الوقت - منذ مدة أخذ المسؤولون الأمريكيون يطلقون تصريحات غريبة ازاء ما يحدث من تطورات عسكرية في العراق زاعمين أن الجهود التي يبذلها الجيش والشعب العراقي في حربهما ضد تنظيم داعش الارهابي لم تحقق اهدافها ولم تتمكن حتى الآن من استرجاع سوى واحد بالمئة من مجموع الاراضي التي احتلها هذا التنظيم.
كما ادعى وزير الخارجية البريطاني خلال الاجتماع الذي عقد مؤخرا في لندن لمواجهة داعش بأن الجيش العراقي عاجز عن محاربة الجماعات الإرهابية، فيما زعم القائد السابق للقوات الخاصة الامريكية في حرب العراق الجنرال المتقاعد "ديفيد جرانتش" خلال مقابلة مع شبكة "سي أن أن" الامريكية بأن القوات العراقية غير مهيأة لمواجهة هذه الجماعات وأن اي انتصار يتحقق في هذا المجال انما هو بفضل التحالف الدولي الذي تقوده اميركا ومن خلال الضربات الجوية التي يوجهها ضد تنظيم داعش الإرهابي.
والسؤال المطروح الآن هو: لماذا تتعمد واشنطن وحلفاؤها الغربيون تجاهل الانتصارات الباهرة التي يحققها الشعب العراقي ضد هذا التنظيم الإرهابي وتحاول بشتى السبل الادعاء بأن هذه الانتصارات تتحقق على يد التحالف الدولي رغم الحقائق الميدانية التي تعكس حقيقة ان هذه الانتصارات انما تتم بجهود القوات العراقية والقوات الشعبية التي لبت نداء المرجعية الدينية وسارعت الى تشكيل سرايا مسلحة تحت إمرة الحكومة العراقية لمحاربة هذا التنظيم وباقي الجماعات الارهابية.
ومن هذه الانتصارات يمكن الاشارة الى ما تحقق اخيراً في محافظتي ديالى وصلاح الدين شرق وشمال شرق العاصمة العراقية بغداد حيث تمكن الجيش العراقي ومعه الحشد الشعبي من تطهير مناطق واسعة جداً في هاتين المحافظتين من العناصر الارهابية التابعة للتنظيم ومعها فلول حزب البعث المنحل، اضافة الى الانتصارات التي تحققت من قبل في منطقة جرف النصر (جرف الصخر) الاستراتيجية جنوب بغداد ومدينة سامراء ومناطق آمرلي وطوز خورماتو والضلوعیه و الدجیل شمال العاصمة وبیجی جنوب الموصل.
ومنذ بداية دخول داعش الإرهابي الى العراق واحتلاله لمحافظة نينوى سعت الدول الغربية وعلى رأسها اميركا الايحاء بأن بغداد باتت مهددة بالسقوط بأيدي هذا التنظيم بهدف زعزعة روحية العراقيين وقواهم الامنية والمسلحة وبث الرعب في صفوف المدنيين، كما قامت الطائرات الامريكية عدة مرات بالقاء شحنات من الأسلحة والذخائر والمعدات الى داعش في صلاح الدين وديالى وتوابع الموصل وقصف القوات العراقية وقوات الحشد الشعبي التي تواجه هذا التنظيم الارهابي في هذه المناطق ولكنها ادعت في كل مرة ان هذه الامور حصلت عن طريق الخطأ وسعت الى نفيها في وسائل الاعلام .
وطيلة هذه المدة امتنعت واشنطن من تزويد بغداد بالاسلحة والمعدات العسكرية طبقاً للاتفاقية الامنية المبرمة بين الجانبين، وروجت القوات الامريكية كما فعلت خلال سنوات احتلالها للعراق لاسيما في عامي 2007 و2008 بأن الجيش العراقي يهدد حياة المدنيين في الانبار والفلوجة، وطالبت وسائل الاعلام الغربية والامريكية خصوصاً بخروج القوات العراقية من هاتين المدينتين واستمرت بهذا النهج حتى تمكنت عناصر داعش من دخولهما وتهيأت لها الارضية بالتالي لدخول الموصل في حزيران / يونيو من العام الماضي.
ويعتقد المراقبون ان اميركا والدول الغربية الحليفة لها تعد العدة الآن لارسال قوات برية الى العراق لاستثمار الانتصارات التي حققها القوات العراقية والحشد الشعبي بعد أن ايقنت بأن داعش الإرهابي بدأ يلفظ أنفاسه وأخذ عناصره بالهروب من العراق نتيجة الضربات الماحقة التي تلقوها على يد العراقيين. وتسعى واشنطن وحلفاؤها في الوقت الحاضر الى توظيف ما تحقق على الارض من انتصارات على يد العراقيين لتحقيق مصالحها دون تحمل اي خسائر بشرية كما فعلت في عام 2003 عندما ازالت نظام الدكتاتور صدام حينما كان في طريقه الى السقوط لتفويت الفرصة على الشعب العراقي ومنعه من الاطاحة به على يد هذا الشعب وقواه المعارضة.
وفي الختام يمكن القول ان سعي أمريكا وحلفائها الغربيين لتجاهل انتصارات الجيش العراقي والحشد الشعبي يهدف في الحقيقة الى قطع الطريق امام الجهود العراقية الساعية لاجتثاث عصابات داعش الإرهابي وإفشال المخطط الرهيب الذي رسمه الغرب لهذا البلد وعموم المنطقة، وما التحالف الدولي إلا مسرحية لإعادة الحياة لهذا المخطط الخبيث واعادة سيناريو احتلال العراق من خلال عودة القوات الأمريكية من جديد الى هذا البلد.