الوقت- أثارت الأخبار المتداولة بشأن نية أكراد سوريا الإعلان عن تشكيل "جيش جديد" تساؤلات عدّة حول الأهداف الكامنة وراء هذا التحرك؛ هل هو بداية لإعلان فيدرالية في سوريا أم مناورة ميدانية لردع سياسات أنقرة؟
فالتحديات والمشاكل العديدة التي يواجهها الرئيس التركي "رجب طیب أردوغان" تتسبب بزيادة عزلته يوماً بعد آخر. ومن بين هذه التحديات التهديدات الإرهابية في الداخل التركي ومعضلة تنظيم "داعش"، وإرتفاع أصوات المعارضة ضد حزب "العدالة والتنمية" الذي يتزعمه "أردوغان"، إضافة إلى المشاكل الخارجية مع الدول المجاورة كسوريا وروسيا والعراق، والتي كان آخرها مع مصر بعد دعوة الشيخ الأخواني "يوسف القرضاوي" من تركيا إلى مظاهرات مليونية ضد الرئيس "عبد الفتاح السيسي"، علاوة على المشاكل المستعصية مع الأكراد التي باتت تشكل عقدة بالنسبة لأنقرة.
في هذا السياق أعلنت بعض وسائل الإعلام أن ما تُسمى بالإدارة الذاتية الكردية في محافظة الحسكة، شمال شرق سوريا، تستعد للإعلان رسمياً عن تشكيل جيش لحماية المناطق التي تحت سيطرتها، بعد إعلانها الفيدرالية مؤخراً.
وجاء تأكيد هذا الخبر على لسان قائد ما يُسمى بجيش حماية الفيدرالية "ريناس روزا" في تصريحات لوسائل إعلام كردية، مشيراً إلى أن القوات الكردية باشرت التدريبات والتجهيزات العسكرية للإعلان قريباً عن نواة الجيش الجديد. وبحسب المعلومات المتوفرة تتألف نواة هذا الجيش من العرب، والكرد، والأرمن، والشركس.
ودون شك فإن الاعلان عن تشكيل مثل هذا الجيش ستكون له إنعكاسات متعددة؛ حيث من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى خلق معضلة لأنقرة التي تبذل قصارى جهدها لمنع قيام أي فيدرالية كردية على حدودها، إلى جانب خشيتها من إمكانية قيام إنتفاضة كردية داخل أرضيها.
من ناحية أخرى سيثير تشكيل جيش بأغلبية كردية في شمال سوريا مخاوفاً من أن تكون هذه الخطوة بداية لتعميم فكرة الفدرلة في مناطق أخرى من البلاد، وهو ما قد يهيأ الأرضية لطرح مشروع تقسيم سوريا في المستقبل.
وتعتقد بعض الأوساط السياسية بأن أمريكا تسعى لتوظيف قضية الأكراد في سوريا لتحقيق أهداف سياسية منها إرغام دمشق وحلفائها ومن بينهم موسكو لتقديم تنازلات، فيما لم يخفِ الروس إستعدادهم للتعاون مع الأكراد ودعمهم إحراجاً لواشنطن وأنقرة.
أخيراً تبقى التساؤلات المثارة حول ماهيّة وهيكلية جيش الأكراد في سوريا والقوى الإقليمية والدولية المستعدة للتعاون معه، وكيف ستكون ردة فعل دمشق بشأن هذا الموضوع، خصوصاً بعد إتفاق التهدئة الذي تم إبرامه مؤخراً بين الحكومة السورية والمقاتلين الأكراد في مدينة القامشلي، ودور موسكو في ما يجري، لاسيّما وأنها تحرص على مصالحها ومصالح حليفتها دمشق، وتؤكد بأن تهديد وحدة سوريا يمثل بالنسبة لها خطاً أحمر، وهذا هو منشأ التساؤل الآنف الذكر: هل يرتبط تشكيل جيش الأكراد في سوريا بمناورة ميدانية لردع سياسات أنقرة أم أن وراءه أهداف أخرى؟