الوقت- إن الجغرافيا تعتبر عنصراً ثابتا في التاريخ وعامل تقارب بين الأمم والشعوب، بل هي إحدى أكثر العوامل قدرة على الدفع باتجاه هذا التقارب، وجعله أكثر ضرورة وإلحاحا.
يعد طرح مشروع "شمال - جنوب"، بين روسيا وايران واذربايجان، الذي سيربط روسيا وشمال أوروبا وعبر ممر ايران واذربيجان بدول جنوب المحيط الهندي وجنوب شرق آسيا أحد أهم التطورات العملية التي نالتها ايران بعد الاتفاق النووي ليعقبه رفع العقوبات عنها.
وسيمتد هذا الممر على مساحة ايران واذربيجان بمسافة 7200 كلم، ليربط السكك الحديدية الأذربيجانية والإيرانية والروسية. ومن المقرر أن يمر عبر هذا الممر ما لا يقل عن 5 ملايين طن من البضائع سنويا، على أن تزداد قدرته التمريرية في مرحلة لاحقة إلى 10 ملايين طن في السنة.
وأعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال لقائه كل من الرئيسين الايراني حسن روحاني، والاذربيجاني إلهام علييف، في باكو، عن أمله في تنفيذ مشاريع التعاون بين موسكو وايران وباكو. موضحا بأن مشروع "شمال - جنوب"، يهدف إلى إيجاد أفضل الفرص لحركة البضائع والتجارة بين الهند وإيران ودول الخليج الفارسي عبر أذربيجان وروسيا، ومنها إلى شمال أوروبا وغربها.
ويتم اتخاذ خطوات ذات أهمية على مسار تنفيذ مشروع شمال-جنوب، حيث من المزمع أن تنتهي كل من ايران واذربيجان وحتى نهاية العام الجاري من مد سكتهما الحديدية في إطار هذا المشروع.
لاتنحسر أهمية ممر "شمال - جنوب" في نطاق مصالح الدول التي سيمر عبر أراضيها فحسب، بل يمثل أهمية قاريّة، مشيرا إلى أن لقاء بوتين و روحاني معه في باكو سيشهد تبني خطوات تاريخية في إطار تنفيذ هذا المشروع.
روسيا وإيران نحو التوسع شمالا و جنوبا
من جانبه وصف الرئيس الروسي إيران باعتبارها شريكا منذ فترة طويلة لروسيا، مشيرا إلى أن تخفيف حدة التوتر في الدول المجاورة لإيران بعد الاتفاق بشأن برنامجها النووي "سيفيد العلاقات الثنائية. وأوضح أن حجم التجارة المتبادلة بين البلدين ارتفع خلال 5 أشهر من العام الجاري بنسبة 70% ليصل إلى 855 مليون دولار. وأكد أن روسيا تعتزم منح ايران قرضين ائتمانيين حكوميين، بقيمة 2 مليار و200 مليون يورو لتمويل بناء محطة حرارية لتوليد الكهرباء قرب مدينة بندر عباس على الساحل، وتمويل مشروع كهربة السكك الحديدية (جرمسار - اينتشى بورون) شمال شرق البلاد. هذا إضافة إلى التخطط لإنشاء 8 مفاعلات نووية جديدة في إيران. وأعلن بوتين في هذا الصدد بأن روسيا ستواصل مساعدة الشركاء الإيرانيين في تنفيذ خطة العمل على البرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك إعادة تدوير اليورانيوم المخصب والتحول إلى القدرة على إنتاج نظائر مشعة مستقرة.
وناقش كل من زعماء ايران وروسيا وأذربيجان الوضع في الشرق الأوسط وخاصة سوريا، وكذلك أفغانستان والتصدي لتنظيم داعش الإرهابي، مشيرا إلى أن بعض النقاط الساخنة مثل سوريا وأفغانستان تقع بالقرب من حدود الدول الـ3. وقال أوشاكوف: إن موسكو ستعرض على طهران وباكو التعاون وتنشيط تبادل المعلومات حول التنظيمات الإرهابية من أجل منع تسلل وتهريب المسلحين والمخدرات والسلاح عبر حدود الدول الـ3.
ثمة تغير في مضامين العلاقات الروسية الإيرانية، تجسد في حزمة من الاتفاقات الامنية والسياسية والاقتصادية، وسيكون لهذا التغيير دورا مهما في تحسين أوضاع المنطقة عموما والقضاء على الإرهاب في سوريا والعراق خصوصا، حيث بات الوضع السوري يُمثل أبرز ساحات التفاعل الإيراني الروسي في الساحة الدولية عامة، وهذا التفاعل يعكس نفسه على إجمالي المقاربة الدولية للأزمة السورية، بما في ذلك مستقبل التسوية السياسية المنشودة التي ترعاها الأمم المتحدة وتدعمها أمريكا.
على مستوى العلاقات الثنائية بين روسيا وايران، هناك تجارة ناشطة، كما يتواجد في إيران عدد من الشركات والمؤسسات الروسية، التجارية والاقتصادية، التي يُعد البعض منها من الشركات الكبرى لدى الروس، كما هو حال شركة غاز بروم، وهناك أيضا شركات التعدين والصلب، والسيارات، وصولا إلى بعض أفرع الصناعات العسكرية.