الوقت- إنه لبنان مجددا و واقعه القديم المتجدد، واقع يوصف بالمذري وخاصة لجهة التفلت الأمني والسياسي والاجتماعي. تفلت ليس وليد صدفة بل نتيجة سياسة ممنهجة وتخريب مدروس والهدف دائما هو حماية عدو لبنان المتمثل بالكيان الاسرائيلي المحتل الذي يقبع في محاذاته.
وضمن مسيرة التخريب والتهديد الأمني المباشر لا زالت "فضيحة" شبكة الانترنت الغير شرعية القائمة على الأراضي اللبنانية تتفاعل وتتوالى فصولا. حيث وبعد أن كشف النائب "حسن فضل الله" رئيس لجنة الاتصالات في البرلمان اللبناني عن وجود هذه الشبكة والشكوك التي تدور حولها وحول مصدر الانترنت الذي تقوم بتوزيعه على الأراضي اللبنانية أنه من مصادر اسرائيلية بدأت الأمور تتضح أكثر فأكثر.
فحسب تقارير اعلامية فان شركات لبنانية بعضها مرخص من قبل الدولة تقوم باستيراد الانترنت من شركات مركزها تركيا وقبرص وذلك عبر تجهيزات ضخمة تقع في بلدة تربل البقاعية. لتقوم بعدها بتوزيع الانترنت عبر أجهزة أقل حجما على كل الأراضي اللبنانية. وهنا الفضيحة الأكبر حيث أن هذه الشركات تستفيد من شبكة الاتصالات الأرضية اللبنانية إضافة إلى عواميد شبكة الكهرباء لتفريع شبكاتها المحلية لتصل إلى الموزعين داخل أصغر الأحياء اللبنانية. وكل ذلك تحت مرأى ومسمع وزارة الاتصالات اللبنانية والأجهزة الأمنية المختصة.
أما عن الشركات التي تزود الشركات اللبنانية بالانترنت فان المعلومات تشير إلى أنها فروع لشركات اسرائيلية في كل من قبرص وتركيا. وذلك يؤكد أن الأمر ليس مجرد خطوة اقتصادية بهدف الربح في بلد يحكمه التفلت الأمني والمحسوبيات، إنما هناك أهداف أمنية وراء هذا الأمر إذ أن الشركات المزودة بالانترنت تستطيع التحكم بشكل كامل بكافة البيانات والمعلومات التي تنتقل عبر شبكاتها. إضافة إلى ذلك ولقطع الشك باليقين فقد أكدت المعلومات أن هناك أسماء لأشخاص كانوا متورطين سابقا في ملفات تعامل مع العدو الاسرائيلي في موضوع شبكة الباروك يملكون حاليا شركات لتوزيع الانترنت الغير شرعي.
وكان وزير الاتصالات اللبناني بطرس حرب أمس قد أكد ما كشفت عنه لجنة الاتصالات اللبنانية عن وجود شبكة مرادفة للشبكة الشرعية. مؤكدا أن هناك معلومات تشير إلى ضلوع شركات اسرائيلية في تزويد محطات التهريب باحتياجاتها.
وخلال مؤتمر صحفي رفع بطرس حرب من مستوى الخرق الأمني – الأقتصادي مؤكدا الربط الأمني بين الشبكة المكتشفة والاختراق الاسرائيلي. لا سيما أن المعلومات المتوفرة تؤكد ضلوع شركات اسرائيلية في تزويد محطات التهريب باحتياجاتها. معتبرا أن الخرق "ثلاثي الأبعاد" أولا من الناحية الاقتصادية لوجود شبكة كاملة الأوصاف وغير شرعية توزع الانترنت وخدمات الاتصال الدولي بأسعار أقل من أسعار الدولة. وتعمل هذه الشبكة منذ سنوات تحت غطاء أمني وسياسي على حد تعبير حرب. كما أكد حرب أن التقنيات المستخدمة تفوق معدات وزارة الاتصالات تكنولوجيا. ويؤكد حرب اكتشاف منشآت وأجهزة تقنية وأنظمة معلوماتية ومعدات وصحون لاقطة وأنظمة اتصالات لاسلكية وأبراج معدنية شاهقة في مواقع مختلفة في أعالي القمم اللبنانية تعمل دون ترخيص، مضيفا أن هذه البوابات تقوم بتمرير الاتصالات الدولية وحركة معلومات الانترنت من لبنان واليه عبر مسارات خارجة عن معرفة السلطة اللبنانية المعنية معرضة مضمون هذه الاتصالات والمعلومات لمخاطر وقوعها في أياد عدوة للبنان. والمعلومات تشير إلى أن خزينة الدولة اللبنانية تخسر ما لا يقل عن 60 مليون دولار سنويا بسبب الشبكة المذكورة.
ويضيف حرب "السعة الإجمالية المقدرة لهذه المعابر الدولية غير الشرعية بلغت 40 جيغابيت بالثانية تقريباً، أي ما يعادل 600 ألف خط هاتفي دولي" مؤكدا أن المنظومة المكتشفة مقتدرة وذات خبرة واسعة وقد اعتادت ارتكاب هذا النوع من الجرائم. والذي يدل على قدرات هذه المنظمة الاجرامية وكل ذلك بحسب وزير الاتصالات ردة الفعل التي قامت بها لتعطيل شبكة الانترنت الرسمية. إذ أن الشبكة الرسمية تتعرض من تاريخ 26 شباط الماضي ولغاية الان هجمة سايبرانية عنيفة تعطل يوميا ما يقارب 50 جيغابين بالثانية (أي ما يعادل 750 ألف خط دولي من أصل 2.3 مليون خط من السعات الدولية الموضوعة في الخدمة.
أما أمنيا فتؤكد التحقيقات الأولية أن الشبكات التي اكتشفت تؤمن الانترنت من شركات تتخذ فروع لها في كل من قبرص وتركيا، ومن المرجح أن تكون إحدى الشركات هي فرع للشركة الأم في الكيان الاسرائيلي. والأخطر والذي يؤكد هذه النظرية أن بعضا ممن أوقفوا للتحقيق تبين أنهم من ضمن الشبكة التي اكتشفت في الباروك بين عامي 2009 و2010 في قضية الشبكة المتعاملة مع الكيان الاسرائيلي. وحسب حرب فقد صدرت بحقهم أحكام وعقوبات عن المحكمة العسكرية، والعجيب كيف استطاع هؤلاء العودة مجددا والعمل دون حسيب أو رقيب.