الوقت- الحدود الشرقية بين سوريا ولبنان , منطقة لطالما كانت بالنسبة لحزب الله حدودا حاضنة ومنطقة آمنة في ظل تواجد سلطة الدولة السورية الداعمة لتيار المقاومة.
فلنرجع عقارب الساعة زمنا الى الوراء ..
شهدت يبرود في الحرب الاسرائيلية الاخيرة على لبنان عام 2006 , حركة نقل العتاد الى المقاومة في ظل العدوان , حيث فتحت القيادة السورية مخازن سلاحها في المنطقة للحزب انطلاقا من الجرود , في موقف تفردت فيه سوريا بين كل الدول العربية التي تآمرت يومها على الحزب.
كلما اقتربت الساعة من الماضي البعيد ..
كلما بدأت المنطقة الآمنة تصبح شيئا فشيئا منطقة معادية للحزب . فالأحداث السورية التي وقعت , اتخذت طابعا طائفيا ساما اريد لها ان تتقلده , فكيف ينقسم شعب عايش عدوانا مشتركا وتشرب كره اسرائيل , ان لم يدخل سم الطائفية على العلاقات التي تربطه, ليستبدل العدو بالصديق والصديق بالعدو.
ينقلب المشهد .. ويتخذ طابعا دراماتيكيا ساخناَ..
التيارات تكفيرية تسيطر على مناطق القلمون , تتسلل الى بلدة عرسال البقاعية اللبنانية فحولتها الى وكر تكفيري للدسائس والارهاب , انطلقت منه لتصدير سيارات مفخخة الى الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع , وتقتل الشعب الذي يعتبر خزان المقاومة !!
هجوم الحزب على يبرود _ نتائج وتداعيات :
منتصف آذار 2014 , هي المقاومة تشن حملة على يبرود سبقتها بمثيلتها في القصير .. حملة عسكرية وأمنية متوازية كبيرة للحزب في يبرود, نجح في تطهيرها من المسلحين , مما أوقف عمليات التفجير والاعلام التحريضي المرافق للعمليات الانتحارية , التي هدفت الى تزكية الصراع الطائفي في مخطط اراد توريط المقاومة وجرها الى اتون حرب طائفية تستنزفها , لتتلهى عن اسرائيل وتبدأ منذ ذاك الحين حرب حزب الله مع الوكيل التكفيري الذي صنع بدلا من العدو الأصيل الاسرائيلي..
بعد هذه الحملة التي ابدع الحزب فيها, انسحبت المجموعات المسلحة الى جرود فليطة ويبرود - سلسلة جبال القلمون- حيث تؤمن الجبال الوعرة بتضاريسها ملجأ للمسلحين .وبالفعل تمركزت المجموعات المسلحة في تلك المناطق وبدأت بتهديد مناطق يسيطر عليها الحزب وتتواجد فيها قواعده الشعبية داخل الحدود اللبنانية في منطقة البقاع.
اعتمد المسلحون في تلك المنطقة استراتيجية اقتضت التحصن في الجبال وجر الحزب نحو معركة استنزاف صعبة تكبده خسائر كبيرة في صفوفه وتستهلك منه العتاد والوقت والجهود , بادلها الحزب في سياسة ذكية منه الى الهاء المسلحين طيلة فصل الصيف وعدم اللحاق بهم الى الجبال, والتعويل على المناخ القارس في الشتاء, الذي سيفتك بالمسلحين الذين يعانون من نقص في العتاد والسلاح ووسائل التدفئة . فقام بالتعاون مع الجيش السوري من الداخل السوري ومن لبنان , بمحاصرة الجبال ومنع وصول الامداد للمسلحين الذين حاولوا مرات عديدة فتح معابر ومنافذ للامداد, لكنهم عجزوا عن التملص من قبضة الحزب والجيش السوري المحكمة على المنطقة.
حرب بكل ما للكلمة من معنى , جعلت من المناطق الآمنة الحليفة , منطقة خطر بامتياز تهدد أمن المقاومة في العمق وتشكل جبهة جديدة تستنزف من الحزب العتاد والمتابعة والعديد وتضعه امام واقع صعب يحتاج فيه للدفاع بثبات عن الجغرافيا في معارك وتجربة جديدة لم يمر فيها الحزب من قبل.
هي التيارات التكفيرية , بمشروعها التحريري , قد نجحت في استجرار الحزب الى جبهة جديدة على بعد كيلومترات من حدود فلسطين , تناست فيها المجموعات المسلحة, اسرائيل بل تعاونت معها في الجولان ومزارع شبعا والقلمون , وركزت " أهدافها وفتوحاتها الاسلامية " على التفجيرات في الضاحية بشعب المقاومة " الشيعي " , وفضلت ان يكون القتال لتحرير القدس من أيد حزب الله وليس من اسرائيل !!
الوضعية القتالية للحزب في القلمون في ظل الواقع الجديد :
الساعة عند حدود الزمن الحاضر..
