الوقت - قال الكاتب والمؤرخ والمحلل المعروف "غاريث بورتر" إن إدارة الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" تتعمد إعاقة التبادل التجاري والتعامل المصرفي مع إيران من أجل إحتواء قوتها في المنطقة.
وأضاف "بورتر" في مقال نشره موقع "كنسرسیوم نیوز" إن الإدارات الأمريكية المتعاقبة سعت طيلة العقود الثلاثة الماضية إلى تغيير نظام الحكم في إيران والسيطرة على مقدراتها من خلال الضغوط الدبلوماسية تارة، أو محاولة إرغامها على تغيير سياستها تجاه أمريكا تارة أخرى.
وأشار هذا الكاتب إلى أن إدارة الرئيس الأمركي الأسبق "رونالد ريغان" دعمت العراق في حربه ضد إيران في ثمانينات القرن الماضي من أجل إسقاط نظام الجمهورية الإسلامية في ايران، كما سعت إلى حرمان طهران من إمتلاك التقنية النووية للأغراض السلمية.
وأضاف إن إدارة الرئيس الأمريكي السابق "بيل كلينتون" سعت أيضاً إلى عزل إيران عن العالم الرأسمالي، ودعمت الكيان الإسرائيلي لمنع طهران من تطوير برنامجها الصاروخي، والحيلولة دون وصول هذا البرنامج إلى الحد الأدنى من مستويات الردع.
كما تطرق "غاريث بورتر" في مقاله إلى محاولات المحافظين الجدد في البيت الأبيض بقيادة الرئيس الأمريكي السابق "جورج دبلیو بوش" للإطاحة بنظام الجمهورية الإسلامية في إيران من خلال اللجوء إلى القوة العسكرية، وذلك بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.
و أضاف إن سياسة الرئيس الأمريكي الحالي "باراك أوباما" إزاء إيران تختلف عن السياسات السابقة للبيت الأبيض، مشيراً إلى أنها كانت في البداية تعتمد بدرجة كبيرة على الضغوط الدبلوماسية لإرغام طهران على التخلي عن برنامجها لتخصيب اليورانيوم.
وبيّن الكاتب الأمريكي أن إدارة "أوباما" جرّبت في البداية شن هجوم إلكتروني "سيبراني" على البرنامج الإلكتروني للمنشآت النووية الإيرانية في موقع نطنز، قبل أن ترفع من مستوى ضغوطها الدبلوماسية، خصوصاً بعد رفض طهران طلب واشنطن إتلاف ثلثي إحتياطيها من اليورانيوم المنخفض التخصيب.
وأضاف "بورتر" أن إدارة "أوباما" هددت في عام 2010 بضرب إيران بالسلاح النووي في حال لجأت الأخيرة إلى إستخدام القوة العسكرية التقليدية ضد أمريكا أو حلفائها. وبعد فشل هذه التهديدات لجأت الإدارة الأمريكية إلى الخيار الدبلوماسي للضغط على طهران عبر المفاوضات بشأن برنامجها النووي.
وأضاف مؤلف كتاب "أزمة مصطنعة" أن الإدارة الأمريكية الحالية ما زالت تسعى إلى إحتواء قوة إيران في المنطقة وهي ليست بصدد التفاهم والتحاور معها، ولهذا فهي تبحث عن أي وسيلة لتحقيق هذا الهدف، معرباً عن إعتقاده بأن واشنطن تصر على إبقاء الحظر الإقتصادي المفروض على إيران من جهة، ومنع الدول الأخرى من الإستثمار في ايران من جهة أخرى، كدعامتين أساسيتين لزيادة الضغط على طهران.
وأوضح هذا المحلل الأمريكي بأن الحظر الإقتصادي المفروض على إيران سبّب إرباكاً للبنوك والشركات الأوروبية التي تعتزم الإستثمار في إيران، في حين كانت واشنطن قد تعهدت ضمن الإتفاق النووي بين طهران ومجموعة (5+1) بإتخاذ خطوات عملية لطمأنة الشركات والبنوك من أجل التعامل التجاري مع إيران، مشيراً إلى أن طهران بإمكانها الآن أن تقدم شكوى في هذا المجال ضد الإدارة الأمريكية.
وأشار "بورتر" كذلك إلى أن الكثير من الشركات الأوروبية كانت قد أعلنت في وقت سابق إستعدادها للإستثمار في إيران والعودة إلى السوق الإيرانية بعد دخول الإتفاق النووي حيز التنفيذ في 15 كانون الثاني/ يناير الماضي، إلاّ أن البنوك الأوروبية لا زالت مترددة في إجراء المعاملات المصرفية المتعلقة بعقود هذه الشركات، ما شكّل عقبة رئيسية أمام تلك الإستثمارات.
وتطرق المحلل الأمريكي في نهاية مقاله إلى العقوبات الثقيلة التي فرضتها أمريكا خلال السنوات الماضية على عدد من البنوك الدولية بحجة إنتهاكها للحظر الإقتصادي المفروض على إيران، والتي أدت فيما بعد إلى إحجام هذه البنوك عن التعامل مع نظيراتها الإيرانية، وهو ما تسبب أيضاً بتقليص فرص الإستثمار من قبل الشركات الغربية التي تعتزم تعزيز علاقاتها التجارية مع إيران.
وتجدر الإشارة في هذا المجال إلى أن نائب وزير الخارجية الإيراني "عباس عراقجي" أكد في وقت سابق أن اللوبيات المتطرفة داخل أمريكا، إضافة إلى الكيان الإسرائيلي وبعض الدول كالسعودية تسعى للتخويف من التعامل مع إيران، لئلا تتمكن طهران من حصاد ثمار الإتفاق النووي، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن المصارف الأوروبية الكبرى لا تزال تتردد في التعامل مع طهران بعد أربعة أشهر من بدء تطبيق الإتفاق المذكور بين الدول الكبرى وإيران ورفع قسم من العقوبات الدولية عنها.