الوقت- العداوة التي تكنّها الإدارة الأمريكية و اللوبيات المحرّكة لها للجمهورية الإسلامية في ايران كانت الأمل و الرهان الأول و الأخير لكل من يريد استمرار حصار هذا البلد، و منع أي تواصل دبلوماسي له مع الخارج قد يوصله إلى اتفاقات تسوية دولية كالذي حصل في الملف النووي، و الذي سيؤدي بالتالي إلى ارتفاع العوائق امام انفتاح الإقتصاد الإيراني على العالم و السماح للشركات العالمية بالاستثمار في ايران التي تعتبر أرضاً خصبة للربح اقتصادياً، الأمر الذي سينهض بإيران و اقتصادها، و هو ما لا تريده هذه الجماعات و اللوبيات و من وراءها.
الشركات العالمية تهافتت على ايران بعد الاتفاق النووي
ما أن تم التوصل إلى اتفاق بين إيران ومجموعة 5+1 حتى بدأ تهافت الشركات الأجنبية على إيران سعياً إلى الحصول على النصيب الأكبر من سوقها الواعد.
والحقيقة أن ذلك التهافت لم يكن وليد لحظة ذلك اليوم الذي عاد فيه الفريق الإيراني من فيينا ظافراً باتفاق العمل المشترك، بل إن التحركات التي بدت تلوح في أفق الساحة الاقتصادية، وصاحبها انفتاح سياسي بدرجة أقل، تعود إلى نوفمبر 2013 حين تم التوصل إلى الاتفاق المؤقت بين إيران ومجموعة 5+1 بشأن برنامجها النووي.
و في هذا السياق شهدت إيران زيارة وفود كثيرة بعد تلك الفترة لاستبيان الوضع و امكانية الاستثمار فيها، فشهدنا سلسلة من الزيارات الاقتصادية من العديد الدول، في توجه واضح للاستثمار في هذه السوق الواعدة.
ففي ديسمبر من العام الماضي وصل وفد يضم 10 من كبرى الشركات النمساوية لدراسة تطوير التعاون التجاري مع إيران في حالة إلغاء العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها. وفي الشهر نفسه توجه وفد تجاري صيني إلى طهران يضم نحو 100 شخصية، وعقد بموجب هذه الزيارة اتفاقية مقاولات بين إيران والصين بقيمة 20 مليار دولار. كما شهدت إيران زيارة وفد كرواتي يضم 20 من كبار رجال الأعمال والاقتصاد. وفي مقابل الـ100 شخصية التي ضمتها الوفد الصيني، استقبلت إيران أيضاً وفداً فرنسياً مكوناً من 100 ممثل لكبرى الشركات الفرنسية ولا سيما شركة "بيجو" للسيارات التي تتلاقى مع إيران في مشاريع مهمة في قطاع السيارات.
وكذلك الحال بالنسبة إلى ألمانيا، التي أرسلت بدورها وفداً تجارياً لإيران وبحث الفرص المتاحة اقتصادياً. كما وصل في مايو من العام الماضي وفد من سلوفينيا مؤلف من 30 شخصاً یمثلون الشركات الاقتصادیة في مجالات الطاقة والمصارف والكهرباء والاتصالات والزراعة وباقي المجالات الأخرى.
ومن الخطوات المهمة التي قامت بها إيران مع الوصول إلى الاتفاق المؤقت، توقيع مذكرة تفاهم اقتصادية بمبلغ 70 مليار يورو بين إيران وروسيا في الاجتماع الحادي عشر للجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين.
و بعد الإتفاق بدأ توقيع الاتفاقيات بين إيران و تلك الشركات و الدول، و لكن رغم كل هذا كان هناك من هو غير مرتاح و يعمل ليل نهار لمنع حصول هكذا اتفاقيات، و كان لا يخفي عدم ارتياحه أو قلقه في تصريحاته الاعلامية، كما جاء على لسان العديد من المسؤولين الصهاينة و السعوديين و بعض الدول الخليجية الأخرى، فعملت هذه الأطراف على تحريك نفوذها في كل مكان و خاصة في الدول الكبرى للحؤول دون التوصل لاتفاق مع ايران حول الملف النووي و عندما فشلت في تحقيق ذلك و وُقّع الاتفاق، تعمل اليوم لمنع ايران من الاستفادة و استثمار نجاحها الدبلوماسي للنهوض باقتصادها، و كان أخر أشكال هذا العرقلة ما ذكرته صحيفة الفايننشل تايمز.
حملة أمريكية ضد التجارة و منع الاستثمار في إيران
ذكرت صحيفة "الفايننشال تايمز" في تقرير لها يتحدث عن جماعة ضغط أمريكية مؤثرة، كانت تقف وراء محاولات لعرقلة الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، تعمد الآن على القيام بحملة عالمية للحيال دون قيام الشركات الغربية الكبرى بأعمال ومشاريع في إيران.
و في هذا السياق ذكرت الصحيفة أن جماعة "متحدون ضد إيران نووية" التي تحظى بمؤيدين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري الأمريكين، والتي كانت في مقدمة الحملة ضد الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني العام الماضي، ستستخدم مزيجا من الإعلانات في الصحف والرسائل العامة لممارسة ضغط على الشركات متعددة الجنسيات التي بدأت في العودة إلى إيران بعد توقيع الاتفاق معها أو التي تفكر بفعل ذلك.
كما أضاف التقرير أن إيران تشكو حاليا من قلة الفوائد الاقتصادية التي جنتها من الاتفاق، و اعتبر أن جماعة "UANI" تخطط لارسال رسائل تحذير بشأن المخاطر المحتملة من القيام بأعمال تجارية في إيران إلى 140 شركة عالمية، وستنشر الجماعة سلسلة اعلانات في الصحف بدءا من أوروبا هذا الأسبوع وقبيل عقد مؤتمر زيورخ لتشجيع التجارة والاستثمار في إيران.
و الجدير بالذكر أن الأمريكيون يصرّون على أن تخفيف العقوبات المفروضة على طهران ضئيل جدًا، لكن هذا لا يقنع الشركات الغربية المتهافتة على الفرص الاستثمارية المتاحة في إيران، و لم يتمكن الأمريكيون ومن وراءهم من التأثير على الشركات بسبب التسابق و الزخم الكبير الذي شهدته ايران حتى قبل التوصل للاتفاق النووي الذي وقع بعد ذلك.