الحزب ثبت مقاتليه على امتداد الحدود مع مناطق القلمون ليحول دون امكانية اختراق الحدود بعد التهديد الذي أطلقته الجماعات المسلحة بالدخول واجتياح مناطق الشيعة في البقاع , ويتعامل مع هذه المنطقة كمنطقة عمليات عسكرية للحزب يتوافد عليها مقاتلوه , حالها كحال الجبهة الاسرائيلية , فالحزب يعتبر المجموعات التكفيرية عدوا خطيرا وكيلا عن اسرائيل , وينزه الطائفة السنية من هذه المجموعات التكفيرية, التي تخدم اسرائيل وفق منظوره.
آخر واهم المستجدات على الجبهة الشرقية للبنان:
في شهر تشرين الأول 2014 , قام اتحاد من المجموعات المسلحة لجبهة النصرة وداعش والجيش الحر بالهجوم على مواقع لحزب الله في جرود بريتال ونحلة من جهة وبالتزامن مع هجوم تمويهي للتضليل في جرود بلدات عسال الورد والجبة وفليطا السورية, في محاولة لكسر الحصار مع بداية الصقيع على المرتفعات , نشبت حينها اشتباكات عنيفة جدا بين الحزب والمجموعات المسلحة أسفرت نتائجها عن سقوط عدد كبير من القتلى في صفوف المسلحين وفشل الهجوم .
استمر الحصار من ذاك الوقت , مع تواجد دائم لمناوشات وكمائن واشتباكات متقطعة بين الحين والآخر بين الطرفين.
مع دخول الشتاء مرحلة قاسية , تترك على مرتفعات القلمون بصماتها الثلجية القارصة , حيث تنعدم امكانية العيش وتصعب الحياة , وبوجود عتاد قليل مع المسلحين الذين اختاروا شق طريق القدس من تلك الجبال , واستحكام قبضة الحزب على كل الممرات التي تؤمن لهم الدعم , وصل الحال في صفوفهم الى مرحلة حساسة تتطلب منهم التحرك لتغيير الواقع .
منذ يومين , قام الملسحون بهجوم مباغت مستفيدين من العوامل المناخية والضباب التي تحجب الرؤية, على عدة نقاط عسكرية ثابتة للحزب لتضليله , وتقدموا بشكل اساسي الى منطقة فليطا حيث حصلت مواجهات عنيفة ادت الى سقوط قتلى من المسلحين الذين سيطروا على التلال لمدة زمنية قصيرة ليستعيد الحزب السيطرة عليها من جديد ويكبد المسلحين خسائر كبيرة قبل ان يعيدوا التراجع تاركين وراءهم خسائرهم وباءت محاولتهم الجديدة لفك الحصار بالفشل.
مستقبل الحزب وسط تجربة جديدة على الحدود الشرقية:
حزب الله , تجربة تملك رؤية متكاملة عن طبيعة العدوحتى ولو غير الاقنعة , وتتمتع بشهامة الخصام والعداء وشجاعته , فهو الذي لا يترك العدو ليتممد ويرتاح فيخنقه , بل يملك جرأة الخصام في عقر دار المتآمرين منذ ان تطمع نفوسه للاعتداء. لهذا حمل لواءه وعزم القتال في سوريا ليكرس اليوم تجربة رائدة فهو الحزب الصغير المقاوم المتواضع الامكانات والعدد, يصبح قوة اقليمية وازنة تصنع المعادلات.
يؤمن الحزب بأن الزمن يثبت يوما بعد يوم وبالديل أن ما يجري في سوريا يخدم الاسرائيلي والامريكي والسعودي والقطري والتركي فقط , فلا هي ثورة شعب ولا هي حرية ويؤكد صوابية توجهاته للقتال الى جانب من وقف يوما يدعمه في حروبه وقضاياه العادلة !!
هذا الحزب يواجه المجموعات المسلحة في القلمون , ويدرك أن معركته هي جزء لا ينفصل عن صراعه مع اسرائيل وحليفتها السعودية وامريكا , التي تقف وراء هذه المجموعات وتدعمها بكل ما اوتيت.
عجز العالم , عام 2006 أمام قبضات مقاوميه وزنودهم السمراء , في حرب خاضها بالوكالة عن العالم , الجيش الذي كان لا يقهر. انتصر الحزب انذاك وأصبح مدرسة مقاومة وتجربة لكل حركات المقاومة على امتداد الجبهات..
انما هي حرب لها صولات وجولات , لها اثمان ودماء وفيها تضحيات , لن تعجز اياد غرست اعلامها في مواقع اسرائيلية من اشد المواقع تحصنا , من ان ترفع رايتها على قمم القلمون , انما هي حرب اراد الحزب لها أن تكلف وقتا كثيرا وخسائر قليلة , بدل ان تأخذ وقتا قليلا بخسائر كثيرة !!
كل هذا وشكر جزيل من اسرائيل للنصرة وداعش على خدمات اتت تستنقذ اسرائيل من زمن تحتضر فيه , ليعطيها الامل بوجود حلفاء اسلاميين من سنخيتها الحاقدة يمكنها التعايش معهم !!