الوقت - عادت منطقة البقاع الى الواجهة مجددا", حيث حدود لبنان المفتوحة على صراع يومي مع الإرهابيين المنتشرين في جرود القلمون, صراع فرضه الواقع الجغرافي بين لبنان وسوريا من جهة وحاجة المسلحين الى فك الطوق المحكم الذي يقيمه حزب الله والجيشين اللبناني والسوري من جهة اخرى.
أخر وجوه هذا الصراع, حادثة راس بعلبك حيث تعرض موقع الجيش اللبناني في «تلة الحمرا» أو «تلة المرصد»، (وهو موقع مشرف على بلدة راس بعلبك), الى هجوم من قبل تنظيم داعش الارهابي ادى الى سيطرتهم على الموقع لوقت قليل سرعان ما استعاده الجيش اللبناني موقعا" خسائر فادحة في صفوف المهاجمين.
تفاصيل الهجوم على راس بعلبك
فمنذ اسبوع، عمل الجيش على شق طريق جديد ومباشر بين موقع «تلة الحمرا» وموقع إمداد خلفي، يعوّضه عن الطريق الطويل الذي تسلكه آلياته يومياً، مع ما يتخلّله من منعطفات غير مكشوفة على المراصد. وبالتزامن مع عمل الجيش على شق الطريق، بدأ مسلّحو «تنظيم داعش الارهابي» الهجوم على موقعه فجراً عبر تسلّل مجموعتين قوام كلٍّ منهما نحو ثلاثين مسلّحاً.
وهاجم المسلحون الموقع بكافة الاسحلة منها الصاروخية نوع «كونكورس»، ودفعت ضراوة الهجوم والعدد الكبير للمسلحين عناصر الموقع إلى التراجع والتخلي عن «المرصد» ليسيطر عليه الإرهابيون، ويستعملوه منصة لاستهداف عناصر الجيش ومركزه الخلفي، حيث فُقد الاتصال بخمسة جنود، قبل أن يُعثر على ثلاثة منهم في وقت لاحق. وعلى الأثر، تدخّلت قوات من فوج الحدود البرية الثاني والفوج المجوقل واستقدم الجيش تعزيزات كبيرة، وبدأ بالتمهيد بالقصف على «تلة الحمرا» ومحيطها بالمدفعية وراجمات الصواريخ، والإعداد لهجوم مضاد لاستعادة الموقع .
وعند الظهر، أدخل الجيش الطائرات المروحية في المعركة، حيث شوهدت مروحية « غازيل» في سماء راس بعلبك تغير على مواقع الإرهابيين بالصواريخ الموجّهة. واستفاد الإرهابيون من وعورة الأرض في محيط «تلة الحمرا»، حيث تنتشر الصخور والمغاور، إلّا أن الجيش تمكّن مع ساعات ما بعد الظهر، إثر إدخال قوات مشاة، من استعادة السيطرة على الموقع، وسط معلومات مؤكّدة، بحسب مصادر أمنية معنية، عن سقوط العشرات من إرهابيي « تنظيم داعش الارهابي» بنيران الجيش.
وقالت مصادر مطلعة إن «الجيش تمكّن من سحب جثث خمسة إرهابيين، ودمّر إحدى الشاحنات وبداخلها 12 جثة لم يتمكن الإرهابيون من سحبها، وهناك أكثر من ستّ جثث لهم لا تزال على الأرض. الى ذلك نعت قيادة الجيش ثمانية من شهدائها وهم الشهيد الملازم الأول أحمد محمود طبيخ , الشهيد الجندي بلال خضر أحمد, الشهيد المجند حسن رمضان ديب, الشهيد الرقيب محمد نيازي ناصر الدين الشهيد المجند محمد علي علاء الدين الجندي الشهيد احمد يحيا دني، والجندي الشهيد حسن علي وهبه، والمجند الشهيد مجتبى عماد أمهز.
لماذا الهجوم في هذا الوقت بالتحديد؟
نتيجة للمعطيات التي كانت بحوزة الاجهزة الامنية اللبنانية, لم يكن هذا الهجوم مفاجئ لها, فكل المعطيات لديها كانت تجزم بأنّ بلدتي رأس بعلبك والقاع اللبنانيتين، اللتين ينتمي سكانهما إلى الطائفة المسيحية، هما الأكثر عرضة للتهديد، وتحديداً من «تنظيم داعش الإرهابي». فالتنظيم الأكثر تشدّداً في جرود القلمون، ينفرد في حُكم مناطق شاسعة تتضمن معظم جرود عرسال وهي المنطقة المحاذية لجرود رأس بعلبك والقاع.
وهناك اسباب كثيرة دفعت "بتنظيم داعش الارهابي" الى شن هجوم بهذا الوقت وعلى هذه المنطقة بالتحديد, فتشير المعلومات ان داعش كانت اولا" تريد خطف المزيد من العسكريين لدفع الحكومة اللبنانية الى القبول بالمقايضة مكرهة بين العسكريين الاسرى لديها والمحكومين في رومية, ثانيا" محاولة هذا التنظيم احتلال تلّة المحمّرة المشرفة على بلدتي راس بعلبك والقاع وخطف مواطنين مسيحيين بعد محاولات فاشلة قاموا بها من اجل خطف مواطنيين شيعة من البلدات الواقعة تحت اشراف وحماية حزب الله, واخيرا"عدم رغبة المسلحين الداعشيين الهجوم من منطقة عرسال لإبقائها المنفذ الاساسي الذي يؤمن لهم البيئة الحاضنة ناهيك عن التعزيزات التي استقدمها الجيش في بلدة عرسال تحسبا" لاي هجوم محتمل.
وجاء هذا الهجوم بعد الزيارة التي قام بها قائد الجيش العماد جان قهوجي، صباح يوم الأربعاء الماضي إلى منطقة البقاع الشمالي وتفقد خلالها الوحدات العسكرية المنتشرة في عرسال واللبوة ومحيطيهما، وأعلن خلالها «أننا على استعداد تام لمواجهة الأحداث وهي لن تكون أصعب من تلك التي مررنا بها سابقاً » .ويمتد جرد رأس بعلبك من شرق البلدة، وبالتحديد بعد «كنيسة السيدة» باتجاه الحدود مع منطقة قارة السورية بطول يصل إلى نحو 16 كيلومتراً، وبمساحة 23 هكتاراً تقريباً، ويعتبر الجرد الأكبر بعد جرد عرسال في منطقة البقاع الشمالي على الحدود مع سوريا.
محاولات المسلحين اليائسة
سعى المسلحون منذ وصولهم الى الحدود اللبنانية السورية النفاذ الى الداخل اللبناني من خلال المعابرالغير شرعية خاصة عبر بلدة عرسال,لكن اغلب محاولاتهم باءت بالفشل من جراء التعزيزات التي قام بها حزب الله والجيشان اللبناني والسوري على الحدود, اغلب هذه المحاولات طالت المواقع التابعة لحزب الله والجيش اللبناني في جرود بلدات عرسال واللبوة والنبي شيت وبريتال واخيرا في راس بعلبك والتي اوقعت في صفوف الارهابيين خسائر فادحة في الارواح والمعدات, ولن يقف المسحلون الارهابيون عند هذا الحد طالما ان الخناق يضيق عليهم حتى من الطبيعة التي حاصرتهم بالثلوج, وسيحاولون بمايملكون من اجرام ايجاد منفذ لهم يؤمن لهم خطوط الدعم الامداد.