الوقت- وجه القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف رسالة تهنئة الى قيادة المقاومة والسيد حسن نصرالله بشهداء القنيطرة. مؤكداً أنه على كل قوى المقاومة أن تتحد في مشروع واحد مقابل مشروع الإستسلام للعدو الصهيوني واعوانه، معتبراً أنه "بات لزاما على كل قوى المقاومة في الأمة أن تدير معركتها المقبلة يداً واحدة وأنْ تتقاطع نيرانها فوق أرضنا المحتلة ".
وتأتي أهمية هذه الرسالة من كونها تشكل، نقطة تحول في مسار حركة حماس، وحسم وجهتها السياسية من ناحية إعادة صياغة علاقاتها الاقليمية والدولية، بعد مرحلة طويلة من التجاذبات الداخلية والخارجية التي فرضتها الوقائع والأحداث التي عصفت بمنطقة الشرق الأوسط .
بعد أحداث الأزمة السورية وجدت حركة حماس نفسها أمام واقع جديد وخيارات صعبة، فمن جهة تتبع حركة حماس فكرياً إلى تيار الأخوان المسلمين العالمي الذي طالب بشكل قاطع بإسقاط الرئيس بشار الأسد، واعلان الجهاد على النظام السوري ورفض كل الوساطات من أجل حل سياسي يبقي على النظام في سوريا، ومن جهة أخرى فإن حماس نشأت وترعرت وقويت واكتسبت القوة السياسية والعسكرية في كنف هذا النظام السوري نفسه، في زمن تخلت عنها كل دول العالم والمنطقة .
فبين الوقوف إلى جانب النظام السوري وحلفائه في ايران وحزب الله، والوقوف إلى جانب المعارضة السورية، حصل انقسام داخلي بين قادة حماس، أدى إلى نشوء جناحين، الأول ينحاز إلى حركة الأخوان المسلمين ويطالب باسقاط النظام السوري، والآخر بقيادة محمد ضيف وقادة آخرين يطالب بموقف محايد من الصراع في سوريا والحفاظ على العلاقة الوثيقة بإيران وحزب الله، وعدم التفريط بحلفاء وقفوا إلى جانب المقاومة الفلسطينية عند الشدة .
بعد سنوات من أحداث المنطقة ووفقاً للمثل الدارج "ذاب الثلج وبان المرج" بدأت تتضح حقيقة ما يحدث في المنطقة، فخلال العدوانين الاسرائيليين على غزة، عمود السحاب في 2012، والجرف الصامد 2014، لم تجد المقاومة الفلسطينية من سند لها سوى الصورايخ الايرانية والسورية، كما اعتمدت في صدها للعدوان على المهارات التي اكتسبتها من حزب الله في حرب الأنفاق، ولم تقم دول "الاعتدال العربي" بما فيها حكومة الاخوان المسلمين في مصر بأي خطوات عملية لدعم المقاومة، بل على العكس شددت من حصارها الخانق على معبر رفح وعملت على تدمير الأنفاق بين غزة ومصر التي يعتمد عليها الشعب الفلسطيني في غزة في ايصال السلاح والغذاء .
هذه الظروف أدت إلى تراجع تدريجي لحركة حماس عن مواقفها السابقة ودفعت بالجناح الذي يقوده محمد ضيف إلى المقدمة، بعد صدق نبوءاته حول أحداث المنطقة، ليصبح اليوم صاحب اليد العليا في تحديد سياسات حماس في المرحلة المقبلة .
وفي هذا السياق كان للرسالة التي وجهها الضيف للأمين العام لحزب الله العديد من الدلالات نلخصها فيما يلي :
أولا: التأكيد على الدور الذي تلعبه كتائب عز الدين القسام بقيادة محمد الضيف في رسم سياسة حركة حماس في المرحلة المقبلة، فليس من عادة الضيف توجيه الرسائل والخطابات، إلا أنه اليوم بات أكثر تأثيراً في رسم سياسة حماس الداخلية، خاصة وأنه وفقاً لمراقبين كان الشخص الذي قاد الانتصار على الكيان الصهيوني في عدواني 2012 و2014 .
ثانياً: التأكيد على العودة بدون مواربة إلى محور المقاومة وترميم العلاقة مع ايران وحزب الله، خاصة وأن كل محاولات حماس "الاعتدالية" بما فيها تنازلها عن السلطة في القطاع للرئيس محمود عباس، وقبولها بحكومة “وفاق” لم يكن لها دور في تشكيلها، على امل رفع الحصار عن القطاع، واعادة الاعمار، كلها اعطت نتائج عكسية تماما ولم تغير من الاوضاع على الارض .
ثالثاً: التأكيد على أن فلسطين هي البوصلة، وأن السياسة مهما باعدت بين رفاق السلاح أعجز من أن تفرق بينهم. وأن مصلحة الجميع تبقى في الإتحاد، لأن العدو يريد رأس الجميع، حيث أن لهذه الرسالة دلالات عميقة على نبذ دعوات التفرقة المذهبية، في ظل محاولات بث الفتنة الطائفية في المنطقة وتصوير الأخ المسلم أشد عداوة من الصهيوني المحتل، فحركة المقاومة حماس "السنية"، تقف صفاً واحداً مع حزب الله "الشيعي" في مقاومة عدو الجميع المتمثل بالكيان الاسرائيلي .
رابعاً: التأكيد على أن حماس معنية بالعدوان الاسرائيلي الذي استهدف كوادر من حزب الله وايران في القنيطرة السورية التي وصفها الضيف بـ "أرضنا السورية العزيزة"، وأنها قد تشارك في العملية الانتقامية التي سيرد بها محور المقاومة على هذه العملية، الأمر الذي يضع الكيان الصهيوني أمام جبهة مفتوحة في الشمال الفلسطيني وأخرى في الجنوب، وقد يكون هذا الأمر من ضمن الأسباب التي دفعت الكيان الصهيوني للجوء إلى روسيا للوساطة خوفاً من الرد المقبل .
لاشك أن المقاومة اليوم وهي تتخطى واحد من أخطر الشدائد التي مرت عليها، المتمثلة بمحاولات تفكيك المقاومة وزرع الفتنة المذهبية بينها، ستغدو أكثر قوة وستمارس دوراً أكثر فاعلية في المرحلة المقبلة، في تصديق حقيقي لمقولة سيد المقاومة السيد حسن نصرالله "ولى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات ".
