الوقت- مع تزايد وتيرة الاشتباكات بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني وفرض حظر التجوال في بعض مدن جنوب شرقي تركيا ذهبت ادراج الرياح المساعي الاوروبية لحل القضية الكردية في تركيا وهكذا يبدو ان ما يسمى بالربيع العربي ترك بصامته على الاوضاع في تركيا.
وكان الاوروبيين يستخدمون سياسة العصا والجزرة مع تركيا التي تحاول الانضمام للاتحاد الاروبي حيث يريد الاروربيون حل القضية الكردية وقد استفاد الاوروبيون من ادوات كثيرة مثل الادوات المالية والمؤسساتية والقانونية المختلفة للمارسة الضغط على تركيا او لتشجيع هذا البلد على احترام القوانين والقواعد الاوروبية وخاصة ما يسمى بقواعد كوبنهاغن التي تتضمن قضايا مثل حقوق الانسان وتعدد الثقافات وما شابه ذلك.
وقد شهدنا خلال الشهور الاخيرة انتقادات اوروبية موجهة الى تركيا بسبب رد الحكومة التركية العنيف على هجمات حزب العمال الكردستاني والتأثير السلبي لذلك على حل القضية الكردية وعلى سبيل المثال يمكن الاشارة الى مسودة تقرير اعده الاتحاد الاوروبي حول تطور تركيا في عام 2016 حيث اعرب الاتحاد الاوروبي في هذا التقرير عن قلقه ازاء الاشتباكات الاخيرة وعمليات القوات التركية في المناطق الكردية داخل تركيا مطالبا باستئناف مفاوضات السلام بين ممثلي الحكومة التركية وممثلي حزب العمال الكردستاني والغاء فرض حظر التجوال في بعض مدن جنوب شرقي تركيا لكن رغم ذلك لم ينجح الاتحاد الاوروبي في دفع الاوضاع نحو الحلول المدنية بدلا عن الحلول العسكرية في تركيا وربما يمكن القول ان اوروبا التي لم تقم باتخاذ خطوات عملية في هذا المجال وتكتفي بالاقوال باتت تغض الطرف عن انتهاكات حقوق الانسان في تركيا وان اهم سبب لذلك هو ضعف الدور الاوروبي في حل القضية الكردية.
ان الاتحاد الاوروبي يعاني من ازمات سياسية وامنية واقتصادية كثيرة مثل الازمة الاوكرانية وازمة اللاجئين والازمة الناجمة عن التهديدات الارهابية والازمة الاقتصادية وان مواجهة هذه الازمات تمنع الاوروبيين من متابعة حل القضية الكردية.
وقد تركت هذه الازمات تاثيرها السلبي على السياسات والاستراتيجيات الاوروبية واضعفت وحدة الدول الاوروبية وانسجامها فيما بينها وان اثر ضعف الانسجام هذا يمكن رؤيته في مجال وضع الشروط امام الدول الاورروبية والدول التي تريد الانضمام لهذا الاتحاد مثل تركيا لمراعاة قوانين الاتحاد الاوروبي.
ان السياسات التي تتخذها الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي لمواجهة الازمات التي ذكرناها وكذلك الادوات المستخدمة في هذه السياسات قد اضرت بمكانة الاتحاد الاوروبي كجهة دولية تريد فرض مفاهيم حقوق الانسان في النظام الدولي، ان التشدد في التعامل مع اللاجئين والمهاجرين الاقتصاديين واغلاق الحدود واتباع اساليب بوليسية قاسية يدخل في نطاق هذه السياسات الاوروبية ومن الطبيعي ان تؤدي هذه الاساليب الخاطئة الى اضعاف الدور الاوروبي في حل القضية الكردية في تركيا والدفاع عن حقوق الاكراد امام انتهاكات الحكومة التركية.
ومن المعلوم ان العالم الغربي ومنه الاتحاد الاوروبي يريد رؤية تركيا مستقرة لأن ذلك يلبي مصالح الغربيين نظرا الى الحالة الامنية المتردية التي تعيشها الان منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا ولذلك نجد الغربيين يتغاضون الطرف عن انتهاكات حقوق الانسان في تركيا وقد رأى الجميع كيف هدد المسؤولون الاتراك الدول الاوروبية بفتح الطريق امام المهاجرين ليتدفقوا الى اوروبا وذلك في وقت يعتبر الاوروبيون التعامل مع تركيا اهم طريق وسبيل لوقف تدفق المهاجرين نحو اوروبا انطلاقا من الاراضي التركية.
وهكذا يمكن الجزم بأن مجريات الامور في الوقت الراهن تسير بشكل يمنع الاوروبيين من ممارسة الضغط على تركيا لتحسين اوضاع حقوق الانسان في داخلها وحل القضية الكردية.