الوقت- مقاطعة الديمقراطيين، تخبط الجمهوريين، البيت الأبيض يوبخ، والصحافة الإسرائيلية تنتقد، حال يوصف واقع خطاب نتنياهو المرتقب حول الملف النووي الإيراني أمام الكونغرس الأمريكي في الثالث من مارس/اذار اي قبل اسبوعين فقط من الانتخابات الإسرائيلية.
خطاب نتنياهو المرتقب والذي لاقى ترويجاً إعلامياً غير مسبوق من قبل الإعلام ذات الولاء الصهيوني، يكشف تردي العلاقات بين رئاسة الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية، فرئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يسعى للفوز بولاية جديدة في الانتخابات الإسرائيلية المرتقبة فضلاً عن الهجوم على برنامج ايران النووي بغية استصدارعقوبات جديدة من الكونغرس، قبٍل دعوة رئيس مجلس النواب الأمريكي جون باينر دون الرجوع الى البيت الأبيض مما يمثل انتهاكاً للبرتوكول الديبلوماسي المعهود، وقد جاء في نص الدعوة: "في هذه الأوقات الصعبة، أطلب من رئيس الوزراء أن يتحدث أمام الكونغرس عن التهديدات الخطيرة التي يمثلها الإسلام المتشدد وإيران على أمننا وأسلوب حياتنا، نتنياهو صديق عظيم لبلادنا، وهذه الدعوة تحمل في طياتها التزامنا الثابت بأمن ورفاه شعبه". السؤال الذي يطرح نفسه: ما هي أبعاد هذا الخطاب؟ ولماذا هذا التركيز الإعلامي؟
لا شك في أن نتنياهو الذي يريد تكريس نفسه كزعيم اسرئيلي بعد القاء خطابه الثالث في الكونغرس(1996،2011) تمامًا مثل رئيس حكومة بريطانيا، وينستون تشرش، يسعى أيضاً للفوز بالانتخابات عبر بوابة "الشريك الأمريكي"، ولكن على الرغم من ماراثون المكالمات الهاتفية التي يجريها رئيس الوزراء الإسرائيلي مع اعضاء الكونغرس الاميركي من الحزب الديمقراطي لتليين إنتقادهم لخطابه المقرر امام الكونغرس، قالت زعيمة الديمقراطيين: "انا لا اعرف فيما اذا كان اغلب الاعضاء من الديموقراطيين سيكونون متواجدين في القاعة اثناء الخطاب"، مما يعني مقاطعة الخطاب وبالتالي تعرية نتنياهو في الداخل الإسرائيلي.
واضافت بلوسي "اذا اراد نتنياهو الحديث عن قلقه حول الموضوع الايراني فبإمكانه القيام بذلك في اماكن اخرى، بدلا من جلسة مشتركة لمجلسي الكونغرس والشيوخ الامريكيين".
نتنياهو الذي تلقى صفعة قوية اثر قيام حزب الله بتوجيه ضربةٍ عسكريّةٍ نوعيّة ضدّ قافلة للجيش الإسرائيليّ في مزارع شبعا المُحتلّة وإيقاع قتلى وجرحى في صفوفه، جاءته الصفعة الثانية بعد يوم واحد ولكن من الداخل الإسرائيليّ هذه المرّة، حيث شنّ رئيس جهاز الموساد السابق مائير داغان، هجومًا على نتنياهو بسبب إصراره على السفر إلى واشنطن لإلقاء خطابٍ أمام اجتماع مشتركٍ للكونغرس والسينات، ويؤكد الخبراء في الشأن الأمريكي أن دعوة بوينر ليست سوى محاولة للتدخل لصالح نتنياهو في المعركة الانتخابية في إسرائيل من جهة، وتحدي أوباما في المسألة الإيرانية على خلفية الخلاف الشديد في هذا الشأن داخل الولايات المتحدة من جهة آخرى، خاصةً أنها جاءت بعد يوم من الخطاب السنوي الاول الذي ألقاه الرئيس الأميركي باراك أوباما في الكونغرس وأعلن فيه أنه سيستخدم «الفيتو» إذا قرر الكونغرس فرض عقوبات جديدة على إيران.
اذاً، رغم سطوع النجم الإيراني ونيله اعتراف دولي بحقوقه النووية، يسعى أنصار الكيان الإسرائيلي في الكونغرس هذه الأيام تمرير قانون لفرض عقوبات إضافية على إيران أثناء المفاوضات الجارية، فهل سينجح نتنياهو في استصدار قرار عقوبات جديد ضارباً عرض الحائط ارادة المجتمع الدولي والمفاوضات، أم أن نتائج الخطاب ستكون عكسية على الكيان الإسرائيلي؟
من المحتمل أن الكونغرس الأمريكي ذات الهوى الصهيوني يسعى لتغليب كلام نتنياهو على ارادة الدول الست(5+1) المتمثل بفرض عقوبات جديدة على طهران، لكن الأمر الأكيد أن الصهاينة لن يستطيعوا ضرب ارادة الجمهورية الاسلامية الايرانية في نيل حقوقها التي يكفلها المجتمع الدولي. لن يكون كلالم نتنياهو في الكونغرس الأمريكي عن السياسة الغوغائية للكيان الصهيوني ببعيد، فطهران التي من المستحيل أن تتنازل عن خطوطها الحمراء، لا ترى لهذا "الخطاب الأبتر" من أي دعم دولي، أهميةً لاعطائه اذان صاغية، فضلاً عن تأثيره على المفاوضات.
اذاً، شبح "النووي السلمي الإيراني" الذي قض مضاجع نتنياهو والكيان الإسرائيلي، وأشعل خلاف بين أوباما والجمهوريين، ألقى بظلاله هذه المرّة على العلاقات التي كانت توصف بغير القابلة للانكسار بين الحليفين الأميركي والإسرائيلي حيث من المتوقع أن يكون "خطاب المهزلة" حول النووي السلمي الايراني بداية ثوران بركان الخلاف واشتداده بين الكيان الإسرائيلي و أمريكا من جهة، وداخل الكيان نفسه من جهةٍ أخرى، وسواء فشل نتنياهو في إقناع الكونغرس أم نجح(أمر مستبعد)، فإن الثابت الوحيد هو مضي طهران قدماً في برنامجها النووي السلمي دون أي تنازل عن الخطوط الحمراء التي رسمها الشعب الإيراني.