الوقت- بدأ وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، زيارته الخليجية لدول مجلس التعاون الست، حيث إالتقى أمس الأحد الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، لينتقل بعدها إلى كل من الكويت والبحرين وقطر والإمارات وعمان بغية "العمل معاً لمواجهة التحديات الإقليمية والتهديدات المشتركة التي نواجهها، سواءً من التطرف العنيف أو الإرهاب أو الظروف الاقتصادية المتقلبة"، وفق ما أعلن المتحدث الرسمي باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إدوين سموأل.
هاموند تحدث خلال بيان وزارته عن عناونين رئيسيين، الأول يتعلّق بالإرهاب والتطرف الذي يعصف بالمنطقة، والآخر يتعلّق بالظروف الإقتصادية المقبلة، لترتسم جملة من التساؤلات حول قدرة بريطانيا بالتعاون مع دول مجلس التعاون، السعودية تحديداً، على فرض معاجلات جديدة سواءً في سوريا أو العراق أو اليمن.
هاموند سارع خلال محطته الأولى للدخول إلى الملف اليمني عبر بوابة المفاوضات التي أشاد بها معتبراً خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره السعودي "عادل الجبير" ان حل الازمة في اليمن لا يمكن الا ان يكون سياسيا"، وأضاف: "علينا جميعا ان نواصل العمل من اجل تسوية، ليس ثمة بديل عسكري من تسوية سياسية في اليمن".
إلا أن تصريحات هاموند تأتي بعد جملة من المواقف الأوروبية والأمريكية التي تنذر بإنزال السعودية عن الشجرة في اليمن، فبعد دعوة البرلمان الأوروبي كل من بريطانيا وفرنسا وحكومات أخرى بالاتحاد التوقف عن بيع الأسلحة إلى بلد وصفه بأنه متهم باستهداف مدنيين في اليمن، جمّد البيت الأبيض بيع القنابل العنقودية إلى السعودية، كما أن لندن تنتظر حالياً قرار المحكمة المتعلق بقانونية تصدير الأسلحة إلى دول تصنّف الأسوأ في احترام حقوق الإنسان في عامي 2014 و2015.
يمنياً أيضاً، يبدو أن هاموند يسعى لإيصال رسائل جديدة فيما يتعلّق بالعدوان حيث توصّلت الدول الراعية لمحادثات السلام اليمنية في الكويت إلى اتفاق يقضي بوقف كل العمليات القتالية وإنهاء الحرب وإطلاق سراح المعتقلين قبل حلول شهر رمضان المبارك، على أن تستمر المحادثات الهادفة إلى تطبيق بقية بنود قرار مجلس الأمن الدولي 2216.
لم يغب عن وزير الخارجية البريطانية اللعب على وتر الصراع القائم في المنطقة حيث قال هاموند: " نتفهم قلق حلفائنا الخليجيين بشأن إيران ونعلم أنها تحاول زعزعة الأمن فى المنطقة"، ليعلّق بعدها: "حريصون على تقديم الدعم لرؤية السعودية 2030". في الواقع، حاول هاموند من خلال التصويب على إيران كسب الرضا السعودي في الحصول على دور إقتصادي أكبر بعد الرؤية الإقتصادية الجديدة التي أعلنها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. الطموح الإقتصادي المرتقب يأتي بعد الطموح العسكري الذي تكلّل بالقاعدة العسكرية في البحرين والتي ستكون موضع البحث في زيارته إلى المنامة.
الموضوع الليبي أحد النقاط الآخرى التي يسعى هاموند لبحثها مع الجانب السعودي حيث سيحاول الجانب البريطاني الحصول على تمويل سعودي للخطة الغربية حيال ليبيا. بالتأكيد لن تلتزم السعودية مع بريطانيا دون مقابل، ولعل تمديد فترة العدوان إلى مرحلة ما بعد شهر رمضان سيكون المقابل الذي يقدّمه الجانب البريطاني ومن خلفه واشنطن للجانب السعودي. يرجح البعض فرضية شدّ الوثاق على السعودية في الملف اليمني عبر وقف إرسال الأسلحة وغيرها..، بغية الضغط على الرياض لتمويل جزء من الحملة العسكرية على ليبيا، فهل سينجح هاموند في ذلك؟ هل ستكون الحملة العسكرية الغربية على حساب دماء الشعب اليمني؟
لن ينتهي الملف اليمني في زيارة هاموند إلى مجلس التعاون، والتي تستمر لثلاثة أيام، على العاصمة الرياض حيث سيبحث الملف ذاته في الكويت حيث من المقرّر أن يلتقي مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد ليؤكد دعم بريطانيا المستمر لمسار السلام في اليمن، ذلك السلام الذي دعمته لندن ببيعها أسلحة تقدّر بـ3 ميلار دولار إلى السعودية خلال عام ونيف. في الواقع، تروّج بريطانيا اليوم لما فعلته أمريكا بالأمس عبر سحب نفسها تدريجيا من خلف السعودية، الأمر الذي قد ينطوّر في مرحلة لاحقة في حال فشلت السعودية في إرضاء الجانب الغربي إلى خطوات قضائية في الأروقة الدولية بإعتبار أنها مدانة بإرتكاب جرائم حرب وجائم ضد الإنسانية في اليمن، وفق منظمتي العفو الدولية و هيومن رايتس وواتش.