الوقت-ما لا يختلف عليه النقاد هو ان تنظيم داعش هو ارهابي بالمطلق وان المصلحة الكبرى لهذا التنظيم هي اضعاف الشعوب والمقاومة وزيادة الشرخ في الصف العربي العربي فكيف يقوم هذا التنظيم الارهابي بتامين الدعم المالي وكيف يستطيع ان يجذب المقاتلين الى صفوفه وماهي الهيكلية الدينية والاهداف التي يدعيها هذا التنظيم فالإستراتيجية التي يتبعها التنظيم في جذب الشباب وتجنيدهم وحثهم على الانضمام إلى صفوفه تثير حيرة وقلقا على المستوى العالمي، ولعل أبرز ما يتبعه تنظيم الدولة للتجنيد هو ما يتمثل بالنهج الدعائي وبالثروات المالية التي ترد إلى خزائنه، فضلا عن عوامل أخرى.
اعمار المقاتلين في صفوف التنظيم واعتقاداتهم الدينية ومستوياتهم العلمية
كشف تقرير صادر عن اكاديمية "ويست بوينت" العسكرية في أبريل الماضي في دراسة احصائية عن تنظيم داعش الارهابي اعتمد من خلالها على فحص حوالي أكثر من 4600 وثيقة بين عامي 2013 و 2014 تضمنت وجهات النظر والمواقف والسمات الشخصية لمقاتلي داعش بدءا من اعتقاداتهم الدينية وحتى شهاداتهم التي يتمتعون بها الى تاريخهم السابق بالقتال.
واحتلت تونس المرتبة الأولى من حيث وجة داعش لاستقطاب المقاتلين الى صفوفها حيث اجريت الدراسة على 559 تونسي حيث تبين ان ومن بين كل مليون مواطن تونسي يوجد هناك حوالي خمسين منهم يقاتلون في صفوف التنظيم الارهابي لتأتي السعودية وتحتل المرتبة الثانية بحوالي 18 مواطن سعودي في التنظيم بين كل مليون مواطن.
واردفت الدراسة انه وبنسبة عشرة بالمئة من الذين يقاتلون في سوريا كانوا قد قاتلو مسبقا في ليبيا وافغانستان مبينة ان العديد منهم كانوا مقاتلين في جبهة النصرة قبل ان ينخرطوا في صفوف تنظيم داعش.
اما عن اعمار هؤلاء المقاتلين فقد بين التقرير ان متوسط اعمارهم هو 27 عام وحوالي 60 بالمئة منهم هم متزوحين بينما 30 بالمئة غير متزوجين حيث لم يتسن للاكاديمية التقصي عن الاخرين.
ويضيف التقرير انه وبحوالي سبعين بالمئة من مقاتلي التنظيم هم لا يمتلكون الا معلومات ضيقة ومحدودة بالشؤون الدينية بينما يدعي 5 بالمئة منهم هؤلاء انهم على دراية والمام بالامور الدينية قاطبة ومعظم هؤلاء من السعودية ومصر وتونس.
اما الناحية العلمية لمقاتلي التنظيم هي متفاوتة حيث بين التقرير ان الغالبية العظمى لمقاتلي التنظيم غير حاصلين على شهادات جامعية بينما ادع 5 بالمئة منهم انهم يمتلكون شهادة الدكتوراة من جامعة كامبريدج البريطانية.
كيف يجذب داعش المقاتلين الى صفوفه عن صحيفة "دابق" وفريق الكرة والسيارات الفارهة ؟
ليس فقط الرغبة فى الاستمتاع بالحور العين والإغراء بالمال والسطة، وما يسمونه (الشهادة والجهاد فى سبيل الله)، أدوات تنظيم داعش لاستمالة وجذب الشباب بل هناك أشياء أخرى، يجب الانتباه لها.
لفت انتباه العالم باجمعه المكنة الاعلامية التي تحاول داعش جاهدة صنعها عن طريق الإخراج الصحفى الجيد، وجودة صياغة المواد التحريرية التى احتوتها صحيفة "دابق" الصادرة باللغة الانكليزية بصرف النظر عن محتواها من أفكار تكفيرية إرهابية، شاذة عن الدين الإسلامى.
فها هو التنظيم أيضا يرحب على لسان زعيمه بتأسيس فريق لكرة القدم، من أجل المنافسة على البطولات "وفقا للضوابط الشرعية"الامر الذي دفع بعناصرالتنظيم بتشكيل فرق للتنافس بين المدن التى سيطروا عليها، ويأتى ذلك ضمن سلسلة لجذب الشباب إليهم ومكافأة المقاتلين.
وبالطبع يلجأ التنظيم إلى مواقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك وتويتر" لحث المجاهدين على الهجرة إلى الدولة المزعومة، حيث ظهر وسم منذ أسبوعين تقريبا، بعنوان "جمعة الهجرة لدولة الخلافة الإسلامية"يدع الشباب إلى الانضمام إلى تنظيم داعش الارهابي الذى امسى غالبية مقاتليه يقودون سيارات فارهة.
