الوقت- بعد أيام من الغارة التي نفذتها مروحية اسرائيلية على منطقة القنيطرة في الجولان السوري والذي ادى الى استشهاد العميد في الحرس الثوري الايراني محمد علي الله دادي وستة من اعضاء حزب الله بينهم جهاد عماد مغنية تسرّب اسم القيادي في المقاومة الاسلامية "أبو علي الطبطبائي" كمستهدف أساسي في الغارة الاسرائليلية حيث يزعم الکيان الإسرائيلي، عبر وسائل إعلامه، أنه إستطاع قتل الرجل الذي وصفه بـ "الخطير، الذي يقلق نوم الجيش الاسرائيلي ".
وقال مراسل القناة العاشرة للشؤون العسكرية الإسرائيلي ألون بن دافيد"صحيح أن الضربة استهدفت جهاد مغنية، إلا أنّ الهدف الأساسي لعملية التصفية كان أبو علي الطباطبائي، الشخص الذي يبني القوة الهجومية لحزب الله، الذي يدرّب رجاله لاجتياح الجليل واحتلال المستوطنات ".
وعن هذه الشخصية التي تحظى بالاهتمام، اوردت مصادر اعلامية بعضًا من التفاصيل عن الرجل ودوره في المقاومة، فهو من أب إيراني وأم جنوبية لبنانية، وُلد وربي وترعرع في جنوب لبنان وفي شبابه انضم إلى المقاومة.
ووفق المعلومات، فالرجل تسلّم وتدرّج في المهام في المقاومة حتى وصل إلى قيادة "قوات التدخل" وهي وحدة الإسناد الهجومي في المقاومة واستمر على رأسها لفترة قبل أن يتم دمجها مع القوات الخاصة في الحزب غداة استشهاد عماد مغنية لتتحول إلى اسم "الرضوان ".
وفي هذه المرحلة تحوّل الرجل من إدارة "قوة التدخل" إلى إدارة قسم في"وحدة الرضوان"، لكن نفوذه بقي في الوحدة وله كلمة فيها، إلا أن دخول حزب الله القتال ضد الارهابيين في سوريا غير موقع الرجل، فتحّول من موقعه هذا إلى موقع آخر يُدير فيه ملفًا عسكريًا خاصًا في سوريا، لم تعرف طبيعته.
وصوّر الجانب الإسرائيلي الرجل على أنه الخطر الداهم، والتسريبات الاسرائيلية لوسائل الإعلام تقول إن "الطبطبائي" كان يعمل على تأمين أرضية عسكرية مقاومة في منطقة الجولان السوري، ما اعتبره العدو خطرًا.
لكن نعي حزب الله بالاسم للشهداء، لم يتطرق إلى أي معلومات حول استشهاد أو إصابة الرجل الذي دخل مصيره ضمن الغموض. ويتضح من سياق ما حدث، أن إسرائيل تشن "حربًا استباقية على المقاومة محورها التصدي لاجتياح الجليل"، من قبل المقاومة في أي حرب مقبلة عبر محاولة استهداف رؤوس هذا المشروع.
وقد قام محللون في وسائل الاعلام بتحليل عملية استهداف الشهداء في القنيطرة وقال بعضهم ان عملية الاغتيال التي حصلت عبر طائرة مروحية، وفق ما كشف إعلام العدو، يظهر النيّة المبيّتة لتنفيذ هذا الاغتيال، خصوصاً وان العدو يلجأ لاستخدام سلاح المروحيات في تنفيذ عمليات الاغتيال المباشرة، كما يحصل في قطاع غزة.
ويستعين العدو في عمليات الاغتيال على عدة عوامل لانجاح المهمة، ففضلاً عن عمليات الرصد والتتبع الالكترونية، يلجأ الى عاملٍ أهم وهو “الرصد الميداني” عبر عملاء يستقي من خلالهم حركة الهدف الذي يلاحقه وتمركزاته، ويبني على هذه العوامل ويتتبع صحتها، ويستخدم سلاح طائرات الاستطلاع للتحقق من المعلومة عبر تتبع الهدف او كشف المكان الذي ومن المتوقع ان يتوجه نحوه لدراسة طبيعة البيئة الميدانية، كما رصد حركته المبنية على المعلومات الميدانية.
وبحسب المحللين فإن هناك عدة عوامل في قضية إغتيال مجموعة حزب الله يمكن الركون إليها في تحليل ما حصل، خصوصاً الضربة التي أدت إلى هذا الكم من الشهداء. وتعتبر المصادر، ان هذه الضربة مُخطّط لها مسبقاً، وهي ليست محض صدفة أبداً، بل هي مبنية على معلومات وعلى رصدٍ دقيق، وعلى تتبع حركة ودراسة ميدان وأهداف قبل تنفيذها، وهذا يتضح من سياق مجرى الاحداث وإستخدام طائرة مروحية وإيقاع العدد المذكور من القادة.
وتخلص المصادر، إلى دور ما لعملاء ميدانيين فيما جرى، هؤلاء الذين وفّروا المعلومات للاسرائيلي كي يبني عليها ويتتبع عبر طائراته الاستطلاعية الاهداف، وإختيار الزمان والمكان المناسبين لتوجيه الضربة مع تجمع عددٍ وافر من القادة في نفس النقطة، اي ان إختيار يوم الاستهداف مدروس حتماً، وأدى لحصول ما حصل.
