك "الجيش الوطني الليبي" فقامت طائرات أميركية بنقل مجموعة كبيرة من عناصره إلى زائير (الكونغو الديمقراطية) ثم إلى امريكا، وكان من ضمن هؤلاء قائد الجيش خليفة حفتر.
وظل حفتر مقيماً في امريكا إلى ما بعد اندلاع ثورة 17 فبراير (شباط) 2011، فعاد إلى بنغازي منتصف مارس (آذار) 2011 للمشاركة في العمل العسكري والسياسي لإسقاط القذافي.
وتولى اللواء حفتر لمدة وجيزة قيادة جيش التحرير الذي أسسه الثوار، وبعد انتقادات لأداء هذا الجيش، الذي تشكل في أغلبه من متطوعين وشباب لا خبرة لهم، تم إسناد قيادته لوزير داخلية القذافي الذي انشق عنه عبد الفتاح يونس العبيدي الذي تمت تصفيته في وقت لاحق على أيدي ميليشيات إسلامية.
الأسباب والتداعيات
القرار الجديد لمجلس النواب الليبي والذي رأى فيه مراقبون أنه جاء بهدف الضغط على المجتمع الدولي لتسليح الجيش الليبي، إعتبره آخرون أنه جاء كردّ فعل سريع على الحوار الذي يقوده المبعوث الأممي برناردينو ليون، الذي كان يسابق الزمن للإعلان عن حكومة وفاق وطني. وفي حال تشكيل هذه الحكومة سيتم إلغاء المؤتمر الوطني المنتهية ولايته بطرابلس، والبرلمان المنتخب بطبرق، وسيتم دعم هذه الحكومة الجديدة وشرعنتها من قبل الغرب، على أساس أنها منبثقة من حوار جينيف وشرعية، وأي طرف يخالف ذلك سيتم التعامل معه أنه خارج عن الشرعية.
لم يحظ القرارالأخير بدعم كل من امريكا وبريطانيا ومن خلال جلسة مع عدد من نواب البرلمان الليبي، دعت هذه الدول إلى “إخفاء خليفة حفتر بعيدا عن المشهد الليبي“، وفق ما كشف عنه النائب الليبي طارق الجروشي، الأمر الذي لاقى إستياءً ليبياً، حيث اعتبرمندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، إبراهيم الدباشي، أن تعيين اللواء خليفة حفتر "شأنا داخليا ولا علاقة لأي دولة أجنبية به".
وقال الدباشي: “ليس من حق أي دولة أن تتدخل في أي قرار لمجلس النواب والحكومة المنبثقة عنه حول من يقود الجيش الليبي أو يدير مؤسسات الدولة“.
يذكر أن حفتر الذي يحظى بدعم الإمارات ونظام السيسي أوضح في أول مقابلة تلفزيونية له بعد تعيينه في المنصب الجديد، بانه ليس لديه علاقة بجهات خارجية، مؤكداً على أن الاخوان تنظيم دولي لا وطن لهم وليس لديهم ولاء لليبيا ولا لأي دولة بل لديهم ولاء للقياداتهم و نعتز بما قام به السيسي كونه رجل عسكري لديه الغيره على بلده، فهل يعتبر تعيين حفتر خطوة أولى على طريق "سيسنة ليبيا"؟