ماهي مصادر التمويل لتنظيم داعش الارهابي؟
إن موارد تنظيم "داعش" المالية تتنوع في الأماكن التي تخضع لسيطرته ففي سوريا وحدها على سبيل المثال يسيطر التنظيم على ثلثي النفط السوري "الذي يقدر بـ400 ألف برميل يوميا"مما يعني أن التنظيم ينتج ما يقارب 250 ألف برميل يومياً، كما يجني التنظيم مبالغ مالية ليس بالقليلة عن طريق الضرائب العامة التي يفرضها المواطنين العزل.
كما يعتمد التنظيم على جمع أموال يطلق عليها "الزكاة" تقدر بالملايين والتي يحصّلها من التجار إذ تصل إلى 4 في المائة من الممتلكات، كما يفرضها على محاصيل القمح والشعير والمواد الزراعية الأخرى ناهيك عن المخالفات المرورية والشرعية التي يفرضها على ابناء المناطق المحتلة من قبله.
كيف يتم تحقيق المصالح الامريكية في المنطقة عبر داعش؟
عديدة ومثيرة، هي تلك التساؤلات التي يفجرها التباطؤ الأميركي في تصفية تهديد "داعش" وأقرانه من التنظيمات الراديكالية الجهادية التي تتزيا برداء الإسلام رغم قيادة واشنطن لتحالف دولي وإقليمي يتخطى الستين دولة يضم أعتى القوى العسكرية وأكثرها تطورا على مستوى العالم.
فقد طالت الشبهات دوائر أميركية بالتنسيق مع تنظيمات راديكالية على شاكلة "داعش" وجبهة النصرة وغيرهما، بدعم من شركاء ووكلاء إقليميين بغية توظيفها في الإستراتيجية الأميركية الرامية إلى تغيير خارطة المنطقة بالكامل في محاولة منها لنقل مركز الثقل في الإستراتيجية الأميركية من الشرق الأوسط إلى شرق آسيا تحسبا للخطر الصيني المتفاقم.
وبدا جليا تقاعس واشنطن في محاربة "داعش" بل وبقيامها بتزويد مقاتليه بالسلاح والمؤن عن طريق الخطأ حسب زعم واشنطن. فبينما كان المدعو"ابو بكر البغدادي"معتقلا في سجن "غوانتانامو" تم الافراج عنه بعفو أميركي ليعلن بعدها بستة أشهر فقط بناء جيش جرار يحمل اسم "جيش الدولة الإسلامية بالعراق".
تنظيم داعش الارهابي والكيان الاسرائيلي هل هم حلفاء؟
فإلى جانب عزم امريكا توظيف تلك التنظيمات الجهادية التكفيرية لخدمة إستراتيجيتها في المنطقة، ترمي واشنطن من وراء إستراتيجيتها الجديدة إلى تقديم خدمة إستراتيجية مهمة للكيان الاسرائيلي التي باتت تعاني الأمرّين من تغير قواعد الاشتباك والمواجهة مع الدول العربية على أثر دخول تنظيمات أو حركات مقاومة مسلحة معادلة الصراع كبديل عن الجيوش النظامية التي لا يساور الكيان الاسرائيلي وأميركا أدنى شك في خروجها من معادلة المواجهات العسكرية مع إسرائيل لاعتبارات سياسية وعسكرية شتى.
فحركات المقاومة الفلسطينية المسلحة كحماس وكتائب القسام وغيرها إلى جانب نظيرتها اللبنانية كحزب الله، تعتبر أشد صمودا وجاهزية لمواجهة قوة إسرائيل العسكرية في حروب غير متماثلة أو غير متناظرة تعتمد على إستراتيجية حرب العصابات، وهو ما يشكل استنزافا حقيقيا وموجعا لما يسمى بجيش الدفاع الإسرائيلي.
لذا عمدت كل من واشنطن وتل أبيب إلى تبني إستراتيجية مضادة تقوم على اختلاق فاعلين عسكريين غير نظاميين على شاكلة "داعش" و"جبهة النصرة" لمواجهة الجيوش العربية النظامية واستنزافها دون الاضطرار إلى انتهاك المعاهدات الدولية وتجاوز الشرعية الدولية عبر الدخول في حروب شاملة ضدها من خلال الجيوش النظامية.
ومن خلال فزاعة داعش سيبقى الكيان الاسرائيلي كعادته يمارس دوره التخريبي بكل ما يجري في الخفاء، متظاهرا بالنأي بالنفس والاكتفاء بمتابعة الأمور عن بعد بمنتهى الأمان مستمتعة بتفسخ الدول العربية المحيطة ومنتشية بتفكك جيوشها النظامية، استعدادا لإعادة هندسة المنطقة برمتها بما يخدم مصالحه وأطماعها التوسعية.
وعلى الرغم من مقاطع الفيديو المروعة والمشينة والمخالفة لابسط حقوق الإنسان التي ينشرها الإرهابيون بكثرة على شبكة الانترنت إلا أن الحكومات الغربية وعلى رأسها البريطانية والامريكية تواصل تجاهل ضرورة التعاون مع حكومات ودول المنطقة في محاربة الإرهاب الذى كان الغرب سببا أساسيا في نشوئه وتمدده حتى بات يطول داعميه ومموليه على حد سواء مكتفية بسن قوانين تمنع عودتهم إلى دولهم ظنا منها أنها بذلك تحمي نفسها من المارد الذي صنعته وغذته واعتنت به.