الوقت - ذكرت وكالة "رويترز" للأنباء نقلاً عن مصادر دبلوماسية إن السعودية هددت بقطع المعونات المالية عن الأمم المتحدة، ومارست ضغوطاً شديدة على الأمين العام للمنظمة "بان كي مون" من أجل رفع إسمها من قائمة الدول المنتهكة لحقوق الأطفال، مشيرة إلى أن التهديدات وجهها كبار المسؤولين السعوديين بينهم وزير الخارجية "عادل الجبير".
وكانت الأمم المتحدة قد وضعت في وقت سابق إسم السعودية على لائحة الدول المنتهكة لحقوق الأطفال أثناء الصراعات بعد أن إتهمتها بقتل عدد كبير من الأطفال في اليمن على مدى أكثر من عام من العدوان الغاشم على هذا البلد.
ونتيجة الضغوط المكثفة التي مارستها الرياض والدول الحليفة لها في العدوان على اليمن سارعت الأمم المتحدة إلى شطب إسم السعودية من لائحة الدول المنتهكة لحقوق الأطفال وذلك بعد يوم واحد فقط من إدراجها على هذه اللائحة.
وواجه هذا القرار إنتقادات واسعة وشديدة من قبل منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم لاسيّما المدافعة عن حقوق الأطفال، متهمة الأمم المتحدة وشخص الأمين العام بالرضوخ دون وجه حق للضغوط السعودية.
وأشارت المصادر الدبلوماسية إلى أن وزراء خارجية العديد من الدول بينها مصر والكويت وقطر والأردن والإمارات وبنغلاديش بالاضافة إلى "منظمة التعاون الإسلامي" مارسوا ضغوطاً على مكتب الأمين العام للأمم المتحدة من أجل حذف إسم السعودية من لائحة الدول المنتهكة لحقوق الأطفال، واصفة هذه الضغوط بأنها تعبر عن إبتزاز وبلطجة سياسية لتغيير موقف المنظمة الدولية إزاء هذا الموضوع.
وذكرت هذه المصادر كذلك بأن عدد من "رجال الدين " السعوديين هددوا أيضاً بإصدار "فتاوى" ضد الأمم المتحدة ووصفها بأنها معادية للإسلام، وهو ما يعني منع أي نوع من التعامل معها وقطع المساعدات المادية عن البرامج والمشاريع التي تنفذها المنظمة الدولية ومن ضمنها برامج وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين المعروفة إختصاراً بإسم "أونروا".
وكان تقرير الأمم المتحدة قد حمّل السعودية وحلفاءها المسؤولية عن مقتل 60 فی المائة من الأطفال الذين راحوا ضحية العدوان على اليمن، مشيراً إلى أن عدد القتلى والجرحى في صفوف الأطفال اليمنيين بلغ أكثر من 1200 طفل نتيجة القصف السعودي خلال العام الماضي.
وأكد المتحدث باسم الأمم المتحدة "ستيفان دوجاريك" إن التقرير الذي يحمّل العدوان السعودي مسؤولية موت الأطفال في اليمن يستند إلى معلومات موثوقٍ بها وذات مصداقية عالية.
وقد أعرب الكثير من المراقبين عن سخطهم وإستنكارهم لقرار الأمم المتحدة حذف إسم السعودية من لائحة الدول المنتهكة لحقوق الأطفال، واصفين القرار بأنه مخيب للآمال ويمثل إنتكاسة خطيرة في تاريخ للأمم المتحدة، فيما إتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المدافعة عن حقوق الإنسان "بان كي مون" بالإستسلام للضغوط السعودية، واصفة قرار الأمم المتحدة بالمقلق للغاية وإنحطاط جديد في المنظمة الدولية.
وأشارت "هيومن رايتس" إلى أن الأمم المتحدة نفسها كانت قد دانت الكثير من الضربات الجوية لقوات التحالف السعودي على مدارس ومستشفيات ومواقع مدنية أخرى في اليمن، وكشفت في الوقت نفسه عن إستخدامها للقنابل العنقودية المحرمة دولياً في هذه الهجمات. وقال نائب مدير المنظمة "فيليب بولوبيون": "بما أن اللائحة السوداء لمنتهكي حقوق الأطفال تفسح المجال أمام التلاعب السياسي، فإنها تفقد مصداقيتها وتسئ إلى إرث الأمين العام في مجال حقوق الإنسان".
من جانبها كشفت صحيفة "التلغراف" البريطانية بأن شطب الأمم المتحدة للسعودية من القائمة السوداء لقتل وتشويه الأطفال في اليمن قد أثار غضب كافة النشطاء في مجال حقوق الإنسان، مستشهدة بتغريدة لنائب مدير برنامج المرافعة الدولية "فيليب بولوبيون" أكد فيها بأن السعودية تنتمي بقوة إلى قائمة العار وإزالتها من هذه القائمة تسييس عارٍ ومفضوح.
في هذه الأثناء دان أعضاء الوفد الوطني اليمني في مفاوضات الكويت سحب التحالف السعودي من قائمة المنتهكين لحقوق الأطفال في اليمن، معتبرين إستجابة الأمم المتحدة للإبتزاز والضغوط بأنه عمل غير أخلاقي ولا إنساني.
بدوره إعتبر المجلس الأعلى لإتحاد منظمات المجتمع المدني القرار الأممي بشأن أطفال اليمن بأنه يمثل إنتهاكاً صارخاً للمواثيق الدولية والإنسانية وإتجار واضح بأرواح ودماء البشر.
ولم يكن يتوقع الكثيرون بأن تتراجع المنظمة الدولية عن قرارها بشأن السعودية بهذه السرعة وبتلك الكيفية؛ لكن ما كان يبدو مستحيلاً أصبح واقعاً. ويلقي هذا التراجع المخزي بظلال قاتمة من الشك حول صدقية المنظمة الدولية والتقارير التي تصدر عنها؛ خصوصاً وإنها تعتبر الجهة الأكثر حضوراً في اليمن طوال العدوان الظالم على هذا البلد، ولديها فرق ميدانية تعمل باستمرار في الشؤون الإنسانية.