الوقت - سوريا التي حمت الحق العربي باسترجاع كل شبر مغتصب من الأرض المحتلة. سوريا التي لم ترض يوماً بسلام مع الكيان الإسرائيلي إلا على مبدأ سلام الشجعان لا سلام الجبناء والذي يقوم على مبدأ الأرض (كل الأرض) مقابل السلام. سوريا التي اعتبرت فلسطين قضية العرب المركزية ودعمت وشاركت في كل الحروب ضد الكيان الإسرائيلي دفاعاً عن هذه القضية.
سوريا هذه، اجتمع عليها اليوم كل المنافقين والخونة من بعض الحكومات العربية وشاركوا جنباً الى جنب مع اعداءها في ضرب خاصرتها بخناجر غدرهم سعياً منهم لإسكات صوتها لانه صوت الحق المدافع دوماً عن حقوق العرب المسلوبة.
استغلوا جرحها ومعاناتها دفاعاً عن هيكليتها وثوابتها التي يحاولون القضاء عليها، ليعلنوا من الجولان المحتل بأن هذه الارض المغتصبة هي ارض اسرائيلية وستبقى اسرائيلية.
هل إعلان نتنياهو خلال اجتماعه مع مسؤولي حكومته من داخل الجولان المحتل في بقعة مطلة على بحيرة طبريا في هذا التوقيت بالذات بأن الجولان هو ارض اسرائيلية، كان اعتباطياً؟
للجواب على هذا السؤال لابد من قراءة لبعض التطورات السياسية والميدانية السورية والتي حدثت في الآونة الاخيرة خاصة مع تزامنه مع ذكرى عيد الجلاء السوري.
ربما انتصارات الجيش السوري في كثير من المواقع التي كانت خارج سيطرته ابتداء بالريف الشمالي لللاذقية مروراً بتحرير تدمر واجزاء كبيرة من الريف الشرقي لحمص انتهاءً بالتقدم الذي احرزه في جبهة حلب, جعل الكيان الإسرائيلي يتخوّف من إحكام الدولة السورية، الرافضة لوجوده، السيطرة على بقية المناطق وخاصة تلك الموجودة في الجنوب السوري المحاذي للجولان والتي كان اهم انجازاته فيها تحرير مدينة الشيخ مسكين الاستراتيجية.
لكن يمكنني القول بان الهدنة ربما لم تكن لصالح الجيش السوري لانه كان في حالة تقدم والهدنة قيدت من تحركاته وهذا ما دفع الكيان الإسرائيلي الى استغلال هذا التوقيت بالذات خاصة مع انشغال الجيش السوري وحلفائه بمعركة حلب ضد المسلحين الذين وكما ذكرنا في مقال سابق اخذوا الضوء الاخضر الامريكي بإشعال هذه الجبهة.
لن اتوسع كثيراً اليوم في مقالي بشرح الاسباب والاهداف وتداعيات هذا الاعلان، لأنني اود الحديث عن امر آخر لا يقل اهمية عن التداعيات السياسية والميدانية لهذا الاعلان ألا وهو السكوت الذي اصاب حكومات بعض الدول العربية وكأن القط قد اكل لسانهم.
نتنياهو يعلن الجولان ارضا اسرائيلية والعرب صامتون وكأن الامر لا يعنيهم. ولتلك الحكومات التي تدعم ما تسميه المعارضة السورية ضد بشار الاسد، اريد ان اقول حتى لو كنتم معارضين للرئيس السوري بشار الاسد فهذا لا يعطيكم الحق بالتخلّي عن الجولان والصمت عن هذا الاعلان الغاصب من قبل الكيان الإسرائيلي لأن الجولان ليست مسجلة باسم رئيس معين وإنما هي ارض سورية، ارض عربية محتلة من قبل كيان على مايبدو اصبح اليوم اقرب اليكم من اي وقت سبق.
هل حقدكم على شخص، أعمى بصيرتكم الى حد التماشي مع صديقكم الجديد بالتسليم له بأحقية الإسرائيليين بأرض الجولان.
ربما مسلسل الخيانة العربية لم تعد حلقاته مستورة بل اصبحت واضحة جليّة وضوح النهار وما القمة الخليجية - الأمريكية الأخيرة إلا حلقة جديدة منه.
فمن يقرأ بيان هذه القمة يدرك تماماً مستوى الانحطاط الذي وصلت اليه بعض الحكومات العربية حيث لا تشاهد في البيان ذكراً لفلسطين هذه الدولة العربية المغتصبة من قبل كيان لا يعرف الرحمة، لا تجد ذكراً لممارسات القتل والتهجير بحق ابنائها، لا تجد ذكراً لتدنيس المقدسات من قبل شراذمة هذا الكيان، لا تجد سوى تنديد وتخويف وتسويف بحق دولة دأبت طوال السنين على حماية شرف العرب والمسلمين، دولة دفعت الغالي والرخيص لدعم حركات المقاومة، كل حركات المقاومة، ضد الكيان الإسرائيلي، هذه الدولة التي لم يعد خافياً على احد دورها الرائد بحفظ المقاومة ومحورها ألا وهي الجمهورية الاسلامية الايرانية.
فلتندّدوا ولتتوعّدوا واعلنوا الجولان اسرائيلياً وفلسطين اسرائيليةً، لكن، اعلموا انه لا يموت حق وراءه مطالب، وهذا المطالب هو ذاك المقاوم الذي يمرّغ أنوفكم بتراب سوريا ويهاجم دباباتكم بسكين فلسطينية وسيأتي يوم ترون فيه كيف سيبقى هو وتنتهون أنتم.