وفي تفاصيل ما حدث، ان الغارة حصلت في منطقة “مزرعة الارامل”، وأغلب الظن إستهدفت منزلاً كان يجمع قيادات ميدانية لدراسة أمر عسكري في المنطقة، هؤلاء إستهدفوا بشكلٍ جماعي ما أدى لاستشهاد بالاضافة لصف القادة والمساعدين، عدداً من مرافقي الشخصيات المذكورة، فيما بات مصير “ابو علي الطبطبائي” غامضاً بعد عدم نعي الرجل من قبل الحزب، والحديث الاسرائيلي عن إستهدافه وان الاستهداف حصل له بشكلٍ مباشر.
وفي غمرة هذا كله، يبرز إلى الواجهة دور ميليشيات المعارضة السورية، خصوصاً “جبهة النصرة” وما يسمى “لواء تحرير اليرموك”، لكن الأبرز “لواء الحرمين الشريفين”، هذا الاخير، ووفق التسريبات، يقوده ضابط منشق عن الجيش السوري يدعى “شريف صفوري”. يعتبر هذا الاخير وجماعته العسكرية يداً ميدانياً للعدو الاسرائيلي، وبات شبه “جيش لحد” كمثيله السابق في لبنان، حيث يعمل أفراد هذه الجماعة العسكرية كعملاء رصد ميداني خدمة للاسرائيلي.
وعلى الجهة الاخرى، هناك دور “جبهة النصرة” التي تسيطر مع “لواء اليرموك” على جزءٍ واسع من ريف القنيطرة، وتستفيد هذه الاخيرة من التقديمات الطبية من قبل العدو الاسرائيلي عبر العون الطبي ومعالجة الجرحى داخل مستشفيات الاحتلال، بالاضافة إلى العون اللوجستي – الناري والذي تجلى بإستهداف عدد من نقاط الجيش السوري في المنطقة من قبل مدفعية العدو، التي مهدت نارياً لتقدم مجموعات عسكرية من “النصرة” والهجوم عليها.
وهناك محللون آخرون اعتبروا ان نجاح الصهاينة في استهداف المجموعة له علاقة بنجاح في تحقيق اختراق بشري، وترتفع نسبة منطقية وواقعية هذا الاحتمال من خلال مراقبة الحملة الإعلامية المضللة, التي شنّها الصهاينة للحديث عن مقتل "أبو علي الطبطبائي" في غارة مزرعة الأمل.
لدى المقاومة بالتأكيد قدرات أمنية مضادة, ولجان متخصصة, ستعرف تفاصيل ما حصل, وكيفية تحقيق العدو لهذا الإنجاز الأمني المحسوب لصالحه لكن يمكن الزعم من خلال تحليل معطيات إعلامية صهيونية، بأن الأمر ليس سوى نتيجة خرق بشري, سواء في صفوف المقاومة, أو في صفوف القوى السورية الرسمية.
لأن ما فعله الصهاينة بعد العملية إعلامياً يمثل دليلاً يمكن استغلاله لدراسة خلفياته وأهدافه, فقد شنوا عملية تضليل من خلال إعلامهم, إذ أعلنوا أن الغارة استهدفت القيادي الكبير في المقاومة "أبو علي الطبطبائي" ونشروا أيضاً معلومات عن المذكور, وفيها احتفائية بقتله, كونه المسؤول عن الهجمات البرية المقبلة ضدهم, في حال اندلعت حرب بينهم وبين المقاومة.
المعلومات المتوفرة تؤكد أن "الطبطبائي" لم يكن موجوداً مع الكوادر الذين استشهدوا, ولا علاقة له بالوفد الذي زار مزرعة الأمل . فلماذا إذاً قالت إسرائيل أنه قتل؟
ويقول المحللون انه يمكن الزعم بأن هدف الصهاينة من التضليل هو إيهام المقاومة بأن مصدر الإسرائيليين ليس دقيقاً, وبالتالي هو لم يعرف الفرق بين "الطبطبائي" وبين " محمد عيسى" أو بين الطبطبائي وبين اللواء "محمد علي الله دادي" .
ويعتقد هؤلاء ان الخرق البشري هو ما مكن الصهاينة من ضرب الكوادر بالصواريخ، والخرق البشري دقيق وقريب من موقع الحدث, لهذا عمل الصهاينة على حمايته من خلال الحديث عن شخصية الطبطائي, لحرف أنظار محققي المقاومة عن مدى دقة المصدر الذي زوّد الإسرائيليين بالمعلومات وهذا اذا كان الطبطبائي فعلا خارج المجموعة المستهدفة .
وسواء كان من يقول عنه الاسرائيليون "الطبطبائي" ضمن المستهدفين أم لم يكن فان هناك كوادر ضمن حزب الله وضمن الحرس الثوري الايراني وضمن الجيش السوري وعند المقاومة الفلسطينية يستطيعون سلب الاسرائيليين نومهم حتى لو استشهد رفاقهم ، فالجبهة ممتدة من ايران الى فلسطين المحتلة وان شعوب هذه المنطقة فيها الكثير من الرجال الشجعان.